تتضارب الدراسات المختلفة بشأن أفضل وقت لممارسة الرياضة في فترة الصيام، حين لا يتوفر إلا القليل من الطعام والماء في الجسم للقيام بالنشاطات والوظائف الحيوية المختلفة.

تقول المدربة الرياضية جينيفر ديكس، إن هناك طرقًا جيدة للتمرين بأمان في أثناء الصيام، سواء كان الصيام لأسباب دينية أو صحية، ذلك لأنه لا يمكن عد أيام الصيام مثل بقية الأيام، خاصة عندما يتعلق الأمر بممارسة النشاط البدني.

تضيف جينيفر قائلة: «عند ممارسة الرياضة في فترة الصيام، فإن احتمال الإصابة بالجفاف واضطرابات الحرارة أكبر بكثير، وهو شيء يجب توخي الحذر بشأنه»

هل من الآمن ممارسة الرياضة في أثناء الصيام؟

من الناحية الفيزيولوجية، فإن أفضل وأسلم وقت لممارسة الرياضة هو عندما تحافظ على إماهة جيدة في جسمك، وفي الأوقات التي لا يمكن فيها إدخال المياه والمواد المغذية، فمن الأفضل صيانة طاقة الجسد، ما يعني أنه من الأفضل جدولة التمرين قبل بدء الصيام أو بعد انتهائه مع الأخذ بالحسبان اختلاف بعض التفاصيل حول نوعية التمرين ونوع الصيام.

ممارسة الرياضة في أثناء الصيام المتقطع:

يعرف الصيام المتقطع بالتناوب بين فترات زمنية محددة من الأكل والصيام، ويوفر هذا النوع من الصيام مساحةً أكثر أمانًا من الصيام الديني لممارسة التمارين.

تقول ديكس: «إذا كنت تتبع الصيام المتقطع لأسباب صحية أو لفقدان الوزن، فيمكن جدولة برنامج التمرين ليتماشى مع فترات الأكل، والصيام بطريقة آمنة وصحية».

ممارسة الرياضة في أثناء الصيام الديني:

مرة أخرى، تُحدث التفاصيل فرقًا كبيرًا في معرفة كيفية ممارسة الرياضة بأمان في أثناء الصيام.

يتضمن الصيام الجزئي تناول كميات أقل من الطعام، أو الامتناع عن أنواع معينة من الطعام، مثلًا: الصيام في أيام معينة من السنة مثل صيام شهر رمضان، أو توقف العديد من البوذيين عن تناول الطعام بعد أخذ وجبة منتصف النهار.

تقول ديكس أيضًا، إن الصيام الجزئي هو في الأساس نوع من الصيام المتقطع، لذلك من الأفضل جدولة التدريبات خلال الأوقات التي لا تصوم فيها.

بهذه الطريقة، يمكن تناول الطعام والإماهة قبل ممارسة النشاط الرياضي وبعده، ولكن تصبح الأمور أكثر صعوبة في الصيام الذي تمتنع فيه عن تناول جميع الأطعمة والمشروبات لفترة زمنية محددة، إذ تسمح بعض أنواع الصيام الكامل بمياه الشرب، في حين أن البعض الآخر لا يسمح بذلك.

فيما يلي بعض الأمثلة على أنواع مختلفة من الصيام الديني الكامل:

 الصيام من شروق الشمس إلى غروبها:

تتطلب بعض الأعياد الدينية الامتناع عن الطعام والمشروبات من شروق الشمس إلى غروبها، مثل صيام الثلاثين يومًا من شهر رمضان للمسلمين أو صيام التسعة عشر يومًا للبهائيين. في هذه الحالات، قد يستيقظ الصائمون قبل شروق الشمس أو يبقون مستيقظين حتى غروب الشمس لتناول الطعام خلال الأوقات المسموح بها.

 الصيام بين عشية وضحاها:

خلال عطلات الصيام مثل يوم الغفران وتيشا باف، إذ يصوم الناس طوال الليل على مدار 24 ساعة عن جميع الأطعمة والمشروبات.

بالإضافة إلى أن هذه الأعياد اليهودية تبدأ عند غروب الشمس وتستمر حتى مغيبها في اليوم التالي، لذلك لا توجد فرصة لتناول وجبة الإفطار في الصباح.

نصائح لممارسة الرياضة في أثناء الصيام:

نظرًا لوجود القليل من الأبحاث فقط حول هذا الموضوع، توضح ديكس أن العديد من النصائح والإرشادات حول ممارسة النشاط البدني في أثناء الصيام مأخوذة من تجارب قصصية من الرياضيين والمدربين وخبراء التغذية وغيرهم في هذا المجال، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل هذه النصائح تختلف بحسب نوع الصيام المتبع.

1- اختر الوقت المناسب للتمرين:

لا تمارس الرياضة في منتصف يوم الصيام إذا أمكن، بل اجعل وقت التمرين قبل بدء الصيام أو بعد انتهائه، فإذا كنت تمارس الرياضة قبل بدء الصيام، فأنت قادر على التمرين والتعافي في وقت ما يزال يُسمح لك فيه بالترطيب قبل وفي أثناء التمرين وبعده مباشرة، وينطبق الشيء نفسه على ممارسة الرياضة بعد انتهاء الصيام.

أما إذا كنت تلعب رياضة جماعية، كما لو كنت رياضيًا في المدرسة الثانوية أو الكلية، فمن المحتمل ألا تستطيع التحكم بوقت التمرين، ما لا يعني بالضرورة أنه يجب عليك تخطي التمرين في أثناء الصيام، وهذا الذي يقودنا إلى النقطة التالية.

2- تناول طعامًا صحيًا قبل أن يبدأ صيامك:

إذا كنت تصوم من شروق الشمس إلى غروبها، مثل صيام شهر رمضان، فمن المهم ألا تفوت وجبة الإفطار، وإذا كان لديك تمرين في منتصف النهار ولا يمكن تغيير وقته مثل تمرين كرة القدم، فتأكد من تناول بعض البروتين الإضافي في الصباح قبل بدء الصيام.

تقول ديكس: «أوصي بإضافة مسحوق البروتين الجاهز إلى وجبة الإفطار قبل بدء الصيام، لأنه عندما لا يمكن تناول الطعام في النهار، قد يكون من الصعب الحصول على كل البروتين الذي يحتاجه الجسم، خاصة للنشاط البدني، لذلك قد يساعد مسحوق البروتين بمنزلة نوع من المكملات الغذائية».

في حال كان الصيام لا يسمح بتناول وجبة الإفطار في بداية اليوم، فمن الأكثر سلامة تجنب النشاط البدني حتى تتمكن من الإفطار والتزود بالطاقة بشكل صحيح.

3- الترطيب قبل وبعد التمرين ومراقبة علامات الجفاف:

يعد الترطيب أو الإماهة عاملًا رئيسيًا في التمرين، يؤثر على جودة أداء التمرين وسرعة الاستشفاء، وعندما لا نستطيع شرب الماء في أثناء الصيام، فإن ذلك يؤدي لحدوث مشكلات صحية.

حذرت ديكس من مخاطر ممارسة الرياضة عندما لا نتمكن من شرب الماء، لذلك يجب توخي الحذر ومراقبة علامات الجفاف أدناه:

  •  الدوخة أو الدوار.
  •  الصداع.
  •  عدم القدرة على التركيز.
  •  تشنجات عضلية.
  •  الغثيان.
  •  الإقياء في الحالات الشديدة.

لتجنب هذه المشكلات، يجب التركيز على شرب السوائل خلال الأوقات التي يمكن فيها تناول الطعام والشراب، والماء هو أفضل خيار للوقاية من الجفاف، مع أن بعض الفواكه والخضار قد تساعد أيضًا. من الجيد تجنب القهوة قبل الصيام، لأن الكافيين يمكن أن يساهم في الجفاف.

4- تعديل توقعاتك من التمارين:

عند ممارسة الرياضة في أثناء الصيام، يجب أن يكون هدفك هو الحصول على تمرين لائق، والتركيز على جودة ما تفعله، وليس الكمية، وإذا كنت تصوم لعدة أيام، فامنح جسمك بعض الوقت لاعتياد نظام الأكل الجديد، إذ سوف يستغرق الأمر بعض الوقت للتكيف.

5- مراعاة ممارسات بعد التمرين:

يساعد التعرقُ الجسم على التحكم في درجة حرارته ومنه تبريده، لذلك احرص على ارتداء ملابس مناسبة تحد من ارتفاع درجة الحرارة كثيرًا وتبديلها في أسرع وقت ممكن بعد الانتهاء من التدريب، قد يبدو هذا أمرًا لا يحتاج إلى تفكير، ولكن عندما تصوم، من المهم تبديل ملابس التمرين لتبريد الجسم بسرعة أكثر من أي وقت مضى.

بالإضافة إلى الاستحمام بالماء البارد، فإن بعض الناس يحبون الجلوس في حمام جليدي أو الاستحمام بماء بارد بعد التمرين، بينما يحب البعض الآخر وضع بعض الماء في أفواههم ثم التخلص منه.

6- استمع إلى جسدك:

لقد تحدثنا بالفعل عن كيفية الوقاية من الجفاف والعلامات التحذيرية التي يجب البحث عنها، ولكن هناك مخاطر أخرى للصيام في أثناء ممارسة الرياضة أيضًا.

يشيع حدوث اضطرابات الحرارة في الجو الحار، وتكثر الإصابة بها عند عدم الحصول على إماهة كافية، وتشمل:

  •  الطفح الجلدي الحراري: وهو ظهور حطاطات حمراء صغيرة ناتجة عن احتباس العرق في الغدد العرقية.
  •  تقلصات الحرارة: هي تشنجات عضلية مؤلمة تحدث عندما يفقد الجسم العناصر الغذائية مثل وقت الصيام.
  •  الإنهاك الحراري: عندما يسخن جسمك ولا يستطيع تبريد نفسه.
  •  ضربة الحرارة: وهي حالة مهددة للحياة تحدث عندما ترتفع درجة حرارة الجسم فوق 40 درجة مئوية.

7- اختر الأطعمة المناسبة للإفطار:

إذا كنت تخطط لممارسة الرياضة بعد انتهاء الصيام، فلا تبدأ بالأطعمة الثقيلة على الفور، بل ابدأ بالسوائل ثم تناول القليل من الطعام، فنحن نريد تزويد الجسم بالمغذيات التي خسرها في التمرين لكن دون الشعور بالتخمة والامتلاء.

  •  ابتعد عن تناول البروتينات والألياف الثقيلة.
  •  اختر وجبة خفيفة صحية، إذ تقول ديكس: «ابحث عن شيء صغير وخفيف يمنحك الطاقة للتمرين». الأطعمة المرطبة والمنشطة مثل الفاكهة والخضراوات تمنح العناصر الغذائية الصحية دون التسبب بالتخمة.
  •  الماء ثم الماء، إذ قد تشعر بالنعاس بعد يوم دون طعام، لكن يفضل الابتعاد عن مشروبات الطاقة والعصائر والمنتجات الحاوية على كافيين وسكر، فإن يومًا دون ماء يعني المزيد من الجفاف.

إذا كان لديك طفل رياضي ومقبل على الصيام المستمر (مثل صيام شهر رمضان)، توصي ديكس بإخبار طاقم التدريب في وقت مبكر. لأن الأطفال و حتى المراهقين ليس لديهم دائمًا الوعي الذاتي لمعرفة حدودهم.

8- تأكد من أن الصيام آمن بالنسبة لك:

الصيام ليس آمنًا للأشخاص الذين يعانون من حالات صحية معينة، وقد تؤدي ممارسة الرياضة في أثناء الصيام بسرعة إلى مشكلات صحية لدى الأشخاص الذين لديهم عوامل خطورة عالية.

بالإضافة إلى شعور بعض الناس بالذنب أو الحزن لعدم القدرة على المشاركة في هذه الطقوس الدينية.

لذا قبل أن تبدأ بالصيام، فمن الأفضل دائمًا استشارة الطبيب حول إمكانية ذلك.

اقرأ أيضًا:

لماذا يحمي الصيام الجسم من الالتهابات الخطيرة؟

تأثير نمط الصيام المنقطع في الدماغ البشري: تغيرات ديناميكية ملحوظة

ترجمة: تيماء القلعاني

تدقيق: نور حمود

المصدر