هل يُعد الكربون عدوًا بالفعل؟
يقول المعماري وليام ماكدونو « يجب على العالم أن يستغل الكربون كمدّخر لا أن يحمّله مسؤولية الضرر الناتج».
أوكسيد الكربون ضار، فهو يسبب الاحتباس الحراري. أوكسيد الكربون سياسي، إذ تريد ديمقراطيات الولايات المتحدة وضع قوانين للحد من انبعاثاته في الجو بينما تريد الجماهير المقادة من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترامب التخلص من هذه القوانين. إلّا أنَّ وليام ماكدونو قال بأنَّ كل هذا خاطئ. «الكربون ليس عدوًّا » بهذه الكلمات افتتح خطابه في المؤتمر البيئيSXSW الحديث. تصدَّر هذا التعليق المنشور في صحيفة Nature. حيث كتب «نحن من نجعل الكربون سامًّا» كما أضاف «عندما يُستخدم الكربون في المكان المناسب فهو مصدرٌ وأداةٌ مفيدة».
ماكدونو مؤسس شركة وليام ماكدونو وشركاؤه، معماريٌّ شهيرٌ عالميًا ومصمِّمٌ ومخطِّطٌ مدني. قاد العديد من النشاطات في التصميم التي أثّرت على عناوين الكتب الأكثر مبيعًا لديه ككتاب Cradle to Cradle وكتاب The Upcycle كما أثّرت على فكرة الاقتصاد الدوري1. أيّدَ الجميع تصميمَ أساليبَ أذكى لاستخدام المصادر لتكون مستدامةً أكثر والتقليل من النفايات بالإضافة إلى الحصول على آثارٍ إيجابيةٍ بدلًا من محاولة تقليل السلبيات فقط.
تضمنت ملاحظته الأخيرة على وجوب تغيير الكلام المتداول سواء بين المواطنين أو السياسيين حول الكربون. تابع بالقول «التغير المناخي هو انهيار سبَّبه الإنسان في الدورة الطبيعية للكربون». يمكننا استعادة الدورة الطبيعية للكربون بإعادة التفكير في تصاميم الأشياء خاصةً المدن واستغلال الكربون لأهداف الإنسان للحصول على آثار بيئية إيجابية بدلًا من الضرر الناجم عنه.
إذ ادّعى أنَّ العمل الأساسي في تنظيم استخدام الكربون لا يُجدي. «السعي لتقليل التلوث يعني التقليل من السلوك السيء، بدلًا من ذلك علينا أن نتساءل حول ما يمكننا القيام به للحصول على إيجابيات» تلك كانت ملاحظته في المؤتمر البيئي SXSW.
في هذه الحالة، فإنَّ تصميم المدن هو المقترح الحقيقي الرئيسي. من الممكن أن تكون المباني والمدن « كربون إيجابي ». في الواقع، يجب على العالم أن يفكر في استعمال الكربون بأساليب جديدة لتحقيق هذا الهدف. أضاف ماكدونو فرعًا من المعرفة إلى دورة الطبيعة لديه، تتركز على فكرةٍ مضمونها أنّهَ بدلًا من إطلاق الكربون في الجو علينا توجيهه إلى قنواتٍ لتشكل مادة الكربون الصلبة من الأشجار الجديدة والبلاستيك وضِمنَ التربة وذلك لإعادة بنائها. في هذه المرحلة يعود الكربون الحي إلى الطبيعة لنحصل على تربةٍ ومحاصيلَ وغاباتٍ أكثر صحة.
يُستخدَم الكربون الصلب كمادةٍ خامّة لصناعة المواد القابلة لإعادة الاستخدام كالورق والقماش والبلاستيك القابل لإعادة التدوير أو يتم التخلص منه بوضعه في الحجر الجيري تحت الأرض. أمّا بالنسبة لانبعاثات الكربون التي هي عبارةٌ عن غازٍ يتسرب أو ينبعث في الجو فبدلًا من تركها تنبعث في الجو يمكننا أن نحولها إلى كربونٍ صلب أو كربونٍ حي. يقول ماكوندو عن غاز ثاني أوكسيد الكربون في المؤتمر البيئي SXSW أنه «بدلًا من أن يكون هو المسؤول عن الضرر الناجم سيكون مدّخرًا في التربة».
وتابع بالقول «نتيجةُ فلسفة هذا التصميم ليست مكافحة ما يحول إليه العالمُ الكربونَ لشكلٍ سلبي من تلوث الهواء والأرض والمياه بل ليكون عنصرًا طبيعيًّا على الأقل». والأفضل من ذلك، يمكن للعالم أن يكون ذو كربونٍ إيجابي «بالتركيز على عمليات تحويل الكربون في الغلاف الجوي لأشكال أخرى كالتي تعزز عناصر التربة أو إلى شكل صلب كالبوليمر2 والمواد التجميعية الصلبة». فقد ذكر في صحيفة Nature مايتضمنه أيضًا المجتمع ذو كربونٍ إيجابي من مواد لإعادة تدويرها هي « مواد عضوية، مخلفات الطعام، سماد بوليمير ومياه المجاري » لتحويلها إلى مواد مغذية للتربة.
يمكن للتوقع الجديد أيضًا أن يرمّم الفلسفة التنظيمية لاستخدام الكربون. يدَّعي جزءٌ كبيرٌ من المحتجين السياسيين والاقتصاديين على عملية ضبط الانبعاثات المقترحة والموجودة بأنَّ ذلك سيزيد من تكلفة المنتجات واستهلاك الكهرباء. بينما صرَّح ماكوندو في المؤتمر البيئي SXSW بأنَّه “يمكننا تجنب تكلفة هذا التنظيم بتجنب عملية التنظيم بحد ذاتها، فبإيقاف انبعاثات الكربون لن يكون هناك حاجةٌ للإذعان”. إن تصميم المنتجات والأبنية والمدن ووسائل النقل لتكون ذات كربون إيجابي يجعل منه جدل مذعَن.
بالتأكيد عمل ماكوندو أكثر من مجرد الكتابة أو التحدث عن هذه الأفكار. صمم ماكوندو مشروعًا ضخمًا مثالًا لهذه الفلسفة. من ضمنها مركز Adam Joseph Lewis للدراسات البيئية في كلية أوبيرلين الذي تضمن أفكارًا أخرى كتنقية مياه الصرف الصحي ومياه المجاري لتشكيل مُركَّباتٍ غنية عضويًا وتوليد طاقة شمسية تفوق حاجتنا. بالإضافة لذلك تضمن فكرةً أخرى أيضًا هي حديقة الأعمال التجارية مترامية الأطراف تدعى Park 20|20 وحديقة Schiphol Trade في هولندا ومعمل حديقة Hero MotoCorp في الهند ومصنع Ford Motor Company’s River Rouge في ميشيغان. اختتم كلامه في صحيفة Nature عن الهدف الذي من الممكن أن يكون «متنوعًا بشكلٍ مبهِج وآمنٍ وصحي ويمنحنا عالمًا بهواء نظيف وتربةٍ نظيفةٍ ومياهٍ نظيفةٍ وطاقة وذلك اقتصاديًا، بشكلٍ عادل، بيئيًا، وممتعٌ بشكلٍ ظريف».
1الاقتصاد الدوري: هو الاقتصاد الصناعي الذي يشجع على زيادة إنتاجية الموارد للحد من النفايات وتجنب التلوث.
2البوليمر: مركب ذو وزن جزيئي مرتفع مكون من وحدات جزئية مكررة. قد تكون هذه المواد عضوية أو غير عضوية أو عضوية معدنية، وقد تكون طبيعيةً أو اصطناعية في أصلها وهي مواد أساسية في القطاعات الصناعية اليومية، مثل المواد اللاصقة، ومواد البناء، والورق، والملابس.
ترجمة : براءة كللي
تدقيق بدر الفراك
المصدر