مع إن المجتمعات تصِم ممارسة الاستمناء بالعار، ويترتب ذلك على شعور الأفراد بأنه أمر يجب أن يبقى سرًا، فإن الأدلة تشير إلى كونه سلوكًا طبيعيًا وصحيًا لأي علاقة. وقد يشعر كثير من الأزواج البالغين الذين تربطهم علاقة حميمة بالذنب أو الإحراج حيال ممارسته أو النقاش حوله أيًا كانت طبيعة العلاقة التي تربطهم. فالحديث عن ذلك أمر قد يعد مُحرمًا في العلاقة الزوجية مع إنه قد يمنحنا فرصة استكشاف ما يثيرنا ويمتعنا جنسيًا، ومن ثم فهم رغباتنا الجنسية وترجمتها لشركائنا الحميمين.
وقد يتخذ الشخص المتزوج موقفًا مختلفًا تجاه الاستمناء عن الشخص الأعزب، فمثلًا قد يعتقد الشريك أن شريكه الذي يمارس الاستمناء لا يكتفي منه جنسيًا، أو بأنه غير قادر على تلبية رغباته الجنسية، أو لأنه لم يعد يراه جذابًا ما أدى إلى لجوئه للاستمناء. ولكن الأمر ليس كذلك بالضرورة، فإذا دخل أحدهم في علاقة وكان لا يزال يود ممارسة الاستمناء فهذا لا يدل على وجود عيب في ذلك الشخص أو شريكه أو في حياتهم الجنسية.
فوائد الاستمناء
ليس من غير المألوف أن يمارس الأزواج الاستمناء الفردي إلى جانب ممارستهم الجنس سويًا. تشير دراسة عام 2007 إلى أن الاستمناء يؤدي إلى حياة جنسية أكثر إرضاءً. بينما أظهرت دراسة أخرى عام 2015 أن النساء المتزوجات يبلغن النشوة الجنسية وتزداد رغبتهن في ممارسة الجنس عند الاستمناء، إضافةً إلى ارتفاع شعورهن بالرضا عن أنفسهن وعن حياتهن الجنسية وزواجهن في المجمل. فالاستمناء يتيح لنا فرصة اكتشاف أفضل الطرق لبلوغ النشوة الجنسية، ويعزز رغبتنا لممارسة الجنس، إضافةً إلى نفعه في حال لم يكن الشريك في مزاج ملائم لممارسة الجنس، أو غير قادر على ذلك نظرًا للانشغال أو الشعور بالإرهاق؛ ما يجعل منه كنزًا ثمينًا بالنسبة لمن لا تتوافق معدلات رغباته الجنسية مع الآخر.
عبّر بعض الأزواج عن إثارتهم جنسيًا عند اكتشافهم ممارسة شركائهم للاستمناء، وصرح البعض عن إثارتهم عند مشاهدة شركائهم وهم يمارسونه. بل وأوضحت دراسة أُجريت عام 2002 على طلاب جامعيين أن هؤلاء الذين مارسوا الاستمناء أعلنوا عن ارتفاع معدل ممارستهم للجنس، إضافةً إلى تعدد شركائهم الحميمين؛ ما يشير إلى أن الاستمناء يزيد من رضا الفرد عن حياته الجنسية. ونستنتج أن الناس يميلون إلى الرغبة في الاستمناء عندما يكونون في علاقة جنسية مُرضية.
الاستمناء في العلاقة الزوجية
نظرًا لأهمية الشفافية في العلاقات، تنصح الدكتورة جوليانا هاوزر بمناقشة دور الاستمناء في العلاقة الزوجية بالنسبة لحياة الفرد الجنسية الشخصية أو للاتصال الجنسي بين الشريكين. ولكنها رغم ذلك لا تزال تشدّد على أهمية الحديث عن مستوى الراحة بين الفردين فيما يتعلق بممارسة الاستمناء كل على حدة، ومدى تقبّل الآخر لذلك. وإليكم بعض النصائح التي يمكن اتباعها لإدارة هذا النوع من النقاش:
- حدّد أولًا ما تريده وما أنت بحاجة إليه.
- امنح شريكك الحرية والمساحة للتفكير في مشاعره تجاه الأمر.
- كن واضحًا تجاه ما تتفقان وتختلفان عليه.
- تعامل مع أي فروقات أو اختلافات قد تنشأ بينكما بروح الفريق، لا على مبدأ من هو على صواب ومن هو على خطأ.
تنصح جوليانا أيضًا بتفقد كل منكما للآخر دوريًا للتأكد من عدم وجود أي خلافات قد تتطلب التغيير أو التعديل عليها. وذلك بطرح الأسئلة الآتية على الآخر:
- هل تفتقر إلى الخصوصية لممارسة الاستمناء؟
- ما طول المدة التي تحتاج إليها للاستمناء؟ وأين تود ممارسته؟
- هل تفضل ممارسة الاستمناء في يوم أو وقت محدد؟
- هل من المقبول مشاهدة المقاطع أو الأفلام الإباحية في أثناء عملية الاستمناء؟
- هل من المسموح الاستمناء على ما هو من وحي مخيلتنا؟
- هل ستواجهك مشكلة إذا تبادلنا التفاصيل سويًا؟
- هل توجد أية عواقب قد تنتج عن الاستمناء في العلاقة الزوجية؟
يوجد بالفعل بعض المخاوف مُحتملة الحدوث المتعلقة بالاستمناء في العلاقة الزوجية؛ بدايةً من احتمالية سوء الفهم للسبب الذي دفع الشريك لممارسة الاستمناء في المقام الأول. ولذلك نؤكد على أهمية الشفافية في العلاقة الزوجية والالتزام بما اتفق عليه الزوجان، فإذا شعر الفرد بأن شريكه أبقى ممارسته للاستمناء سرًا ولم يتناقش معه في الأمر فقد يفقد الطرف غير الممارس للاستمناء الثقة في شريكه. وتوضح جوليانا أن الهدف من الاستمناء هو استكشاف الجسد وما يثيره وليس إثقال النفس باعتبار الشريك لا يفقه شيئًا عن رغبات شريكه الجنسية، وتنصح أيضًا بأهمية استخدام الاستمناء وسيلةً للتواصل مع الشريك وليس لتهميشه أو استبعاده عن حياة الآخر الجنسية.
ومع إن الاستمناء يعد في الغالب سلوكًا صحيًا فإنه قد يصبح إدمانًا عند المبالغة فيه بما قد يؤثر على صحة الفرد، ويصرف انتباهه عن حياته اليومية، إضافةً إلى أنه يقلل من الرضا أو الإشباع الجنسي الذي قد يتداخل مع العلاقة الحميمة بين الزوجين. من الأسباب الأخرى التي قد تحول الاستمناء إلى سلوك غير صحي هو اللجوء إليه لإشباع الحاجة الجنسية فقط لتفادي الحميمية مع الشريك.
هل يعد الأمر خيانةً إذا فكرنا في شخص آخر في أثناء الاستمناء؟
مع إن ذلك يعد أمرًا شائعًا خاصةً بين الرجال الذين يعتمدون على الإبصار ليُثاروا جنسيًا، فإنه من الممكن جدًا لأي شخص -بغض النظر عن جنسه أو توجهه الجنسي- أن يمارس الاستمناء دون الحاجة إلى التفكير في شخص آخر. ومع ذلك، تشير دراسة في عام 2018 إلى أن التفكير في الشريك في أثناء الاستمناء قادر على زيادة الإثارة الجنسية وتعزيز العلاقة في المجمل فيما بينهما.
وتشير جوليانا إلى شعور بعض الأزواج في العلاقات الأحادية بالغدر والخيانة لمجرد تفكير شريكهم في نشاط جنسي مع شخص آخر. ولكن الخيانة هي فقط ما يتفق عليه الشريكان بأنه خيانة، ووضحت قبولها لفكرة النزوات أو التخيلات في حالة موافقة أطراف العلاقة على أنه أمر مقبول فيما بينهما، وسلّطت الضوء على أنه غالبًا ما يتكرر ربط الإمتاع الجنسي الذاتي بالنزوات، وأشارت إلى اعتماد كثير من الأفراد على استخدام تقنيات ذهنية تبقيهم على اتصال مع حواسهم وأحاسيسهم اللحظية بدلًا من اللجوء إلى خيالات لتكون مصدر رفع الإثارة والرغبة الجنسية عند الاستمناء.
ما هي الطريقة المثلى للاستمناء؟
قد تختلف الآراء والدراسات والنصائح تجاه الاستمناء وتأثيراته المحتملة في العلاقة الزوجية، وقد يصل الأمر أحيانًا إلى حد عدم الدقة. ولكن الأمر في النهاية ما هو إلا مسألة تفضيل شخصي، فما يصلح لزوج قد لا يصلح لآخر. فمجددًا، أنت وشريكك بحاجة إلى نقاش صادق وصريح عن الاستمناء، متى وكيف ولماذا، أي ببساطة كل شيء يتعلق به بداية مما هو بالنسبة إليك حتى ما هو شعورك تجاهه.
وفيما يلي بعض النصائح للمساعدة على تقليل الشعور بالخزي والحد من وصمة العار المرتبطة بممارسة الاستمناء:
- يوصى بدعمك لحق شريكك في ممارسة الاستمناء.
- تناقش مع شريكك عن نزوات لا تجد مشكلة في مشاركة الحوار عنها، وتستطيع أيضًا في أثناء ذلك مشاهدة المقاطع أو الصور الإباحية التي تُثيرك.
- طبق الأفكار أو مصادر الإلهام التي تكتشفها جراء الاستمناء في علاقتك الحميمة مع شريكك.
- طبق مبدأ التنوع في عملية الاستمناء كما لو كانت حياتك الجنسية مع شريكك، بدايةً من أي وقت في اليوم حتى استخدام أساليب وألعاب جنسية مختلفة كل مرة.
الاستمناء هو سلوك تعبيري عن حب الذات والاهتمام بها؛ وقد يساعدك استكشاف المناطق التي تُثيرك جنسيًا على تحديد ميولك الجنسية وتقوية علاقتك. إضافةً إلى ذلك، فإن الحديث عما يثيرنا وكيف نحب أن نُلمس ونُثار جسديًا هو أمر ذو قيمة وأهمية كبيرة لأي علاقة.
إذا كنت تشعر بالخزي لممارستك الاستمناء، فيمكنك التحدث إلى معالج نفسي للتوصل سويًا إلى الأسباب التي تكمن وراء ذلك. وإذا كنت تشعر بالذنب لاعتقادك بأنها خيانة لشريكك فتذكر أن الاستمناء مكون مهم لصحة وحياة جنسية أفضل.
اقرأ أيضًا:
الاستمناء: فوائده، آثاره الجانبية والخرافات التي تدور حوله
خرافات وحقائق حول النشوة الجنسية
ترجمة: سامية الشرقاوي
مراجعة: محمد حسان عجك
المصادر: verywellmind, psychcentral