هل جربت إعطاء قطتك الكاتنيب أو نعناع القطط؟ في كل موسم أعياد تدور الأفكار حول شراء الهدايا لأفراد العائلة. بالنسبة للبعض، توجد الحيوانات الأليفة على لائحة الهدايا خاصتهم. ولا سيما الكلاب والقطط التي تشاركنا منازلنا وقلوبنا. لا يهم إن كانت هذه الحيوانات مشاغبة أم لطيفة، إذ إنّ أكثر من مليار دولار أميريكي يُصرف على صناعة ألعاب الحيوانات الأليفة -الغريبة منها والعمليّة- بهدف إبقاء «فلافي» و«سبوت» مشغولين وبهدف ترفيه مالكيهما كذلك. العديد من المواد الأكثر طلبًا للقطط تحتوي على نعناع القطط أو «الكاتنيب».
تُحدث هذه العشبة المسماة علميًّا بِ «نيبيتا كاتاريا-Nepeta cataria» تغييرات في سلوك القطط. من وجهة نظري الشخصية، يجدر التفكير مليًّا فيما إذا كان إعطاء حيوان أليف ما مادة مغيّرة لمزاجه عملًا أخلاقيًّا. يُباع الكاتنيب في رزم صغيرة وفي الألعاب، كذلك في أشكال عالية التركيز كالزيوت والبخاخات. تختلف أشكاله المركزة عن مدى توفره في الطبيعة. إذا وجدَت القطة الكاتنيب في الطبيعة فسيكون على شكل خضر ورقية تنمو على النباتات وبصورة غير مركزة. لا تتأثر جميع القطط بهذا المخدر، ولكن يمكن لبعضها التأثر به لمدة تتراوح بين 5 وحتى 15 دقيقة (أي كتأثير الماريجوانا). حوالي 30% من القطط لا تستجيب للمخدر على الإطلاق -ما يعني أنّ 70% منها تستجيب له. كذلك، ليس له أي تأثير على القطط الصغيرة قبل بلوغ سن الستة أشهر، وهو الوقت الذي تبلغ القطط فيه مرحلة النضج الجنسي.
تتدحرج بعض القطط ويسيل لعابها عندما تكون تحت تأثير المخدر، وتتصارع أحيانًا مع قطط أخرى. من غير الواضح ما إذا كان هناك أي فوائد طبية. غالبًا ما يضحك مالكو القطط على سلوك صديقهم القط بسبب كونه «مُنتشيًا». باعتباري عالمة في دراسات مجالات الحيوان، فإنّي أرفض الضحك على قطة قد مُنحت مخدرًا حتى وإن بدت سعيدة، إذ يجب إثارة الأسئلة عن مدى سيطرة الإنسان على الحيوانات ومدى استقلاليتها (حكمها الذاتي). طرح العديد من الفلاسفة فكرة إعطاء الحيوانات القيمة الأخلاقية ذاتها المعطاة للبشر. الفيلسوف جان نارفيسان على سبيل المثال، طرح -عند الحديث عن تناول اللحوم- فيما إذا كانت الحيوانات تعاني وإذا كان هذا السبب كافيًا لعدم أكلها.
إحدى نظريات الأخلاقيات في مجال الحيوان تنكر الوقوف أخلاقيًّا مع الحيوانات الأخرى، مستندة في ذلك إلى أنّ الحيوانات تفتقر إلى صفات لا يملكها سوى البشر، كالمنطق والاستقلالية والوعي. لكنّ نظرية أخرى عن المساواة الأخلاقية تزعم بأنّ هناك أوجه تشابه في القدرات العقلية بين البشر وباقي الحيوانات وبأنّه لا ينبغي على هذا الاعتبار الأخلاقي أن يقتصر فقط على جنسنا البشري. يدعو الفيلسوف بيتر سينغر إلى «المساواة في اعتبار المصالح». ويقترح بأنّه لا يجدر استخدام جنسنا البشري بمثابة مقياس لقيمة غيرنا أو لقدراتهم أو لأحقيّتهم في اعتبارهم أخلاقيًا. ادعى فلاسفة آخرون أيضا أن مجرد اختلاف البنية الصوتية للكلاب والحيوانات الأخرى عن البشر لا يعني وجوب التعاطف معها بقدر أقل.
علاوة على ذلك، يتشارك البشر العديد من الخصال مع أجناس أخرى -التعاطف والقدرة على التواصل وعادات التغذية والاجتماعيّة. على سبيل المثال، القدرة على محبة الصغار والحاجة للطعام والشراب وقضاء الوقت مع آخرين من نفس جنسك هي خصال لا تقتصر فقط على البشر. نسبة إلى الفيلسوفة جوليا تانر، «سيكون تعسفيًّا حرمان الحيوانات ذات القدرات المتماثلة من مقدار متشابه من الاعتبارات الأخلاقية». لذلك، إن كان من غير الأخلاقي منح طفلنا مخدرًا والضحك على تصرفاته، هل يجب علينا التعامل بالمِثل مع قططنا دون تفكير؟ جرى النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الأخرى حول ما إذا كان إعطاء الكاتنيب أمرًا أخلاقيًا.
علّق شخص مثلًا على موقع ريديت (أحد مواقع التواصل الاجتماعي): «فكر بالأمر على أن قطتك تخرج لشرب بعض كؤوس الجعة بعد العمل». رد على هذا قارئ آخر من عائلة مجهولة الهوية ومدمنة على الكحوليات، وسأل إذا كان من الأخلاقي منح أحد مخدرًا في منزل خال من هذه المواد. سألتُ جمعية (الناس لهدف المعاملة الأخلاقية مع الحيوانات people for the-ethical treatment of animals) أو (بيتا-PETA) غير الربحية عن موقفهم من هذه القضية. أجابت مسؤولة الإعلام صوفيا تشارتشاك: «تؤيد جمعية بيتا إعطاء القطط الكاتنيب عالي الجودة بكميات معقولة، كما تؤيد إبقاءها داخل المنزل، حيث ستكون آمنة من السيارات والأمراض المعدية والحيوانات المفترسة والبشر القاسيين، وبالتالي قادرة على التمتع بالألعاب (ما يشمل الألعاب المزودة بالكاتنيب) لسنوات عديدة قادمة».
على أية حال، فإن وجهة نظري هنا ليست فيما إذا كانت القطط تتمتع أم تتألم. إنها حول مسؤوليتنا تجاه أفعالنا نحو حيواناتنا الأليفة وإعطائها نفس الاعتبارات الأخلاقية التي نعطيها للبشر. نادرًا ما نلاحظ كيف أن الإعلانات وبرامج التلفزة والأفلام والصور الفوتوغرافية غالبًا ما تقدم منظورًا واحدًا عن الحيوانات بواسطة استخدامها لإيصال فكرة عن البشر، وليس عنها كحيوانات. الذئاب، على سبيل المثال، تظهر بشكل واسع في الإعلانات والأفلام على أنها تنوي إيذاءنا فقط، بدلًا من كونها قطيعًا معقدًا ومتعدد الأبعاد كما هي في الواقع. لهذا تأثير على كيفية نظرتنا للحيوانات. أنا أتفق مع العلماء الذين أشاروا إلى أننا بحاجة إلى النظر للحيوانات على أنها العنصر الفاعل في حياتها الخاصة بدلًا من كونها العنصر المفعول به في حياتنا. أؤمن بأنه ينبغي لنا أن نعيد التفكير بمدى أخلاقية إعطائها الكاتنيب.
ديبرا ميرسكن، بروفيسورة في جامعة أوريغان.
ترجمة: شهد نداف تدقيق: نغم رابي