منذ خمس سنوات فحسب، لم نكن نعتقد أننا سنتصفح الإنترنت بانتظام باستخدام أجهزتنا المحمولة. ومنذ عشرين سنة، لم يكن أكثرنا يفكر بشأن الإنترنت من الأساس، فماذا يمكن أن يحمل لنا المستقبل مع هذا التطور السريع للتكنولوجيا؟
مع تطور التكنولوجيا، مازال الإنترنت طفلًا، إذ يمكنك تتبع جذوره إلى خمسينيات القرن العشرين، عندما كانت تقنيات الحاسوب ذاتها ما زالت جديدة، وفي الستينيات والسبعينيات عمل فريق من المهندسين وعلماء الحاسوب لبناء أساس الشبكات الحاسوبية، وهي شبكة ARPANET، إحدى أقدم شبكات الإنترنت التي بدأت بتواضع شبكةً ثلاثية العُقد، وتدريجيًّا بدأ الأذكياء يربطون الشبكات مع بعضها باستخدام بروتوكولات مشروع ARPANET، وفي الثمانينيات أثبتت هذه الشبكة كونها أداةً فعالةً للتواصل والبحث، وبعد عقد واحد أصبح العامة على دراية بماهية الإنترنت، فهو شبكة عالمية يستطيع المستخدم العادي الوصول إليها بسهولة.
إذن كيف سيكون الإنترنت في المستقبل؟ لقد توصلنا في السنوات القليلة الماضية إلى الحوسبة المتنقلة، إذ تجعل شبكات الحاسوب اللاسلكية والاتصالات الخلوية عالية السرعة الاتصال بالإنترنت عمليةً سهلةً، فتبقى الأجهزة متصلةً بالإنترنت ما لم توقفها عن التشغيل، أو تضبطها على وضع الطيران. ربما يعطينا ذلك إشارةً عمّا سيكون عليه الإنترنت عام 2050.
من المتوقع أن يترافق تطور الإنترنت مع تطور الحوسبة المتنقلة، إذ ستتحقق ميزات الإنترنت في المزيد من الأجهزة والمنتجات، وستزيد تغطية الشبكات، وستستطيع المزيد من الأجهزة الاتصال بالشبكات اللاسلكية، وستعمل أجهزة تشغيل الإنترنت اعتمادًا على وصلات عالية السرعة، قادرة على إرسال البيانات بسرعات فائقة، فستتمكن من إرسال كم هائل من البيانات عبر الشبكة في زمن قياسي.
من المتوقع أننا بحلول عام 2050 سنرى عالمًا افتراضيًّا يتفوق على العالم الواقعي، وحتى على العالم الرقمي الذي أنشأناه عبر الإنترنت، إذ من المتوقع أن نصبح قادرين على رؤية العالم الافتراضي بوسائل مثل زرع أعين تمكننا من رؤية العالم الرقمي دون الحاجة إلى وسيلة عرض. حتى وإن عددنا تغيير أنفسنا أمرًا غير أخلاقي، فبوسعنا تحقيق ذلك باستخدام نظارات بها إمكانية العرض.
تخيل أنك، بينما تنظر حولك، تُفعِّل خاصية العرض الرقمي فتظهر أمامك المعلومات المتنوعة، يمكنك استخدام هذه القدرة لأداء مهام يومية، مثل البحث عن مطعم مناسب أو التواصل مع مالك العقار الذي أعجبك، لكن هذه مجرد بداية! فماذا لو استطعت تبديل العرض لترى ما كانت تبدو عليه مدينتك منذ قرون مضت؟ تخيل رحلة سياحية إلى روما في زمن يوليوس قيصر. يمكن أن يحدث ذلك بالانتشار الواسع للإنترنت إلى جانب تكنولوجيا الهاتف المحمول المناسبة.
لكن هل يأتي ذلك على حساب الخصوصية؟ لقد رأينا كيف أن استخدام الأجهزة المحمولة والإنترنت جعل معلوماتنا الخاصة جزءًا من السجلات العامة. ماذا لو كان بوسعك استخدام نظاراتك المتصلة بالإنترنت للبحث عن معلومات عن شخص ما يقف إلى جوارك؟ تخيل أنك التقيت بشخص ما تفكر في مواعدته، ستستخدم برنامج التعرف على الوجوه والاتصال بالإنترنت، ويمكنك أن تصل سريعًا إلى ما تريد معرفته من معلومات، مثل الشبكات الاجتماعية التي يستخدمها هذا الشخص، وستظهر المعلومات في هيئة سحابة حوله، وسرعان ما ستتعرف على اهتماماته وآرائه وحتى حالته العاطفية. لكن ذلك لن يبدو غريبًا إذ يفعله الكثيرون حولك.
هل يصبح هذا التصور المستقبل الحقيقي للإنترنت؟ لقد حذرنا مؤلفو الخيال العلمي من الحكومات والشركات التي تستغل معلوماتنا الشخصية لأغراض شنيعة. فما رأيك؟ هل ترى أن الإنترنت سيصبح جزءًا من الواقع في عالمنا الحقيقي، أم سيظل الإنترنت والواقع أمرين منفصلين دومًا؟ شاركنا برأيك في التعليقات!
اقرأ أيضًا:
تاريخ الانترنت منذ شبكة الأربانت ARPANET وصولًا الى الشبكة العنكبوتية العالمية
ترجمة: فارس بلول
تدقيق: عبد الرحمن عبد
مراجعة: أكرم محيي الدين