القلق والاكتئاب، وانخفاض معدلات هرمون التستوستيرون بالجسم.
قد لا تكون أعراض الاكتئاب والقلق التي تظهر على الذكور البالغين دائمًا أعراض اكتئاب سريري حقيقية، وربما للأمر علاقة بخلل ما في معدلات التستوستيرون بالجسم!
ربما تكون أعراض كانخفاض الرغبة الجنسية والكسل والخمول والشعور العام بالإرهاق، التي تظن أنها مجرد تغيرات طبيعية أخرى من طيف التغيرات الواسع المصاحب لعملية التقدم في العمر، ربما لا يكون الأمر طبيعيًا تمامًا.
ربما تكون الأعراض مجرد إشارة من الجسم على وجود خلل ما، له علاقة بانخفاض معدلات الهرمونات الجنسية يحدث هناك، مسببًا هذا الخليط من الأعراض الجسدية والنفسية المشابهة لأعراض الاكتئاب.
في الحقيقة، الفارق الظاهري بين أعراض الاكتئاب السريري، وبين نوبات الاكتئاب الناتجة عن الخلل الهرموني في معدلات الهرمونات الجنسية، ضئيل ولا يمكن عادًة ترجيح تشخيص على الآخر بالفحص الأولي، ولكن يلزم أولًا القيام بمجموعة من الفحوصات والاختبارات المعملية بإشراف متخصص وبأوامر طبيب.
التستوستيرون والتغيرات المزاجية:
الأندروجينات -Androgens- هي مجموعة الهرمونات الجنسية التي تعطي البشر صفاتهم الجنسية الأساسية والفروقات الذكورية الأنثوية، ولها دور هام في عملية البلوغ، والتطور الجنسي الجسدي، ونمو الأعضاء الجنسية، والقدرة على التكاثر والخصوبة.
يمكن النظر إلى آلية عمل الهرمونات عمومًا -والهرمونات الجنسية بالتحديد- على أنها دائرة واسعة التأثير عميقة الترابط والتشابك، يؤدي أقل خلل في نظام عملها إلى موجة واسعة من الاضطرابات الجسدية والعقلية والنفسية كذلك، كقطع الدومينو المتراصة بدقة، فإن خللًا ما في أي عنصر -هرمون- من عناصر هذه الشبكة المعقدة شديدة الترابط، سيؤثر قطعًا في عمل باقي الهرمونات بشكل أو بآخر: زيادةً أو نقصًا، نشاطًا أو خمولًا، بحسب نوع المؤثر وحجم التأثير.
في العادة تميل نسب التستوستيرون في الجسم إلى أن تقل تدريجيًا مع التقدم في العمر، لكن خللًا ما قد يؤثر في هذا التناقص فيزيد معدلاته أو ينقصها، وهنا تكون المشكلة.
غالبًا ما يحدث الخلل في معدلات التستوستيرون بالجسم نتيجة عوامل خارجية مختلفة: مثل التعرض للضغط النفسي أو التوتر المزمن، أو قلة النوم، أو نظام الطعام غير الصحي، والتقدم في العمر، والتغيرات المفاجئة في طبيعة النشاط البدني بالزيادة أو النقص، وعادًة ما يكون لهذا الخلل تأثيره الواضح على الحالة النفسية والمزاجية للأشخاص.
فمثلا، الأشخاص أصحاب معدلات التستوستيرون الأعلى من الطبيعي يميلون لأن يكونوا متحفزين، سريعي الانفعال، وسهلي الاستثارة، بينما -وعلى النقيض تمامًا- يكون الأشخاص أصحاب معدلات التستوستيرون الأقل من الطبيعي مرهَقين، دائمي الشعور بالتعب والضعف والاكتئاب، وعادةً ما يعانون أيضًا من نقص الكتلة العضلية، وضعف الرغبة الجنسية بشكل عام.
وبحسب تصريحات دكتور حكيم، فإن نقص معدلات الهرمونات الجنسية الذكورية مثل التستوستيرون عادًة ما يكون مرتبطًا بأعراض كنقص الكتلة العضلية، وزيادة نسبة الدهون في الجسم، ما قد يؤدي إلى السمنة وما يصاحبها من مخاطر صحية أخرى مثل أمراض القلب والأوعية الدموية.
الاكتئاب السريري ونقص التستوستيرون: الأعراض المشتركة:
في قائمة الأعراض الناتجة عن نقص التستوستيرون في الجسم، حتمًا ستجد مجموعة من أعراض الاكتئاب السريري الشهيرة:
- التوتر.
- التقلبات المزاجية الحادة.
- قلة الرغبة الجنسية.
- الشعور المزمن بالإرهاق.
- الانسحاب الاجتماعي.
- القلق.
- صعوبة التركيز.
- النوم المتقطع.
- الخمول.
وبحسب تصريحات الدكتور حكيم فإن هذا التشابه الكبير بين الأعراض الناتجة عن نقص التستوستيرون وبين الأعراض الانطباعية الأولية لتصوراتنا عن الاكتئاب السريري، قد يؤدي إلى خلط أو خطأ في تشخيص حالات نقص التستوستيرون، والتعامل معها على أنها حالات اكتئاب سريري عادية.
ولذلك فإنه من المهم جدًا الانتباه إلى النتائج المعملية والأسباب الجسدية عند تشخيص حالات الاكتئاب أو تقديم العلاج لها.
وبالرغم من تشابه الأعراض وتداخلها أحيانًا، فإن أعراضًا كآلام الظهر والرقبة مثلا، تكون في الغالب مصاحبة للاكتئاب السريري، وبالمثل، فإن أعراضًا مثل نقص الكتلة العضلية، وزيادة حجم وسمك الجلد في الثديين، وزيادة الوزن المفاجئة نتيجةً لزيادة نسبة الدهون بالجسم، وضعف الانتصاب، ومشكلات الخصوبة، عادًة ما تكون مرتبطةً أكثر بنقص نسب الهرمونات الجنسية لدى الذكور عن المعدلات الطبيعية.
قد تؤدي مشكلات مثل ضعف الانتصاب وقلة الرغبة الجنسية إلى تدهور أكبر في الحالة النفسية والمزاجية، وزيادة القلق والاكتئاب أكثر.
لذلك من المهم جدًا عند التعامل مع حالات الاكتئاب التي تصاحبها أعراض خلل ومشكلات جنسية أن ننظر باهتمام إلى معدلات الهرمونات الجنسية الذكورية، وخصوصًا التستوستيرون، وأن نضع في اعتباراتنا احتمال أن يكون ما نتعامل معه خللًا هرمونيًا ومشكلة في معدلات التستوستيرون بالجسم، لا اكتئابًا سريريًّا في شكله المعتاد.
متى تجب مراجعة الطبيب؟
في حال ظهور أعراض مثل زيادة ملحوظة في الوزن في وقت قصير، وقلة الرغبة الجنسية، أو مشكلات متعلقة بالضعف الجنسي والأداء في أثناء العلاقة، بالتزامن مع اضطرابات عاطفية وخلل مزاجي، فتجب مراجعة الطبيب فورًا، والتأكد من عمل الاختبارات المعملية اللازمة لمراجعة معدلات التستوستيرون بالجسم.
ولا داعي للقلق من صعوبة العلاج أو عدم توفره أو فاعليته في حال كانت معدلات التستوستيرون منخفضة عن المعدلات الطبيعية؛ إذ يوفر الطب اليوم طيفًا واسعًا من خيارات العلاج الفعالة والمتنوعة لحالات نقص الهرمونات الجنسية المَرَضية.
وحتى في حال أثبتت الفحوصات أن معدلات التستوستيرون طبيعية، سيكون ذلك الإثبات عاملًا مساعدًا في عملية العلاج، لاستثنائه وزيادة احتمالية تشخيص آخر أو تأكيده.
فكثير من هذه الأعراض يمكن أن تظهر عند الذكور -خصوصًا مع التقدم في السن- بسبب مؤثرات أخرى خارجية مثل التوتر والقلق وضغط العمل ومشكلات العلاقات، وأحيانًا آثارًت جانبيةً لأدوية بعينها.
وعلى كلٍّ فإن تشخيص الحالات المرضية -اعتمادًا على رأي أكثر من تخصص طبي معًا- أمر محمود، ويضمن نتائج أفضل وأكثر دقة، وعلاجًا أكثر فاعلية وأعلى كفاءةً وأكثر إرضاءً للمريض.
اقرأ أيضًا:
الرجال الذين لديهم انخفاض في هرمون التستوستيرون أكثر عرضة للوفاة مبكرًا
انخفاض هرمون التستوستيرون قد يؤثر في صحة القلب ويزيد من خطر الوفاة
ترجمة: محمد جمال
تدقيق: ألاء ديب