ربما تكون المدن الذكية هي الخطوة القادمة في ظل تسارع ذوبان الجليد الناتج عن تغير المناخ. جاء في تقرير للغارديان أنه مع أوائل شهر فبراير/شباط من العام الجاري انتُشلت ٢٦ جثة من جبال الهيمالايا الهندية فضلًا عن أكثر من ١٠٠ جثة في قائمة المفقودين، في الأيام التي تلت تحطمًا لنهر جليدي، شكل انهيارًا هائلًا من المياه والحطام في وادي النهر أدى إلى تحطيم سَدّين.
وهذا ليس موضعًا للنقاش بعد الآن، إن الأهمية المتزايدة للتغير المناخي تغير عالمنا، وبدأ البشر يدفعون الثمن.
وللبنية التحتية للمدن أهمية كبيرة للحياة كما نعرفها، كما أن الكثير مما اعتُبر أمرًا مسلمًا به في القرن الماضي قد لا يصمد أمام اختبار الاضطراب البيئي.
وتهدف مبادرات المدن الذكية إلى تمكين الاتصال البشري مع الثورة الصناعية الرابعة، في حين أنها تعزز المرونة في عقلية المواطنين والقدرات الفردية، لتشجيعهم على المشاركة في تقنيات اتصال الجيل القادم ومواجهة التحدي المتمثل بتزايد الكوارث مستعينين بجناح تكنولوجي جديد من مهارات حل المشكلات، ومع ذلك يبقى السؤال مفتوحًا عن إمكانية هندسة مدن ذكية لإنقاذنا من تغير المناخ.
التغير المناخي من دون مدن ذكية
خذ مثالًا على ذلك المحنة المأساوية للناس قرب جبال الهيمالايا الهندية في ولاية أوتاخاند، عندما أفادت التقارير أن نهرًا جليديًا انفصل عن جبل ناندا ديفي مشكلًا اندفاعًا لا يمكن إيقافه من مياه الفيضانات، التي تجتاح سدّا الطاقة الكهرومائية بالقرب من نهري ريشيجانجا وداهوليجانجا.
وكان المئات من الموظفين يعملون في السدود بينما ينتشر الدمار خلال وسائل النقل والبنية التحتية الزراعية، جارفًا الجسور والطرق ومنازل مئات الماشية والأغنام والماعز.
لاحظ العلماء الذين استدعوا لتقييم السبب مدى غرابة انهيار نهر جليدي في أشهر الشتاء، ولكن كان من المتوقع أن يصبح الانصهار الجليدي المتعلق بارتفاع درجات الحرارة العالمية مشكلة عظمى في المنطقة خلال السنين القادمة.
كما أشار مسح للأراضي أُجري عام ٢٠١٩ إلى أن الأنهار الجليدية في الهيمالايا قد بدأت في الذوبان بمعدل ضعف سرعة ذوبانها منذ العام ٢٠٠٠، وبخسارة تقريبية من ٢٠ بوصة أو ما يعادل ٥٠ سم رأسيًا من الجليد كل عام.
المدن الذكية لتعزيز مرونة المواطنين
تظهر النتائج التي نُشرت في صحيفة الكريسوفير كيف يغير انهيار نهري آرو الجليديين من المشهد الطبيعي للمنطقة، بذوبانهما ببطء في البحيرات القريبة مسببين بذلك ارتفاعًا في مستوى المياه، ويمكن في النهاية أن تندمج في بحيرة واحدة خلال العقد القادم.
وكتب المؤلف المشارك في الدراسة تاندونغ ياو من الأكاديمية الصينية للعلوم، في عرض لتقريره لساينتيفيك أميركا: «يمكن أن يغير سيناريو كهذا المشهد الإقليمي بصورة كبيرة ويعيق النظام البيئي المحلي»، مضيفًا أيضًا: «يجب علينا مراقبة البحيرتين عن كثب في حال حدوث تغييرات مثل هذه».
ولا يمكن لأحدٍ منع ذوبان الأنهار الجليدية على هذا النطاق طيلة بضعة أشهر، أو حتى سنوات، لكن مبادرات المدن الذكية تهدف إلى مساعدة المجتمعات وإكسابها مرونة وقدرة على مواجهة أحداث من هذا النوع.
جمع مصادر وجهات النظر المتنوعة؛ لحل مشكلات المجتمع
تحسن المدن الذكية وهي بيئات حضارية على تحسين الإمكانات الحضرية وتقنيات المعلومات والتواصل، وتُوحد المهارات البشرية في إطار التنمية المستدامة.
تظهر دراسة نُشرت في مجلة إنترناشيونال جورنال أوف إي-بلانينغ ريسيرش: «بينما يحافظ المواطنون على الهوية الثقافية لمدينتهم، وتدير تكنولوجيا المعلومات حاجات المواطنين وتديرها، وتوجههم ليأخذوا أدوارًا فعالة كمواطنين في تطوير البنية التحتية المستدامة».
جمع المصادر في عملية حل المشكلات باستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات، كالهواتف الذكية والمنازل وعمليات تحليل سلوك المستخدم ستمكن تمارين العصف الذهني الإلكترونية من منح المواطنين القدرة على مشاركة وجهات النظر والخبرات المتنوعة للتوصل إلى حلول فريدة لمشكلاتهم.
وتنشئ أدوات ووسائل أصحاب المصلحة على البنية التحتية للمدينة:
تسمح المناهج المتحدة للمواطنين بتقليل احتمالات حدوث الفيضانات بفعالية، إضافةً إلى التقليل من أضرار أي فيضانات قد تحدث، من خلال التخطيط المكاني والاستعداد الجماعي للاستجابة لحالات الطوارئ، وستفيد مراحل تدريب المواطنين المتدرجة في المشاركة ب«المختبرات الحية» وستكون أيضًا وسيلة لتعلم مهارات جديدة في بناء بنى تحتية مقاومة ووسيلة للقيام بأدوار فعالة في البحث عن حلول جديدة وتطبيقها.
وسيجتمع أصحاب المصلحة من القطاع الخاص مع الخبراء المعنيين وسيحددون معايير المقارنة التي يجب وضعها عند التحضير للكوارث الكبرى المتعلقة بتغير المناخ كالفيضانات، وربما تنتشر أدوات وتسهيلات خاصة للحصاد واحتجاز المياه ببطء في المدن والمجتمعات المحلية، وذلك بدلًا من أساسات احتجاز المياه المستخدمة في تقييد مستويات المياه والممولة من القطاع العام.
وبهذه الطريقة، يمكن من خلال دمج إنترنت الأشياء والتحليلات بمساعدة الذكاء الاصطناعي والهواتف الذكية في أنظمة أكبر للمداولات الجماعية أن تفتح الأبواب لهندسة المدن الذكية القادرة على إنقاذنا من الخطر المتصاعد لتغير المناخ.
اقرأ أيضًا:
ما هي المدن الذكية و متى سيطبق هذا المفهوم ؟
تغير المناخ يقتل أعدادًا من الناس أكثر مما اعتقدنا!
ترجمة: حلا بوبو
تدقيق: محمد أبو دف
مراجعة: صهيب الأغبري