هل وصلنا إلى الحدِّ من انبعاثات الغازات؟
تعرّف على مُنشأةِ التقاط الهواء
أُفتتحَ أول مصنعٍ تجاري في العالم بهدف التقاطِ الهواءِ مُباشرةً لإعادة التزوّد به مع مُناقشة ما إذا كانت التكنولوجيا قادرةً على لعبِ الدورِ الهام في إزالة الغازات الدفيئة الموجودةُ فعلًا في الغلاف الجويّ.
وبالتالي أصبحت مُنشأةُ (كلايموركس – Climeworks) الواقعة بالقرب من مدينة (زيورخ – Zurich) أول محطّةٍ لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء على المستوى الصناعيّ وبيعه للمُشتري مباشرةً.
ويقولُ المطوّرون أن هذا المصنع سيلتقط سنويًا ما يُقاربُ 900 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي ما يكفي تقريبًا لانطلاق 200 سيّارة وأنابيبَ الغاز المُستخدمةِ في إنباتِ الخضروات.
وفي حينِ أنَّ كميّة الغاز المُلتقط هي جزءٌ صغير مما تأمل الشركات ودُعاة المناخ أن يتلقطوه في مُنشآت الوقود الأحفوري الكبيرة، فإنَّ شركة كلايمووركس صرحت أنَّ مشروعها يمثل الخطوة الأولى لتحقيق هدفها المُتمثّل بالتقاطِ 1% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم وذلك باستخدامِ تقنيّات مماثلة، ولفعل ذلك، فإنّه يتطلّبُ بناء 250 ألف معملٍ مماثل.
يقول المؤسس المُشارك والمدير الإداري للشركة (كريستوف جيبالد – Christoph Gebald): «إن تقنيّات الانبعاثات السلبيّة القابلة للقياس بشدةّ أمر مصيريّ إذا كان لنا أن نبقى تحت الهدف وهو: درجتان لارتفاع درجة الحرارة العالميّة».
تدفع المراوح الهواء عبر نظام تصفية والذي يجمع غاز ثاني أكسيد الكربون، وعند تشبُّع الفلتر، يُفصل غاز ثاني أكسيد الكربون عند درجة حرارة تفوق 100C، إذ يقعُ المصنع على قمةّ مُنشأةٍ لاستعادة الحرارة الضائعة والتي من شأنها أن تدعم العمليّة.
يُرسل بعد ذلك الغاز عبر خطوط أنابيب تحت الأرض إلى البيوت الزُجاجيّة لزراعة الخضروات.
وقال مؤسس شركة جيبالد وكلايمووركس (جان ورزباتشر – Jan Wurzbacher): «يمكن أن يكون لثاني أكسيد الكربون مجموعة متنوّعة من الاستخدامات الأخرى، كما هو الحال بالنسبة للمشروبات الغازية».
وقد تأسست كلايمووركس عام 2009 بعد العمل على التقاط الهواء في الدراساتِ العليا في زيورخ السويسريّة.
وقالت الشركة أن المصنع الجديدَ مُعدٌ للتشغيل كمشروعٍ وصفيّ مُدته ثلاثُ سنوات، وفي العام المقبل تخطط لإطلاق مشاريع تجاريّة إضافيّة، بما في ذلك بعض المشاريع التي من شأنها أن تدفنَ الغاز تحت الأرض لتبلغ هدفها بالحد من الانبعاثات السلبيّة.
ويقول ورزباتشر: «مع بيانات الطاقة والاقتصاد من المصنع، يُمكننا أن نضع حسابات موثوقة لمشاريع أخرى أكبر».
وقد ظهر العديد من ناقدي تقنية التقاط الهواء، والذين يقولون أنَّه سيكون من الأوفر بكثير أن يُلتقط الكربون مُباشرةً وبشكلٍ كاملٍ من محطّات الوقود الأحفوريّ والإبقاء على الغاز بعيدًا عن الاختلاط بالهواء الخارجيّ في المقام الأول.
وكان من بينِ النُقّاد، كبير الباحثين في معهد بحوث (ماساتشوستس – Massachusetts ) للتكنولوجيا المهندس ( هاورد هرتسوغ – Howard Herzog)، والذي وصفهُ بأنَّه “عرضٌ” خلال إحدى فعاليّات واشنطن في وقت سابق، وقدّر أن التكاليف الإجماليّة لنظام التقاط الغاز من الهواء يمكن أن تصل إلى 1000$ للطن الواحد من الغاز، أو حوالي 10 أضعاف كلفة إزالة الكربون من محطات الوقود الأحفوريّ.
وقال: «إن من السخرية التفكير بهذ الأمر الآن مع هذه التكلفة، ولدينا الكثير من الطرق الأخرى للقيام بذلك بأرخص من هذا بكثير».
ولم يُعلِّق تحديدًا على شركة كلايمووركس، ولكنّه أشار إلى أن تكلفة التقاط الهواء مُرتفعة إلى حدٍ ما لأن ثاني أكسيد الكربون مُنتشرٌ في الهواء، في حين أنَّه أكثر تركيزًا في انبعاثاتِ محطات الوقود الأحفوّري.
في حين أنَّ كلايمووركس لم تُعلِن على الفور عن المعلومات المُفصّلة عن تكاليفها، لكنّها قالت في بيانٍ لها بأن المكتب الفيدراليّ السويسريّ للطاقة سيُساعد في التمويل، بالإضافة إلى أنَّ الإتحاد الأوروبيّ قام بالتمويل أيضًا.
وفي عام 2015، أصدرت الأكاديميّات الوطنيّة للعلوم والهندسة والطب تقريرًا جاء فيه: «إن تكنولوجيّات التدخّل المناخيّ كالتقاط الغاز من الهواء ليست بديلًا للحد من الانبعاثات».
كما وصفَ اثنان من العلماء الأوروبيين في مجلّة “Science” أن تقنيّات التقاط الهواء وغيرها من تقنيّات الانبعاثات السلبيّة مُقامرةٌ غيرُعادلة، مما يصرف انتباه العالم عن حلول مناخيّة قابلة للتطبيق.
ولقد ظل المهندسون يفكرون في تلك التقنيّات لسنوات بجدية تارة وبعبثية تارة أخرى، ولكن كثيرون قالوا أنه خيار ضروريّ للحفاظ على درجات الحرارة ضمن حدود السيطرة، بينما يقول مُناصروّ المشروع أنها مُجرّد مسألة خفض التكاليف.
وقبل أكثر من عقدٍ من الزمن، أطلق رائدُ الأعمالِ (ريتشارد برانسون – Richard Branson) تحديًا أسماه (فيرجن إيرث – Virgin Earth) وعرضَ 25 مليون دولار لمؤسس تصميم التقاط الهواء.
وكانت شركة كلايمووركس في تلك المسابقة، كما كانت شركاتٌ أخرى مثل (هندسة الكربون – Carbon Engineering) مدعومة من قِبل مؤسس شركة مايكروسوفت (لمالكها بيل غيتس – Bill Gates) والتي كانت تختبر التقاط الهواء في مصنعٍ تجريبيّ في كولومبيا البريطانيّة.
- ترجمة: رامي الحرك
- تدقيق: منة الله عيد رزق
- تحرير: زيد أبو الرب