ستطلق أوبن إيه آي شات جي بي تي مع البحث، ما يجعلها تدخل في المنافسة مع غوغل، وهذا مهم في هذا التوقيت لأن تراجع محرك البحث الخاص بغوغل يشكل واحدة من أكبر المشكلات في عالم الإنترنت الحديث، فبعد أن كان جزءًا أساسيًا من استخدام الويب، أصبح أداؤه اليوم محض ذكرى بسبب امتلائه بمحتوى مزعج مكرر يولده الذكاء الاصطناعي وترفع من شأنه عمليات التحسين لمحركات البحث.
الميزة التي أعلنتها شركة أوبن إيه آي قد تحل مكان محرك البحث غوغل بالنسبة لبعض الأشخاص، إذ ستزوّد (AI assistant) بإمكانية البحث في الويب لتأمين الإجابات مع إرفاق مصدر في أثناء المحادثات. والاسم الرسمي لهذه الميزة (شات جي بي تي مع البحث)، وستجعل البحث في الويب تلقائيًا بناءً على أسئلة المستخدمين، مع خيار لتفعيل البحث يدويًا من أيقونة بحث الويب الجديدة.
تأمل أوبن إيه آي أن القدرة الجديدة ستبسّط البحث على الويب بتقليص الحاجة لعمليات البحث المتعددة واستكشاف الروابط المختلفة التي نحتاج إليها في البحث التقليدي أحيانًا، فبوسع المستخدمين سؤال أسئلة متتابعة ليعتمدها شات جي بي تي بكامل سياق نص المحادثة عند البحث عن الإجابات.
تأتي كل نتيجة بحث في شات جي بي تي مع رابط اقتباس، وبوسع المستخدمين النقر على زر المصادر أسفل الردود لاستعراض المواد المرجعية في الشريط الجانبي الذي يظهر بجانب سجل الدردشة.
يعمل نظام البحث الجديد على نسخة محسنة من GPT-4o، وبحسب أوبن إيه آي فقد دُرب هذا النظام باستخدام بيانات اصطناعية من نموذج المعاينة o1 . فقد كان شات جي بي تي قادرًا على البحث في الويب سابقًا، لكن غالبًا ما يقدم نتائج قديمة أو لا صلة لها بالموضوع، أما هذا التحديث الجديد فهو يشبه النموذج الأولي (بحث جي بي تي) الذي أطلقته أوبن إيه آي في يوليو 2024 باتباع مقاربة جديدة لجلب محتوى أحدث.
في جلسة الأسئلة والأجوبة بعد التجريب الذي استضافته أوبن إيه آي، لم يحدد ممثلو الشركة بدقة إذا جاءت معلومات البحث من بينغ (محرك بحث مايكروسوفت) أو من فهرس البحث الخاص بها، بل قالو إنها مستمدة من مزيج من المصادر والمنظمات الإعلامية الشريكة.
يساعد شات جي بي تي مع البحث على استفادة أوبن إيه آي من شراكات النشر الجديدة، وعلى إعادة صياغة العلاقات مع الشركات الإعلامية بشيء يتجاوز مجرد جمع بيانات الويب لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، فهذا ما تسبب بمشكلات قانونية سابقًا.
سحب المحتوى المصرح به
ليست أوبن إيه آي الشركة الوحيدة التي تستكشف البحث على الويب باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ يقدم مايكروسوفت كوبايلوت ميزات مماثلة، وكذلك بيربليكسيتي الذي أحدث ضجة في مجتمع الذكاء الاصطناعي بتحديه لهيمنة غوغل على البحث ثم واجه اتهامات من الناشرين بأنه ضم محتواهم دون إذنهم.
وهنا تظهر أهمية علاقات الشراكة لشركة أوبن إيه آي بوصفها ميزة محتملة، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أسست شراكات جديدة مع مؤسسات إخبارية رئيسية، فتعاونت مع كل من:
وكالة أسوشيتدبرس، وأكسل سبرنيغز، وكوندي ناست (الشركة الأم ل أرس تكنيكا)، ودوتداش ميريديث، وفاينانشال تايمز، وصحيفة جيدي، وهيرسيت، ولو موند، ونيوز كورب، وبريسا، ورويترز، وأتلانتيك، وتايم، وڤوكس ميديا.
ومن مظاهر هذه التعاونات إدماج أوبن إيه آي للمعلومات المنسقة حسب الطلب في ميزة البحث الجديدة عبر فئات (مثل الطقس والأسهم والرياضة والأخبار) إلى جانب التصميمات المرئية الجديدة للمحتوى.
وفي اختبار عملي لشات جي بي تي مع البحث، بدا أن الميزة الجديدة تسحب باستمرار روابط ذات صلة من الويب في أثناء إجابة الأسئلة. لكنها لم تكن مثالية، فقد أجابت ببعض المصادر العشوائية هنا وهناك، وأحيانًا مع صور ليست ذات صلة بجانب النتائج.
وبالحديث عن الصور، أصبح شات جي بي تي قادرًا على عرض محتوى رسومي من الويب لأول مرة (يشبه البحث عن الصور في غوغل تقريبًا ولكنه محدود)، ويستطيع أيضًا عرض مواقع على الخريطة.
من المحتمل أن كل هذه الطرق الجديدة لشات جي بي تي تشير إلى تفضيل موقع واحد أو مصدر للمعلومات أو شركة أو ماركة أو متجر، وهذا ما يطرح سؤالًا كبيرًا: هل ستُقدم أوبن إيه آي على وضع محتوى تفضيلي لشركائها والمعلنين في المستقبل؟ وعندما سُئل ممثلو الشركة عن تفضيل ميزة البحث هذه لنتائج الشركاء الإعلاميين رد ممثل الشركة بأن أي موقع أو ناشر قد يظهر في بحث شات جي بي تي وبإمكانهم اختيار عدم الظهور إن شاؤوا.
تخطط أوبن إيه آي في المستقبل لإضافة ميزة جديدة للبحث مع إجابات مخصصة لاستفسارات التسوق والسفر، وتخطط أيضًا لاستخدام سلسلة o1 للحصول على إمكانيات بحث أعمق وتوسيع تجربة البحث باستخدام وضع الصوت المتقدم وميزات Canvas.
اقرأ أيضًا:
خمسة وعشرون عامًا على إطلاق محرك بحث غوغل، هل سيصمد أمام الذكاء الاصطناعي؟
وفقًا لبحث جديد، محرك البحث في جوجل سيكون مدعومًا بالذكاء الاصطناعي قريبًا
ترجمة: ديانا عيسى
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: باسل حميدي