في بعض الأحيان تحكي له فقط عن يومها.
وفي أوقات أخرى، تُدلِّك بطنها الحامل وتقول لابنها المستقبلي أنها لا تستطيع الانتظار لمقابلته «الذي ينبغي أن يكون في أي يوم الآن».
وتبين دراسة جديدة أنه لا يسمع أمه فقط، ولكن قد يفهمها، ويتعلم بالفعل اللغة منها.
وتقول المسؤولة التنفيذية عن مستحضرات التجميل في مدينة نيويورك: «أتحدث معه طوال الوقت، حتى عندما أكون في المتاجر أشتري ملابسه وغيرها من الأشياء التي سنحتاج إليها بمجرد ولادته.
وربما يعتقد الناس بأنني مجنونة إذا سمعوني!».
في الواقع، بعيدًا عن هذا.
فهي تعطي ابنها أساسًا لتطوير اللغة.
وتشير الأبحاث الجديدة إلى أن الأطفال يبدؤون في استيعاب اللغة عندما يكونون داخل الرحم خلال الأسابيع العشرة الأخيرة من الحمل -في وقت أبكر مما أُعتُقد سابقًا.
يمكن أن يعرف حديثو الولادة الفرق بين لغة والدتهم الأم واللغات الأجنبية بعد ساعات فقط من ولادتهم.
وتقول مؤلفة الدراسة (باتريشيا ك. كوهل- Patricia K. Kuhl)، الحاصلة على الدكتوراه والمسؤولة عن كرسي التعلم في مرحلة الطفولة المبكرة بمؤسسة «Bezos» الأسرية، وأستاذة علم الكلام والسمع في جامعة واشنطن في سياتل: «الرسالة الرئيسية للأمهات الجديدة هي أن أطفالهن يسمعون ويتعلمون ويتذكرون خلال المراحل الأخيرة من الحمل، فأدمغتهم لا تنتظر الولادة لبدء امتصاص المعلومات».
كيف عرف الباحثون؟
استخدمت كوهل وزملاؤها مُسكِتة «مصاصة» للرُضع ذات تكنولوجيا فائقة متصلة بجهاز كمبيوتر يقيس تفاعلات الرضع مع الأصوات.
وشملت الدراسة 80 طفلًا كان عمرهم في المتوسط حوالي 30 ساعة، ومن تاكوما واشنطن وستوكهولم السويد. وقد استمعوا إلى أصوات حروف العلة في لغتهم الأم واللغة الأجنبية بينما يمصون المُسكتة.
وحروف العلة هي أعلى الوحدات في الكلام.
ويشير عدد المرات التي امتصوا المُسكتة فيها إلى أصوات حروف العلة التي جذبت انتباههم.
وأضافت الدراسة أن الأطفال امتصوا وقتًا أطول أثناء استماعهم للغات الأجنبية عن لغتهم الأم في كلا البلدين.
بناء كتل من اللغة
كما تقول كوهل: «يمكن سماع صوت الأم لأنه مُضخَّم من قبل جسدها.
عذراً أيها الآباء.
ولكن لا يمكن سماع صوت الأب في الرحم».
وتضيف: «لا ينبغي أن تحاول الأمهات وضع سماعات على بطونهن وتشغيل الموسيقى، لأن الوضع صاخب هناك بالفعل.
وتعلُّم صوت الأم وحروف العلة عندها يحدث بشكل طبيعي عندما تتحدث الأمهات».
وتقول الدكتورة (كريستين مون- Christine Moon)، وهي طبيبة نفسية في جامعة المحيط الهادئ اللوثرية في تاكوما:
«يجب أن يكون لدى الأمهات الحوامل الثقة بأن أطفالهن الذين ينمون يستفيدون من الأصوات التي يوفرنها لهم.
هذه هي الطريقة التي ينطلقون بها إلى اللغة».
ويرتبط صوت أمهم أيضًا بالحركة.
«تتحرك الأم عندما تتحدث، وحجابها الحاجز -حاجز عضلي يفصل بين القفص الصدري والتجويف البطني- يتحرك عندما تتحدث، ونعتقد أن هذا التوافق قد يكون مفيدًا وقد يساعد على جعل الصوت أكثر وضوحًا».
وظهرت هذه النتائج في دورية «Acta Paediatrica».
إن علماء النطق مثل (ميليسا ويكسلر غورفين- Melissa Wexler Gurfein) في مدينة نيويورك متحمسون للنتائج، فتقول: «الأطفال يتعلمون ويضبطون أنماط خطاب أول لغة (أو لغات) يكتشفونها في وقت أبكر مما كان يُعتَقد في الأصل.
وهذا قد يوحي بأهمية حديث الأم ليس فقط خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل ولكن أن تستمر في التحدث مع الرضيع بدءً من لحظة الولادة للمساعدة في تسهيل تطوير اللغة لديه».
ويقول (ديفيد منديز- David Mendez) دكتوراه في الطب، وطبيب حديثي الولادة في مستشفى ميامي للأطفال: «إن أفضل شيء يمكن أن تقوم به الأمهات الحوامل لأنفسهن وأطفالهن هو الحفاظ على البيئة خالية من الإجهاد والمواد الكيميائية، والتحدث مع طفلك قدر الإمكان بطريقة هادئة ومريحة، كما يجب أن تتجنبي الصراخ والصياح وأساليب العنف الأخرى».
ويقول (أموس غرونباوم- Amos Grunebaum) دكتوراه في الطب ومدير طب التوليد في مستشفى نيويورك الكنسي / مركز ويل كورنيل الطبي في مدينة نيويورك: «الدراسة رائعة، فالناس يعتقدون أن الأطفال حديثي الولادة لا يتعلمون حتى يولدون، ولكن هذه الدراسة مُصمَّمَة جيدًا لتُظهِر أن الأجنة يمكن أن تتعلَّم أثناء وجودها في الرحم».
ويضيف: «كنا نعلم أن بإمكانهم سماع الأصوات، ولكن بإمكاننا تعليم الأجنة».
كما توافق (ناتالي ميروويتز- Natalie Meirowitz) دكتوراه في الطب ورئيسة طب الأم والجنين في المركز الطبي اليهودي في لونغ آيلاند في نيو هايد بارك، نيويورك، على أن الدراسة رائعة، إلا أنها تشعر بالقلق من أن بعض الأمهات يأخذنها إلى أقصى حد، ويبدؤون في شراء حجر رشيد وشرائط لغوية أخرى لتحسين حالة أطفالهن، وتقول: «نحن نتعلم الكثير عن مدى حساسية الجنين ومدى تأثير المحفزات القادمة من الأم عليه.
وقد علمنا منذ وقت طويل أن الأجنة تسمع الضوضاء الخارجية والضوضاء القادمة من الأم، ولكن لا أعتقد أن هذا يعني أن الأمهات ينبغي عليهن الحصول على أشرطة اللغة وتعليم الأطفال لغات مختلفة أثناء وجودهم في الرحم».
- ترجمة: كيرلس يوسف نجاح
- تدقيق: هبة فارس
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر