النقل بالشاحنات حيوي للحفاظ على معظم الأعمال، وتتنوع الاستخدامات من أبسط الأمور إلى أكثرها تخصصًا، وعمومًا تشكل الشاحنات 72% من نسبة توريد البضائع التي نستهلكها، ولذلك يزداد الاهتمام بأبحاث الشاحنات الكهربائية.

تقطع الشاحنات في الولايات المتحدة ملايين الكيلومترات سنويًا، وتعتمد كلها على الديزل الذي يزيد من تلوث الهواء، ووفقًا لفرقة العمل المعنية بالهواء النظيف، الطريق السريع رقم 5 في في لوس أنجلوس يسجل أعلى معدلات تلوث الهواء، بمعدل 0.726 ميكروجرام لكل متر مكعب.

بحثت شركات الخدمات اللوجستية في السنوات الأخيرة عن حلول أكثر مراعاة للبيئة لتخفيف مساهماتها في التلوث، وقد توصلت شركة (Golden State Foods) في إيرفاين بكاليفورنيا إلى حل من قسم التوزيع المخصص للجودة، وهو اعتماد الشاحنات الكهربائية من الفئة 8 من فولفو، وهي الأولى في أمريكا الشمالية.

قال شين بلانشيت بوصفه نائب رئيس العمليات في مجموعة (QCD): «يجب أخذ الكثير من العوامل بالحسبان عند الانتقال إلى أسطول الشاحنات الكهربائية، ولكن بالنسبة إلينا تأتي أهداف الاستدامة أولًا وقبل كل شيء. هدفنا هو تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، وكلما بدأنا مبكرًا كان ذلك أفضل من حيث التعلم وإجراء التحول. لقد أتاحت لنا فولفو هذه الفرصة، فنظرًا إلى نموذج التشغيل الخاص بنا، نحن نحقق الاستخدام الجيد. لقد جربنا أول شاحنة (VNR) كهربائية وأعجبتنا حقًا، لذا كان من المنطقي الاستمرار في هذا الطريق لتعلم المزيد وتنمية هذا الجانب من أسطولنا».

اعتمدت مجموعة (QCD) شاحنة فولفو (VNR) الكهربائية في أبريل 2021 إذ طلبت 14 وحدة من الشاحنات الثقيلة المحلية بدعم تمويلي قدمته لجنة مراجعة الحد من تلوث الهواء بالمصادر المتنقلة في كاليفورنيا بشكل منحة إلى شركة فولفو للخدمات المالية. ثم في 2022 أضيفت 30 من الشاحنات الكهربائية (VNR) لتنضم إلى أكثر من 700 شاحنة في عمليات التوصيل النهائية إلى مواقع المطاعم في جنوب كاليفورنيا.

يقول بلانشيت: «السائقون حقًا يحبون الشاحنات الكهربائية. لم نكن متيقنين تمامًا كيف سيتأثرون بها، لكنهم أحبوا القيادة السلسة لأنها بالتأكيد أهدأ، وأقل تكلفة بكثير فيما يتعلق بالصيانة، كما توقعنا. المشكلة الوحيدة التي نراها هي الإطارات، فهي تميل إلى التآكل أسرع قليلًا نظرًا إلى وزن الشاحنة».

مستقبل النقل بالشاحنات يبدأ في وادي النهر الجديد بڤرچينيا

يقع مقر شاحنات فولفو في دبلن جنوب غرب فرجينيا حيث تُصنع جميع شاحنات فولفو التي تباع في أمريكا الشمالية، ومنها انطلقت أول شاحنة (VNR) كهربائية في 2020، وزادت نماذجها عن 270 من حيث الصندوق «صندوق الشحن مثبت مباشرةً على الهيكل»، والعجلة الخامسة «محور على الهيكل عند نقطة اتصال المقطورة بالشاحنة» واشتغلت منذ حينها بعمليات التوصيل محليًا وإقليميًا.

قال كايل زيمرمان، مدير العلاقات العامة في فولفو للشاحنات: «تأتي الاستدامة في مقدمة أولويات كل قرار تتخذه فولفو للشاحنات. نرى أن البطاريات الكهربائية أحد المسارات الحاسمة تجاه إزالة الكربون من عملية النقل، وما زلنا ملتزمين بالاستراتيجية الثلاثية: (BEV) «المركبات ذات البطاريات الكهربائية» و(FCEV) «المركبات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود» و (ICE) «محرك الاحتراق الداخلي» التي تعمل على إزالة الكربون من عملية النقل بمختلف التطبيقات ودورات العمل».

أعلنت «فولفو أمريكا الشمالية للشاحنات» عن الشاحنات الكهربائية (VNR) أول مرة في 2018 مع مشروع فولفو لايت، الذي يُعد شراكة بين القطاعين العام والخاص يهدف لاكتساب الفهم الكافي لما يتطلبه تسويق الفئة 8 من (BEV)، وهناك المزيد من الإصدارات، منها شاحنات الفئة 8 التي تعمل بالهيدروجين.

أضاف زيمرمان: «إضافةً إلى البطاريات الكهربائية، نرى أن خلية الوقود المزودة بالهيدروجين هي مسار آخر مناسب أكثر لوحدات المسافات الطويلة والحمولات الثقيلة، وكذلك في المناطق التي قد لا يتوافر بها بنية تحتية كهربائية لبعض الوقت. نرى أيضًا مستقبلًا طويلًا لمحرك الاحتراق الداخلي الذي يعمل بوقود متجدد وخالٍ من الوقود الأحفوري مثل الوقود الحيوي المستقل، والديزل المتجدد، والهيدروجين».

أول مرة في كل شيء:

تتيح فولفو في غرب فيرجينيا فرصة اختبار الشاحنات الكهربائية (VNR) للعملاء على مضمار يمتد قرابة 5 كيلومترات، وذلك ليختبروا في بيئة آمنة ما يمكن لإصدار الشاحنة الذي اختاروه أن يفعل على الطريق المفتوح، ويتضمن ذلك 9 أطنان من الحمولة تقريبًا في الصندوق خلف مقصورة القيادة، لإعطاء السائق فكرة أفضل عن كيفية قيادة هذه الآلة بحمولة كاملة.

يتطلب تشغيل الشاحنة بضع خطوات أكثر من تدوير المفتاح وحسب، لكن الصوت الوحيد الذي يصدر من الشاحنة هو صوت مكابح الهواء في بداية الجولة ونهايتها، وتجتاز مختلف أقسام مضمار الاختبار بسلاسة وراحة. المكابح الحديثة فعالة جدًا في إبطاء هذه الشاحنة الكهربائية الكبيرة، لكن الضغط المفاجئ على دواسة التسارع إلى أقصاها لا يؤدي إلى عزم الدوران الفوري الذي تشتهر به السيارات الكهربائية، لكنها تنطلق بيُسر على الجزء المستقيم من مسار الاختبار وسرعان ما تكتسب السرعة مثل السيارات الكهربائية الأخرى.

في النهاية هذه الشاحنة هي أداة وليست سيارة كهربائية يومية، فهي مصممة لتوصيل البضائع أكثر من إرضاء حماسة القيادة، ومع ذلك بعض السائقين متحمسون لوجود هذه السيارة الكهربائية من الفئة 8 في الأسطول، لما تقدمه لهم من قيادة هادئة وسلسة من مركز التوزيع إلى المطاعم.

ما يزال المستقبل قيد البناء:

لا يؤيد الكثيرون من مصنعي الفئة 8 مسار فولفو هذا، خاصةً فيما يتعلق بشاحنات النقل الطويل، إذ تكمن المشكلة في عاملين أساسيين: البنية الأساسية والبطاريات.

قال زيمرمان: «عدد البطاريات التي يمكن وضعها في الشاحنة محدود نظرًا إلى وزن البطارية، ما يؤثر في أهليتها للتسويق والبيع. من المرجح أن يتمدد هذا النطاق في المستقبل مع التقدم في تكنولوجيا البطاريات. لكن ما زلنا نواجه الكثير من العقبات التي يجب التغلب عليها فيما يتعلق ببنية الشحن. تواجه الشبكة تحديات توفير الكهرباء بالكميات التي تحتاج إليها الأساطيل التي تضم مركبات الفئة 8، ما يؤدي دورًا في جعل الشاحنات الكهربائية الفئة 8 أكثر ملاءمة للنقل الإقليمي حاليًا».

ومع ذلك تنظر الكثير من شركات التوصيل النهائي بحماس إلى هذه الشاحنات السويدية الأمريكية الضخمة، يقول بلانشيت: «بالنسبة إلى السوق في جنوب كاليفورنيا، لدينا القدرة على تحويل الأسطول بأكمله إلى الشاحنات الكهربائية. فهناك توفير كبير في التكلفة من جانب الوقود. وبمقارنة النفقات المدفوعة للكهرباء مع نفقات وقود الديزل، ستجد في معظم الحالات وفرًا في هذه الناحية. هذا ما شهدناه حتى الآن، وقد رفع توقعاتنا».

اقرأ أيضًا:

السويد تختبر شاحنة هجينة تعمل بالطاقة الشمسية

من هم منافسو تسلا؟

ترجمة: إسراء أسعد

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر