لا تعد الرغبة في الحصول على شعر بألوان مختلفة أمرًا جديدًا، إذ كان الناس في مصر القديمة يستخدمون الحناء لتجميل الشعر أو حتى لتغطية الشيب، وقد انتشر صبغ الشعر في اليونان القديمة أيضًا.

استمرت الرغبة بالحصول على مظهرٍ جديد لآلاف السنين، إلا أن الطريقة قد تغيرت بالتأكيد، فقد استبدلت المكونات الطبيعية التي كان يستخدمها البشر قديمًا بالعديد من المواد الكيميائية التي قد تكون مرتبطةً بزيادة خطر الإصابة بالسرطان بشكٍل كبير.

هل هذا يدل على أن صبغ الشعر الحديث قد يكون ضارًا بالصحة؟ دعونا نلقي نظرة على الأبحاث مع اختصاصي الأورام الإشعاعية تشيراج شاه، واختصاصية الأورام الطبيبة تيفاني أونجر.

ماذا تحتوي صبغة الشعر؟

لا يعدُّ تغيير لون الشعر أمرًا سهلاً، والدليل على ذلك أنه عملية صباغة الشعر قد تحتاج إلى أكثر من 5000 مادة كيميائية لإتمامها.

تتضمن قائمة هذه المواد مركبات معروفة بأنها مسببة للسرطان، أو مواد قد تسبب اضطرابًا في عمل الهرمونات ومستوياتها في الجسم أيضًا، ما قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، وفقًا للدكتور شاه.

تضم هذه المواد الكيميائية الضارة فئة الأمينات العطرية، مثل:

  •  3-أمينو-4-ميتوكسي الأنيلين.
  •  2-نيترو-4-أمينو الأنيلين.
  •  3-نيترو-4-هيدروكسي الأنيلين.

عادًة ما تحتوي صبغة الشعر الدائمة -التي تشكل حوالي 80٪ من الصبغات الموجودة في السوق- على المزيد من المواد الكيميائية مقارنًة بصبغات الشعر شبه الدائمة أو المؤقتة.

غالبًا ما تحتوي صبغات الشعر الداكنة على تراكيز أعلى من المواد الكيميائية والمواد المسببة للسرطان من الصبغات الفاتحة.

صبغ الشعر والسرطان:

أُجريت دراسات عديدة على مر السنين لاكشاف الرابط المحتمل بين صبغ الشعر والإصابةِ بأنواع مختلفة من السرطان، مثل:

  •  سرطان المثانة.
  •  سرطان الثدي.
  •  اللمفوما اللاهودجكينية.
  •  ابيضاض الدم.
  •  سرطان الجلد (سرطان الخلايا القاعدية).
  •  سرطان بطانة الرحم.

تقول الدكتورة أونجر أن هناك مخاوف واضحة، إذ يطبّق الناس صبغات الشعر على فروة الرأس بالرغم من معرفة المختصين أن تلك الصبغات تحتوي على مواد كيميائية، لهذا السبب توجد أبحاث كثيرة في هذه المجال.

كانت نتائج تلك الدراسات مختلفة، وقد تم العثور على بعض الارتباطات.

لكن بشكل عام، أوضحت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) التابعة لمنظمة الصحة العالمية (WHO) أن استخدام صبغات الشعر الشخصية لا يمكن تصنيفه مادةً مسببة للسرطان لدى البشر.

مع ذلك، قد وجدت الوكالة زيادة في خطر الإصابة بالسرطان بين مزينات الشعر والحلاقين، خاصًة ممن يتعاملون بشكل متكرر مع صبغات الشعر، وقامت الوكالة بتصنيف هذه النوعية من التعرض للصبغات على أنها “مسببة للسرطان على الأرجح”.

نظرة عامة عن ارتباط صبغ الشعر ببعض أنواع السرطان:

 سرطان المثانة:

لم تكتشف معظم الدراسات وجود زيادة في خطر الإصابة بسرطان المثانة بين الأشخاص الذين يصبغون شعرهم، وذلك وفقًا للمعهد الوطني للسرطان، لكن توجد هناك بعض المخاوف التي تتعلق باستخدام صبغات الشعر الدائمة. قد ترتفع مستويات خطر الإصابة بسرطان المثانة في حال التعامل مع صبغات الشعر بانتظام وتكرار.

 سرطان الثدي:

أُقيمت دراسة كبيرة نسبيًا في معهد الصحة الوطني عام 2019، دُرست فيها العلاقة بين خطر الإصابة بسرطان الثدي واستخدام صبغات الشعر ومواد تمليس الشعر الكيميائية.

شملت الدراسة أكثر من 45 ألف امرأة، ووجد الباحثون الآتي:

يزداد خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى الأشخاص الذين يستخدمون صبغات الشعر الدائمة بانتظام، مقارنًة بغيرهم. قد تكون النساء السوداوات عُرضة لخطر الإصابة بسرطان الثدي أكثر من النساء البيضاوات.

وُجدت زيادةٌ متفاوتة في خطر الإصابة بسرطان الثدي بينهن، إذ ازدادت الإصابات بنسبة 45% بين النساء السوداوات، أما بالنسبة للنساء البيض فقد ازدادت نسبة الإصابة لديهن بمقدار 7% فقط.

أشارت بعض الأبحاث إلى أن صبغات الشعر شبه الدائمة قد تزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي أيضًا. لم تكن صبغات الشعر شبه الدائمة مرتبطةً بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، إلا أن الأشخاص الذين استخدموها بأنفسهم -دون مساعدة كوافير محترف- وُجد لديهم ارتباط بالإصابة به.

وجدت دراسة أخرى أن مواد تمليس الشعر الكيميائية تسبب زيادة في خطر الإصابة بسرطان الثدي، تحتوي بعض هذه المواد على الفورم ألدهيد، وهو مادة معروفة بأنها مسببة للسرطان. وقد أدى استخدام مواد تمليس الشعر الكيميائية بفترة مدتها 12 شهرًا قبل الدخول في الدراسة إلى زيادة نسبة الإصابة بسرطان الثدي لتكون 18%.

إن استخدام هذه المواد بتكرار أكثر يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي أيضًا. على سبيل المثال، كان لدى الأشخاص الذين استخدموا مواد التمليس على مدى كامل خمسة أسابيع إلى ثمانية خطرًا بنسبة 31% للإصابة بسرطان الثدي.

 الأورام الأخرى:

لا توجد دلالة إحصائية تلخص الكثير من نتائج الأبحاث المتعلقة بصبغ الشعر وزيادة خطر الإصابة بالأورام الأخرى، مثل سرطان اللمفاويات غير هودجكين، وسرطان الدم، وسرطان الرحم.

هل يجب التوقف عن استخدام صبغات الشعر؟

يقول الطبيبان شاه وأونغر: «كل يوم، نتعرض للعديد من الأشياء التي يمكن أن تكون عوامل خطر للإصابة بالسرطان. صبغات الشعر هي مجرد عنصر واحد في القائمة».

في حال القلق من خطر الإصابة بالسرطان، فانظر إلى جميع عوامل الخطر عند اتخاذ القرارات. تحدث مع الطبيب عن نمط حياتك وبيئات منزلك وعملك وتاريخ عائلتك حتى تتمكن من اتخاذ القرار الأفضل بالنسبة لك.

يمكن أن تكون صبغات الشعر جزءًا من هذا النقاش بالتأكيد ولكن لا ينبغي أن تكون الشيء الوحيد.

اقرأ أيضًا:

ما مدى أمان صبغة الشعر؟ وهل تسبب مخاطر جسيمة؟

الماء الأوكسيجيني من صبغة الشعر الى الفضاء

ترجمة: قيثارة درويش

تدقيق: ألاء ديب

المصدر