عندما يستنفد قمر اصطناعي وقوده، فإنه بالكاد يصبح أفضلًا قليل من أن يوصف بخردة فضائية. الآن، تهدف وكالات الفضاء والشركات الخاصة لتغيير هذا الأمر. سنعرض فيما يلي إحدى خطط العلماء لإعادة تزويد الأقمار الصناعية بالوقود ضمن مداراتها الخاصة.
استنفاد الوقود أمر مزعج دائمًا، خاصةً إن كنت قمرًا صناعيًا وحيدًا يسافر في الفضاء بسرعة 17 ألف كيلومتر في الساعة! حتى الآن، فإن أي قمر اصطناعي يحترق كل وقوده يصبح مجرد خردة فضائية، لينضم بذلك إلى مجال واسع من الحطام السابح حول لكوكبنا.
يقول راي فيلدنغ، مسؤول «استدامة الفضاء» في وكالة الفضاء البريطانية، إن ذلك يشبه شراء سيارة جديدة ثم التخلص منها بعد نفاد وقودها! يضيف: «غالبًا فإن الأقمار الصناعية أدوات عملية تمامًا، ينقصها فقط المناورة لتجنب الحطام، وأن تتزود بالوقود».
تهدف صناعة الفضاء لتغيير هذا النموذج، بالاستثمار في مشاريع تسعى لدعم إمكانية إعادة التزود بالوقود ضمن المدار. إضافةً إلى الحد من مشكلة الحطام الفضائي، قد يؤدي هذا النهج المستدام إلى تقليل النفايات، وتقليص التكاليف المرتبطة بتشغيل الأقمار الصناعية.
إحياء الأقمار الفضائية الميتة:
تعمل شركة «أوربت فاب» -ومقرها كولورادو- على توفير خدمة شاملة لإعادة تزويد الأقمار الصناعية بالوقود بحلول عام 2025. تخطط الشركة لتقديم خدمات إعادة التموضع، ما قد يسمح بعمليات أطول وأكثر تنوعًا للأقمار الصناعية. الوقود المُخطط لاستخدامه مُتاح بالفعل حاليًا، وتبلغ تكلفته 20 مليون دولار لكل 100 كيلوغرام من الهيدرازين، وقود الصواريخ الشائع.
لتحقيق ذلك، تقترح أوربت فاب إنشاء شبكة من مستودعات الوقود في المدار، وأسطول من مكوكات الوقود للالتحام بالأقمار الصناعية للعملاء وتزويدها بالوقود.
العنصر الأساسي هنا هو واجهة إعادة التزود بالوقود الخاصة بالشركة، وهي واجهة نقل السوائل القابلة للربط السريع، اختصارًا (RAFTI).
تقرّ الشركة بضرورة وجود معيار دولي لواجهات التزود بالوقود. إذ صدرت تصاميم (RAFTI) بموجب ترخيص مفتوح عام 2021، ما يعني أنه يمكن لأي شخص أو جهة إنتاجه. وقد دُمج التصميم بالفعل في أكثر من 100 قمر اصطناعي تجاري. مع ذلك، فإن غالبية الأقمار الصناعية في المدار ليست متوافقة أو مدعومة بذلك.
يقارن فيلدنغ هذا الوضع بشواحن الهواتف الخلوية، محذرًا من أن يؤدي الوضع إلى مجموعة مربكة من الحلول غير المتوافقة. تدرس وكالة الفضاء البريطانية مجموعة من الواجهات، متضمنةً (RAFTI)، للتوصل إلى أفضل الحلول، وتخطط لمشاركة النتائج مع المجتمع الدولي للتشجيع على اعتماد معيار دولي.
أيضًا، ستؤثر نتائج الاختبار في اختيار وكالة الفضاء لواجهة البعثة القادمة الهادفة لإزالة الحطام، والتي ستدمج تكنولوجيا التزود بالوقود. تأتي هذه البعثة بالتعاون مع شركاء صناعيين مثل (ClearSpace) ويُتوقع إطلاقها عام 2026. تهدف البعثة لإزالة 4 أقمار صناعية متهالكة على الأقل من المدار، بدفعها إلى الغلاف الجوي السفلي باستخدام ذراع روبوتية.
موقف وكالة ناسا:
تعمل وكالة ناسا على تطوير تكنولوجيا لإعادة تزويد الأقمار الصناعية بالوقود، وذلك من خلال مهمة (OSAM-1).
مهمة (OSAM-1) هي مركبة مصممة لإعادة تعبئة الأقمار الصناعية في الفضاء. يشمل ذلك الأقمار غير المصممة أصلًا ليُعاد تعبئتها، وهو أمر لا يدخل ضمن مخططات أوربت فاب. كان من المقرر إطلاق مهمة (OSAM-1) -جزءًا من برنامج مهمات العرض التكنولوجي لناسا- عام 2026، لكن أُبلغ عن تأخير متوقع مترافقًا مع زيادة التكلفة.
تخطط ناسا لإظهار قدرات (OSAM-1) من خلال إعادة تعبئة (Landsat-7)، وهو قمر اصطناعي مصمم لرصد الأرض أُطلق عام 1999. تأمل البعثة لعرض مجموعة من التقنيات الجديدة، تتضمن أنظمة متقدمة لتمكين الوصول التلقائي الموثوق لـ (OSAM-1) للتراص مع مركبات أخرى.
اختتم فيلدنغ حديثه قائلًا: «إن آخر ما نريده هو أي شكل من التصادم بين هذه الأجسام، لذا فإن الأجهزة الاستشعارية، وجوانب التعرف، والقدرة على فهم الواجهات المطلوبة وإتمامها تلقائيًا هي أمور أساسية».
اقرأ أيضًا:
هل تود العيش على سطح المريخ؟ ناسا تبحث عن متطوعين
تلسكوب جيمس ويب الفضائي يؤكد وجود خطأ كبير في فهمنا للكون
ترجمة: زين العابدين بدور
تدقيق: علي بلوه