هل من الممكن أن نختبر شروق الشمس من الغرب؟
ربّما سمعت في مرحلة ما من حياتك المثل القائل: (غدًا ستظلّ الشمس تشرق من الشرق وتغرب من الغرب) وفهمتَ القصد منه أنّها ليست نهاية العالم.
لكن هل تساءلت يومًا لماذا تعمل الشمس بتلك الطريقة؟ ولماذا تشرق الشمس من الشرق وتغرب من الغرب دائمًا؟ وما هي الآلية الكامنة خلف عمل الشمس بتلك الطريقة؟
بطبيعة الحال، قد فسّر الإنسانُ القديمُ مسارَ الشّمس عبر السماء بأنّها حركة دوران الشمس حول الأرض.
ولكن مع ولادة علم الفلك الحديث، توصلنا إلى معرفة أنّ ما يحدث في الواقع على العكس من ذلك.
الشمس تبدو وكأنّها تدور حول الارض لأنّ كوكبنا يدور حول الشمس بينما يدور حول محوره في الوقت نفسه.
وبهذا قد توصلنا لمعرفة المسار المعروف للشمس عبر السماء وأسس قياس الوقت.
دوران الأرض:
إنّ الأرض تدور حول محورها كما تدور حول الشمس، كما هو معروف بالفعل.
وقد تبدو حركة دوران الأرض عكس عقارب الساعة عند النظر إليها من أعلى القطب الشمالي السماوي.
وبسبب ذلك، قد تبدو الشمس للواقفين على سطح الأرض بأنّها تتحرك حول نفسها في اتجاه غربي بمقدار 15 درجة في الساعة، وينطبق ذلك على (الحركة الظاهرية) من الشرق إلى الغرب للأجرام السماوية الملحوظة في السماء.
م هائل. أي أنّ كوكبي بلوتو والزهرة قد تمّ تغير دورانهما في اتجاه آخر بسبب تصادم هائل، بينما ضرب تصادم آخر كوكب أورانوس مما جعله يبدو وكأنّه يتدحرج.
تستغرق الأرض 23 ساعة و56 دقيقة و4.1 ثانية كي تتمّ دورة كاملة حول محورها، بسرعة دوران1,674.4 كيلومتر بالساعة.
ويعني ذلك في جوهره أنّ اليوم من المنظور الفلكي أٌقل من 24 ساعة.
ولكن إلى جانب الدور المداري (دوران الأرض حول الشمس) فإنّ اليوم من منظور شمسي -وهو الوقت الذي تستغرقه الشمس لتعود لموقعها نفسه في السماء- يستغرق 24 ساعة بالضبط.
مدار الأرض حول الشمس:
تستغرق الأرض 365.256 يومًا تقريبًا لتكمل دورة واحدة حول الشمس، بمتوسط سرعة مدارية107,200 كيلومتر بالساعة -وتعرف تلك الدورة باسم السنة الفلكية أيضًا – ويعني ذلك أنّ تقويم الأرض كلّ أربع سنوات يجب أن يتضمن يومًا إضافيًّا (فيما يعرف بالسنة الكبيسة).
عند النظر للأرض من القطب الشمالي السماوي، يبدو اتجاه حركة الأرض في مدارها حول الشمس عكس عقارب الساعة.
إلى جانب ميلها المحوري -أي أنّ محور الأرض يميل 23.439 درجة باتجاه مسار الشمس- ويسبب ذلك الميل التغيرات الموسمية.
بالإضافة إلى اختلاف درجات الحرارة وكمية ضوء الشمس التي تستقبلها الكرة الأرضية على مدار السنة.
بشكل أساسي، يحلّ فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي ويحلّ فصل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي، وذلك عندما يتجه القطب الشمالي ناحية الشمس.
ترتفع درجة حرارة المناخ خلال فصل الصيف وتشرق الشمس في السماء في وقت باكر من الصباح بينما تغرب في ساعة متأخرة من المساء.
بينما يصبح المناخ أكثر برودة بشكل عام في الشتاء، ويصبح النهار أقصر وتشرق الشمس متأخرة وتغرب باكرًا.
يصبح الوضع متطرفًا فوق الدائرة القطبية، حيث لا تشرق الشمس على الإطلاق لفترة من العام تصل إلى ستة أشهر في القطب الشمالي نفسه، في ظاهرة تعرف باسم (الليل القطبي).
أمّا في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية يكون الوضع معكوسًا تمامًا حيث تشرق الشمس في القطب الجنوبي طوال 24 ساعة في ظاهرة تعرف باسم (شمس منتصف الليل).
أخيرًا وليس آخِرًا، تؤدي التغيرات الموسمية أيضًا إلى تغيرات في الحركة الظاهرية للشمس في السماء.
فتتحرك الشمس من الشرق إلى الغرب فوق رؤوسنا مباشرة خلال فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي، بينما تبدو في فصل الشتاء أكثر قربًا إلى الأفق الجنوبي.
وتتحرك الشمس في سماء المنطقة خلال فصل الصيف في نصف الكرة الجنوبي، بينما تبدو في فصل الشتاء أكثر قربًا إلى الأفق الشمالي.
باختصار، إنّ سببَ شروق الشمس من الشرق وغروبها من الغرب هو دوران كوكب الأرض. وتختلف كميّة ضوء النّهار التي تصلنا بسبب ميل محور الأرض.
ربّما يختلف الوضع إذا اصطدم بالأرض كويكبٌ كبيرٌ كفاية أو جُرم سماوي مثلما حدث لكوكب الزهرة وأورانوس وبلوتو. وقد نختبر أيضًا ما يشبه شروق الشمس من الغرب، وغروبها من الشرق.
- ترجمة: نهى سليمان
- تدقيق: عبدالسلام الطائي