الإصابة بالتهاب القولون التقرحي تؤدي إلى استجابة مبالغ فيها من قبل الجهاز المناعي في الجسم، وبالتالي حدوث التهاب في بطانة القولون وتشكّل التقرحات، وهذا الالتهاب يؤدي بدوره إلى ظهور بعض الأعراض، مثل الإسهال والبراز المدمّى وتشنج المعدة.
قد تساعد بعض العلاجات في تخفيف الالتهاب والأعراض الناجمة عنه، ومنها العلاج الدوائي -الأدوية البيولوجية خاصةً- وشرب الشاي على سبيل المثال، إذ إن شرب كوب واحد من الأعشاب أو الشاي الأخضر يوميًا يُعد علاجًا مساعدًا لمرضى التهاب القولون التقرحي، وهو غير مكلف وسهل التحضير وأكثر صحة من المشروبات الأخرى.
بحثت إحدى الدراسات التي أُجريت عام 2017 في الطريقة التي يقلل بها البوليفينول -المادة الموجودة في الشاي الأخضر- من الالتهاب المصاحب لأمراض الأمعاء عمومًا، وتوصلت دراسة أخرى إلى أن الأشخاص الذين يشربون الشاي قد يكونون أقل عرضة للإصابة بالتهاب القولون التقرحي، أما الأشخاص الذين يشربون الكثير من المشروبات الغازية فقد يكونون أكثر عرضةً للإصابة بالالتهاب.
قد يكون الشاي إضافة مفيدة في أثناء تلقي العلاج، مع أنه ليس بديلًا عن العلاج الدوائي. قد ينتج عن الأدوية بعض التأثيرات الجانبية المزعجة، مثل الصداع والغثيان، وهذا غالبًا السبب في لجوء نحو 60% من مرضى التهاب الأمعاء إلى العلاجات المكملة المساعدة التي تساعدهم على تخفيف أعراضهم.
كيف يخفف شرب الشاي من الالتهاب؟
تساعد مادة البوليفينول على تخفيف الالتهاب والأعراض لدى مرضى التهاب الأمعاء، فهي تحوي مضادات الأكسدة التي تحمي من التأثيرات الضارة للجذور الحرة المؤذية لخلايا الجسم.
للشاي الأخضر والأسود والأعشاب خصائص مضادة للالتهاب. إذ يحتوي الشاي الأخضر على مادة بوليفينول قوية تُسمى epigallocatechin-3-gallate, EGCG، وهي مادة فعالة جدًا في الحد من الالتهاب حسب الدراسات التي أُجريت على الحيوانات والبشر.
هذا هو السبب في أن شرب الشاي الأخضر قد يكون مفيدًا في الوقاية من بعض الأمراض المختلفة وعلاجها، مثل داء السكري وأمراض القلب والتهابات المفاصل.
شاي البابونج:
استخدم الإنسان البابونج علاجًا فعالًا لآلاف السنين، وهو عشبة طبية مشهورة بخصائصها المضادة للالتهاب والأكسدة.
قد يساعد البابونج في علاج مرضى التهاب القولون التقرحي بطرائق عدة، فهو مفيد في مشكلات الجهاز الهضمي وأمراضه، إذ يهدئ المعدة ويخفف من الغازات ويريح الأمعاء ويقلل من تقلصها وتشنجها عند معظم الأشخاص. إضافةً إلى ذلك، لقد تبين أن البابونج مفيد أيضًا في تخفيف الإسهال عند مرضى التهاب القولون التقرحي، وخاصة عند الأطفال.
التعايش مع مرض مزمن مثل التهاب القولون التقرحي قد يكون مرهقًا ومتعبًا جدًا، لذلك سيريح شرب كوب واحد من البابونج العقل ويهدئه لما يملكه من تأثيرات مهدئة، إضافةً إلى دوره في تخفيف القلق والاكتئاب.
الشاي الأخضر:
تخفض مادة البوليفينول مستويات المواد الكيميائية التي لها دور في الحدثية الالتهابية، مثل العامل المنخر للأورام ألفا TNF-α والإنترلوكينات، وهي المواد نفسها التي تستهدفها الأدوية البيولوجية التي توصف لمرضى التهاب القولون التقرحي.
في دراسة أُجريت على الفئران، كان تأثير مادة البوليفينول في تخفيف الالتهاب وتقليل شدة التهاب القولون التقرحي شبيهًا بتأثير دواء السلفاسالازين، ولكن مع تأثيرات جانبية أقل. لم يتضح بعد مدى فعالية البوليفينول على البشر المصابين بالتهاب القولون التقرحي.
شاي الزنجبيل:
كان الزنجبيل عنصرًا أساسيًا في الطعام الصيني والأدوية لأكثر من 2500 عام.
إنه غنيٌّ بمواد البوليفينول المضادة للأكسدة والالتهابات.
أظهرت دراسة أُجريت عام 2016 على الأشخاص المصابين بالفصال العظمي «الداء المفصلي التنكسي» أن الزنجبيل قد خفض من مستويات TNF-α والإنترلوكين-1.
كانت معظم الدراسات التي أُجريت حول فائدة الزنجبيل في التهاب القولون التقرحي على الحيوانات، ولكن في إحدى الدراسات التي أُجريت على البشر، عانى المرضى الذين تناولوا الزنجبيل مدة 12 أسبوعًا أعراضًا أقل حدة، وكانت نوعية حياتهم أفضل. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الزنجبيل يفيد في علاج التهاب القولون التقرحي، ولكنه قد يكون بمثابة علامة واعدة.
درس الباحثون فائدة علاج مرضى التهاب القولون التقرحي بجسيمات نانوية صغيرة جدًا مصنوعة من الزنجبيل، إذ تُوصّل هذه الجزيئات مباشرة إلى بطانة الأمعاء الملتهبة، وأشارت الأبحاث أن هذه الجزيئات قد تفيد في تخفيف الالتهاب والحد من التأثيرات الجانبية.
شاي الدردار الزلق:
لقد استخدم العديد من السكان اللحاء الأحمر لشجرة الدردار الزلقة علاجًا لبعض الأعراض مثل السعال والإسهال، ويحاول الباحثون معرفة مدى فائدة هذه العشبة في تخفيف الالتهاب عند مرضى التهاب الأمعاء. حتى الآن النتائج واعدة ولكنها ليست قاطعة.
شاي عرق السوس:
عرق السوس عشبة لها جذور طبية، ويضفي نكهة حلوة ومالحة طبيعيًا على الشاي، وله خصائص مضادة للالتهاب قد تفيد مرضى التهاب القولون التقرحي.
الخلاصة:
مع أن العديد من الأعشاب -ومنها الشاي- قد أظهرت نتائج واعدة في علاج التهاب القولون التقرحي، ما تزال هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد فاعلية الشاي عند مرضى التهاب القولون التقرحي، إضافة إلى معرفة مقدار ما يحتاج المريض إلى شربه من أجل التحسن.
عمومًا، الأعشاب آمنة جدًا، مع أنها قد تسبب تأثيرات جانبية في بعض الأحيان. لذلك، يُفضل مراجعة الطبيب قبل تجربة أي نوع من هذه الأعشاب، حتى لو كانت طبيعية تمامًا.
اقرأ أيضًا:
التهاب القولون التقرحي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
الحمية المناسبة لمرضى التهاب القولون التقرحي
ترجمة: يمام نضال دالي
تدقيق: حسين جرود