هل يكون اتخاذنا قرار الطلاق وراثيًا؟!
الطبيعة أم التربية؟!
عندما يكثر الطلاق ضمن العائلة نتساءل عن السبب، فهل ينتقل الطلاق من جيل إلى آخر لأنّ الأطفال يقضون أكثر وقتهم مع والديهم المنفصلين، أم لأنّ الأبوين يمرران “جينات الطلاق” إلى أطفالهم؟!
اُعتمدت دراسات سابقة كانت قد أظهرت باستمرار أنّ أطفال الأبوين المطلقين أكثر عرضة للطلاق بدورهم عندما يبلغون سن الرشد. لكن لماذا؟
هل يحدث ذلك لأنّ العامل الوراثي يلعب دورًا في ذلك؟ أم أنّ السبب هو العوامل النفسية والاجتماعية، كأنْ يميل الأطفال إلى تقليد آبائهم؟!
أُجريت دراسة جديدة ستنشر قريبًا في صحيفة Psychological Science، تعطي اهتمامًا أكبر لهذا الموضوع. وقاد البحث علماء في جامعة Virginia Commonwealth University (VCU) في ريتشموند، بالتعاون مع فريق في جامعة Lund University في السويد.
وكان الكاتب الرئيسي في هذه الدراسة جيسيكا سلفاتور، وهي أستاذ مساعد في علم النفس- كلية العلوم الإنسانية في جامعة VCU.
لماذا يكثر الطلاق ضمن العائلة الواحدة؟!
استخدمت سلفاتور وفريقها ما يُسمى بنماذج كلاسيكية، وأخرى متبنّاة، لدراسة البيانات المأخوذة من مناطق محلية في السويد.
وتشرح في حديثها مع موقع Medical News Today عن المنهج الذي اُعتمد في الدراسة فتقول: «الفكرة الأساسية في استخدام نماذج مُتبناة أنها تفيد في الإجابة عن سؤال إن كان الطلاق يكثر في العائلة بسبب عوامل وراثية وبيئية.
فقد صنّفنا النماذج ضمن مجموعتين، بحثنا في المجموعة الأولى فيما إذا كان الأبناء المتبنون، الذين يعودون لآباء بيولوجيين مطلقين، يميلوا لإنهاء الزواج بشكل أكبر من غيرهم، وبحثنا أيضًا عن ذلك لدى أفراد المجموعة الثانية التي ضمّت الأبناء المتبنين الذين يعودون لآباء بيولوجيين غير مطلقين.
فإن كان الأطفال المتبنون يمثلون آبائهم البيولوجيين نعلم عندها أنّ العامل جيني. وإن كانوا يمثلون آبائهم غير البيولوجيين، نستنتج عندها أنّ السبب عائد للتربية في عائلة منفصلة، إذ أنّ هؤلاء الآباء يقدمون لأبنائهم البيئة لا الجينات.»
عند تحليل العينات بشكل كلاسيكي لدراسة تناولت 19,715 شخص متبنّى، وجدنا أنّ 52% من الذكور كان لديهم قصة طلاق مشابهة لوالديهم البيولوجيين، لا لوالديهم غير البيولوجيين.
وعندما أجرى الباحثون تحليلًا موسّعًا تناول 82,698 طفل مُتبنى، وجدوا تأثيرًا ملحوظًا للعامل البيئي.
حاول الباحثون بعدها تأكيد هذه النتائج من خلال تحليل بيانات الجيل نفسه من الأطفال المتبنين وأشقائهم البيولوجيين، فتوصّلوا إلى أنّ الأطفال المتبنين يمثلون أشقائهم البيولوجيين في اللجوء إلى الطلاق، لا لإخوتهم غير البيولوجيين.
فاستنتج الباحثون أنّ العوامل الجينية ساهمت في انتقال الطلاق عبر الأجيال، بشكل أكبر من تأثير العوامل البيئية.
صورة مختلفة حول الطلاق:
تحدثت سلفاتور إلى MNT عن ملاحظات هذه الدراسة ومدى قوة نتائجها وحدودها قائلة: «لقد فوجئنا بهذه النتائج، فالدراسات السابقة التي اهتمت بتكرار حدوث الطلاق ضمن العائلة ركّزت بشدّة على الآثار الضارّة للتربية ضمن أسرة منفصلة ونتائجها على استقرار الحياة الزوجية للأبناء فيما بعد، لكن في دراستنا هذه تغيرت الصورة.
إذ تقترح هذه الصورة أنّ السبب يعود للجينات التي يتشاركها الآباء والأبناء بشكل أكبر من اختبارهم انفصال والديهم.
وتكمن قوّة هذه الدراسة في استخدام نماذج متبنّاة سمحت لنا بالفصل تمامًا بين العوامل الجينية والبيئية.
لكننا نعترف بكون هذه الدراسة محدودة بعض الشيء، فإن كان هناك اتّصالًا وثيقًا بين الأبناء المتبنين وآبائهم البيولوجيين قبل حدوث التبني فذلك يمكن أن يُسبب انحيازهم لاحقًا إلى التصرف بشكل مشابه، لكنّنا على أية حال جمعنا بيانات دقيقة اقترحت عدم وجود تأثير لهذا الأمر.»
- ترجمة: سيلڤا خزعل
- تدقيق: مينا أبانوب
- تحرير: زيد أبو الرب