تُعد حساسية السائل المنوي -التي تعرف أيضًا باسم فرط الحساسية تجاه بلازما المني- حالةً نادرةً تنشأ عن رد فعل تحسسي تجاه البروتينات الموجودة في السائل المنوي للرجال، قد يكون معتدلًا أو شديدًا.
يفوق عدد المصابات بحساسية المني من النساء -وفقًا للأبحاث- عدد المصابين بها من الرجال، فيبلغ عدد النساء اللواتي تعانين حساسية المني نحو 40 ألف امرأة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا غالبًا لأن معظم الدراسات التشخيصية صوبت تركيزها على المرأة. ومع ذلك يعتقد مقدمو الرعاية الصحية أن عدد الحالات ربما يفوق هذا العدد التقديري بكثير، لكن الكثيرات قد لا يشعرن بالراحة الكافية لمناقشة أعراضهن.
أما العلاقات الجنسية بين الرجال فتحتاج إلى المزيد من البحث لفهم آثار حساسية المني عليهم.
أما متلازمة اضطراب ما بعد النشوة لدى الرجال -وهي حالة من التعب تصيب الذكور بعد بلوغهم النشوة الجنسية بعد القذف- فلم يجرِ البحث حتى الآن في احتمالية وجود رابط بينها وبين حساسية المني.
الأعراض:
قد تشعر المرأة أحيانًا بالأعراض مع شريك دون آخر، ويرجع هذا إلى المزيج المميز من البروتينات والسوائل والسكريات والمكونات الأخرى التي تركب السائل المنوي للذكر، إلى جانب جيناته وأسلوب حياته ومدى اهتمامه بصحته العامة.
قد تفتعل حساسية المني رد فعل تحسسي موضعي بعد دقائق أو ساعات من التعرض للسائل المنوي، تلاحظ حينها المرأة أعراض التهاب الجلد التماسي -وهو طفح جلدي شديد الاحمرار مثير للحكة- داخل القناة المهبلية أو خارجها على الشفرين أو بالقرب من فتحة الشرج، أو أي منطقة أخرى قد تتلامس مع السائل المنوي مثل الفم أو اليدين، ويمكن التعرف على حساسية المني عبر الأعراض الآتية:
- الطفح الجلدي.
- الحكة.
- الشرى.
- الوذمة الوعائية.
- الاحمرار.
- تورم الجلد.
قد تتفاعل أيضًا الأغشية المخاطية بالفم والحلق مع المني في حالة بلعه.
وتوجد مضاعفات أخرى قد تستدعي الحاجة إلى الرعاية الطبية، نظرًا لقدرة حساسية المني على التسبب في رد فعل تحسسي شامل مثل الصدمة العصبية، وهي حالة خطيرة قد تكون مهددة للحياة، وتبدأ أعراضها في الظهور خلال دقائق بعد التعرض للسائل المنوي، وتتمثل في الآتي:
- تورم الحلق أو اللسان.
- صعوبة في التنفس، وسماع صوت أزير (صفير) في أثناء التنفس.
- الدوخة أو الإغماء.
- ضعف نبضات القلب وتسارعها.
- طفح جلدي.
- الغثيان والقيء والإسهال.
ينبغي ذكر أن الإصابة بالطفح الجلدي بعد ممارسة الجنس مباشرة ليست دليلًا على تحسس المرأة من السائل المنوي؛ فقد ينتج عن الإصابة بعدوى فطرية أو التعرض لمهيجات الجلد الأخرى، مثل بعض المواد الموجودة بالمنتجات أو الألعاب الجنسية أو نسيج السروال الداخلي.
يمكن أن يساعد الطبيب في استقصاء المسببات المحتملة التي قد تسبب أعراضًا مشابهةً لحساسية المني. ويُشار إلى أن حساسية المني لا تسبب عدوى فطرية وإن تشابهت الأعراض.
الأسباب:
لفهم سبب حساسية المني يجب أولًا ملاحظة الفرق بين السائل المنوي والنطفة (الحيوان المنوي).
الحيوانات المنوية هي خلايا جنسية تحتوي معلومات وراثية تُستخدم لعملية إخصاب البويضة. أما المني فهو السائل المنوي الصادر من الخلايا الجنسية، ويحتوي على ملايين الحيوانات المنوية.
يُعتقد على نطاق واسع أن المسبب الرئيسي لحساسية المني هو البروتينات التي تنتجها البروستات، ولكن من المرجح أن تكون بروتينات أخرى معنية في ذلك ما يقود إلى استبعاد كون النطفة المسبب الرئيسي للحساسية.
اكتشفت دراسات أخرى قدرة تراكم المواد المسببة للحساسية بالأدوية أو الأطعمة في السائل المنوي، وبالتالي تحفيز الأعراض لدى الشركاء الجنسيين الذين يتحسسون منها بالفعل. ويعتقد المختصون أن التغيرات الهرمونية مثل الحمل أو الولادة وسن اليأس كذلك قد تساهم في حساسية المني.
التشخيص:
لا توجد فئة معينة تعتبر أكثر عُرضة للإصابة بحساسية المني من غيرها، فأي امرأة تمارس الجنس دون وسائل وقاية قد تكون مُعرضةً للإصابة بها.
وأسهل طريقة يمكن اتباعها للحصول على تشخيص منزلي مبدئي لحساسية المني، تُجرى بمراقبة مدى إمكانية تجنب الأعراض باستخدام واقٍ ذكري في أثناء ممارسة الجنس.
ولأن حساسية المني تعد نادرةً ولا تعي بها الكثيرات، يصعب الحصول على تشخيص دقيق لها، ولهذا غالبًا ما تُشخص المرأة خطأً بالآتي:
- الأمراض المنقولة جنسيًا.
- عدوى الفطريات المهبلية.
- الالتهاب المهبلي (عدوى أو التهاب مهبلي).
- عدوى بكتيرية.
- التحسس من منظفات الغسيل أو صابون الاستحمام أو مبيدات النطاف أو موانع الحمل المهبلية أو الواقي الذكري.
يُنصح بمناقشة إجراء اختبار حساسية الجلد أو الدم مع الطبيب في حال الاشتباه بالإصابة بحساسية المني. ويُنصح أولًا باختبار ما إن كان الشريك مصابًا بأي مرض منقول جنسيًا قبل وضع سائله المنوي على جلد المريضة.
العلاج:
فيما يأتي وسائل يمكن اتباعها للوقاية من الأعراض أو السيطرة عليها:
استخدام الواقي الذكري:
يُستخدم الواقي الذكري في الأساس خلال العلاقة الجنسية لتفادي تلامس السائل المنوي مع الجلد، وهي أسهل طريقة علاجية وأقلها تدخلًا، أما عند محاولة الحمل فتوجد وسائل أخرى سنتحدث عنها تاليًا.
إزالة التحسس:
يُشار إليه أيضًا بالعلاج المناعي، وهي وسيلة علاجية تقوم فكرتها بتعريض الجهاز المناعي لمسبب الحساسية بهدف خلق مقاومة ضده. تستمر هذه العملية بين نحو 3 حتى 5 أعوام، لكن المقاومة قد تدوم لسنوات بعد ذلك.
مضادات الهيستامين:
يمكن استخدام مضادات الهيستامين الموضعية في حالة رد الفعل التحسسي الموضعي. ورشحت إحدى الدراسات مراهم الكروموغليسيك للمهبل. قد تساعد أدوية الحساسية في التقليل من حدة الأعراض في حالات التحسس الشديدة.
من المهم رسم خطة علاجية بين الشريكين، تُمنح بها الأولوية للحالة الصحية للطرفين، بمساعدة من الطبيب.
هل يتأثر الحمل بحساسية المني؟
لحسن الحظ، لا يوجد حتى الآن ما يثبت تأثر السائل المنوي والحيوانات المنوية بحساسية المني، وبالتالي فهي لا تؤثر على الخصوبة. ولكن التحدي الحقيقي يكمن في إمكانية ممارسة الجنس دون الواقي الجنسي وفي الوقت نفسه محاولة تجنب أعراض الحساسية.
قد تساعد الأدوية أو العلاج المناعي في التخلص من الشعور المزعج الناتج عن التحسس في الحالات المعتدلة. أما اللاتي يعانين أعراضًا شديدة فيمكنهن اللجوء إلى عملية التلقيح داخل الرحم أو الإخصاب في المختبر، حيث يُجرد السائل المنوي للشريك من مسببات الحساسية (البروتينات) قبل البدء بعملية التلقيح.
ويجب على المُصابة في كلا الحالتين مناقشة الوسائل والحلول التي يمكن اتباعها مع الطبيب، وما يترتب عليها من مضاعفات ونتائج.
أخيرًا إن التحسس تجاه السائل المنوي لأحدهم لا يدل على كونه سيئًا أو قذرًا، كما لا يعني هذا أن المصابة هي الملومة على الطريقة التي يستقبل بها جسدها السائل المنوي ويتفاعل معه. يمكن اتخاذ نهج آخر في التعامل مع حساسية المني باستغلالها فرصةً لتقييم كيفية تعامل الشريكين فيما بينهما في وجود تحديات في العلاقة.
إن تحسس المرأة من السائل المنوي لشريكها لا يدل على عدم توافقهما جنسيًا. ويمكن على النقيض أن يخلقَا من ذلك فرصةً لاكتشاف أنواع أخرى من الحميمية التي تجعلهما أكثر قربًا وتبقيهما بحالة صحية أفضل.
اقرأ أيضًا:
هل ابتلاع السائل المنوي آمن، وبماذا يتأثر مذاقه؟ ما فوائد بلع المني
هل يمكن أن أصاب بحساسية من السائل المنوي؟ الإجابة قد تكون نعم!
ترجمة: سامية الشرقاوي
تدقيق: تمام طعمة