نحن نشهد وباءً ظاهريًا من نفخة البطن في هذه الأيام.
وتتدرج الأسباب من أمراض حميدة لكن مزعجة مثل عدم تحمل اللاكتوز (عوز اللاكتاز) إلى أمراض خطيرة مثل السرطان.
ولكن كيف يمكنك أن تعرف ما إذا كانت نفخة البطن مجرد مصدر إزعاج أو إشارة إلى الإصابة بمرضٍ ما؟ تعد نفخة البطن خطيرة عندما تكون الأعراض ناجمة عن حالة تتطلب الرعاية الطبية الفورية.
من المهم أن تكون على دراية بعلامات التحذير والأعراض التي قد تشير إلى أمر مقلق، وكذلك الأعراض التسعة المرتبطة بالنفخة الخطيرة، وما يجب أن تفعل حيالها.
علامات التحذير والأعراض
يعد فقدان الوزن أحد علامات التحذير الرئيسة لنفخة البطن الخطرة.
إذا وجدت نفسك تفقد الكثير من الوزن دون تغيير نظامك الغذائي أو اتباعك نظامًا رياضيًا جديدًا، قد يكون ذلك أمرًا يدعو للقلق، وخاصةً إذا فقدت 10% أو أكثر من وزنك.
قد يحدث الفقدان الشديد للوزن نتيجة ورم يضغط على الأمعاء، ما يجعلك تشعر بالشبع بعد تناول كمية قليلة من الطعام، أو نتيجة المواد القامعة للشهية التي تفرزها الأورام.
الاستسقاء البطني: وهو تراكم غير طبيعي للسوائل في البطن أو الحوض.
يمكن أن يسبب النفخة وزيادة الوزن و توسع سريع في منطقة الخصر.
عادةً ما يحدث الاستسقاء نتيجة أمراض الكبد، ولكن يعد السرطان السبب في حوالي 10% من الحالات.
تناول كمية كبيرة من السوائل ستجعلك تبدو وتشعر وكأنك امرأة حامل منذ عدة أشهر.
قد يكون حدوث مزيج من النفخة واليرقان (الذي يحول لون العينين والجلد إلى الأصفر) علامة على انتشار السرطان إلى الكبد، على الرغم من أن ذلك قد يحدث أيضًا مع أمراض الكبد الغير خطيرة مثل التهاب الكبد.
أما الألم الشديد في البطن والانتفاخ الذي يحدث فجأة، خاصةً إذا ترافق مع غثيان وقيء، فقد يكون علامةً على انسداد الأمعاء نتيجة ندب أو ورم يضغط على الأمعاء.
لا بد هنا من العناية الطبية الفورية لتجنب المضاعفات مثل ثقب الأمعاء الذي قد يكون قاتلًا.
تكون منطقة الانسداد مؤلمة بسبب تمدد الأمعاء فوقها عند امتلائها بالطعام وعصارات الهضم.
وقد يحدث الألم شديد على شكل دفعات عندما تحاول الأمعاء دفع محتواها عبر المنطقة المسدودة.
يمكن لوجود الدم في البراز أو النزيف المهبلي قبل أو بعد انتهاء الدورة الشهرية (الطمث) أو النزيف المهبلي بعد سن اليأس، أن يترافق مع نفخة البطن الخطيرة.
لحسن الحظ، فإن الأسباب الأكثر شيوعًا لهذه الأعراض (البواسير، عدم انتظام الدورة الشهرية، الأورام الليفية، ضمور بطانة الرحم) ليست أكثر خطورة، ولكن ينبغي دائما تقييم النزيف لأنه قد يشير إلى الإصابة بسرطان، وخاصة سرطان القولون أو سرطان الرحم.
أما الحمى التي تترافق مع النفخة، فعادةً ما تكون بسبب العدوى أو الالتهاب.
إذا كان هناك أيضًا زيادة في أعداد خلايا الدم البيضاء، يجب إزالة الالتهاب على الفور وخاصة إذا كان في الحوض أو الجهاز البولي أو الجهاز الهضمي.
أسباب نفخة البطن الخطيرة وما يجب فعله حيالها
1- سرطان المبيض:
ليس الأكثر شيوعًا، ولكنه أحد السرطانات الأكثر خطورة.
على الرغم من أن سرطان المبيض هو خامس أنواع السرطانات الأكثر شيوعًا لدى النساء، إلا أنه يسبب وفيات أكثر من أي سرطان آخر يحدث في الأعضاء التناسلية، والذي غالبًا ما يصيب النساء اللواتي تجاوزن سن الخمسين.
تشمل عوامل الخطر عدم القدرة على الإنجاب أو الإنجاب في سنٍ متأخرة، والسمنة وعوامل وراثية وبعض التشوهات الجينية، والعلاج على المدى الطويل بالهرمونات البديلة.
تعد نفخة البطن المستمرة والشعور بالشبع بسرعة وآلام الحوض أعراضًا شائعة أيضًا.
ما يجب أن تفعله إذا اشتبهت بسرطان المبيض:
يعد الفحص الدقيق للحوض أو تصوير المهبل بالأمواج فوق الصوتية أفضل وسيلة لتشخيص سرطان المبيض.
لا يمكن الاعتماد على اختبار الدم CA-125، ولكنه قد يكون مفيدًا لمتابعة سير العلاج بعد التشخيص.
2- سرطان الرحم:
بالإضافة إلى النفخة، يمكن أن يسبب سرطان الرحم نزيفًا مهبليًا غير طبيعي، وإفرازات مهبلية مائية أو دموية وألمًا في الحوض أو ألمًا أثناء الجماع أو التبول.
ولكن من المهم أن نعرف أن نفخة البطن أو الاضطراب في حركة الأمعاء (بداية إمساك مثلًا) قد تكون العلامات الأولية الوحيدة لسرطان الرحم.
وتشمل عوامل الخطر الهامة أخذ دواء تاموكسيفين مع مكملات هرمون الإستروجين التي لا تحتوي أيضًا على هرمون البروجسترون، والعلاج الإشعاعي وعوامل وراثية أو متلازمة لينش (أحد أشكال سرطان القولون الوراثية).
ما يجب أن تفعله إذا اشتبهت بسرطان الرحم:
قد يشير مزيج من الأعراض المذكورة أعلاه، وخاصة في حال وجود عوامل وراثية أو عوامل الخطر الإضافية، إلى أمراض أكثر خطورة مثل سرطان الرحم.
وهذا يدعو إلى مزيد من الفحوصات الفورية للحوض والتصوير بالأمواج فوق الصوتية أو التصوير الطبقي المحوري.
لحسن الحظ، يمكن علاج السرطانات الخطيرة إذا تم تشخيصها في وقت مبكر، وغالبًا ما يتم الشفاء منها.
3- سرطان القولون:
يمكن أن يسبب هذا النوع انسدادًا في القولون ما يسبب حدوث نفخة تدريجيًا.
إذا كان موقع السرطان في نهاية القولون في المستقيم أو القولون السيني، عادة ما يكون هناك نزيف وإمساك شديد.
أما إذا كان السرطان في أعلى القولون، قد تكون النفخة هي العارض الأولي الوحيد.
سرطان القولون هو ثاني أكثر الأسباب شيوعًا لوفيات السرطان لدى غير المدخنين في الولايات المتحدة.
ما يجب أن تفعله إذا اشتبهت بسرطان القولون:
يمكن الوقاية من سرطان القولون غالبًا عبر تغييرات في نمط الحياة وفحوصات تنظير القولون العادية.
أظهرت بعض الدراسات أن الانتقال إلى نظام غذائي نباتي غني بالمواد المغذية يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 50%.
إذا كنت تعتقد أنك تعاني من الأعراض السابقة، من المهم إجراء تنظير للقولون.
4- سرطان البنكرياس:
يعد هذا النوع شديد الخطورة وغالبًا ما ينتهي بالموت.
تشمل الأعراض المثيرة للقلق والتي قد تشير إلى الإصابة بسرطان البنكرياس، حدوث نفخة في البطن مترافقة مع اليرقان (اصفرار العينين والجلد)، وفقدان الشهية والوزن وآلام في أعلى البطن تمتد إلى الظهر.
قد يكون مرض السكري المشخص حديثًا، بالإضافة إلى النفخة وفقدان الوزن وآلام في البطن أيضًا علامة على الإصابة بسرطان البنكرياس.
ما يجب أن تفعله إذا اشتبهت بسرطان البنكرياس:
لحسن الحظ، لا يعد سرطان البنكرياس سببًا شائعًا لنفخة البطن.
ولكن إذا كنت مصابًا به، يعد التشخيص المبكر هو المفتاح لضمان نتائج جيدة.
اطلب المشورة الطبية فورًا إذا كنت تعاني من الأعراض السابقة.
5- سرطان المعدة:
لا تظهر أعراضه عادةً في وقت مبكر، أو قد يسبب أعراضًا غير واضحة مثل نفخة البطن وعسر الهضم والشعور بالشبع في أعلى البطن.
مثل سرطان البنكرياس، قد يكون قد وصل بالفعل إلى مرحلة متقدمة إلى أن يتم التشخيص، وفي هذه الحالة ستبدأ أعراض إضافية من فقدان الوزن والغثيان وآلام في البطن.
ما يجب أن تفعله إذا اشتبهت بسرطان المعدة:
تعد جرثومة الملوية البوابية أهم عامل مسبب لسرطان المعدة، لذلك فمن المهم إجراء الفحوصات إذا كنت تعتقد أنك في خطر.
تعد النترات والنيتريتات المحتواة في اللحوم المدخنة والمعالجة أيضًا عوامل مسببة لسرطان المعدة.
وقد يكون سرطان المعدة وراثيًا لدى بعض المرضى.
6- أمراض الكبد:
غالبًا ما تكون أمراض الكبد حميدة، ولكن يمكن للسرطان في الأعضاء البعيدة أن ينتشر ليصل إلى الكبد.
عندما تدخل الخلايا السرطانية إلى مجرى الدم، تتم تصفيتها في النهاية عبر الكبد.
قد تكون النفخة التي يرافقها الاستسقاء واليرقان علامة على أن السرطان انتشر في الكبد أو على بداية الإصابة بسرطان الكبد، والذي يمكن أن يصيب الناس الذين لديهم تاريخ من التهاب الكبد أو الشرب المفرط للكحول.
ما يجب أن تفعله إذا اشتبهت بأحد أمراض الكبد:
إذا كنت تعتقد أنك مصاب بمرض في الكبد، أجر فحصًا شاملًا لجسمك، بما في ذلك التصوير بالأمواج فوق الصوتية للكبد والبطن، واختبار الدم الذي يقيم وظيفة الكبد لتأكيد التشخيص.
يمكن علاج بعض أمراض الكبد من خلال تغييرات في النظام الغذائي:
تناول مزيدٍ من الخضروات الورقية والبقوليات وغيرها من النباتات، والتقليل من تناول البروتين الحيواني والأطعمة النشوية والسكرية.
بعض الحالات تتطلب أدوية موصوفة طبيًا.
7- التهاب الرتج:
يشير إلى عدوى أو التهاب يسبب ظهور آفات على شكل حفر صغيرة في القولون تسمى رتوج.
يحدث التهاب الرتج عادةً لدى من تجاوزوا سن الخمسين، وغالبًا ما يكون مصحوبًا بألم في البطن وحساسية وفقدان الشهية وحمى وإمساك أو إسهال.
ما يجب أن تفعله إذا اشتبهت بالتهاب الرتج:
يمكن علاج الرتوج بعدة طرق:
راحة الأمعاء (عدم تناول الطعام أو الشراب)، حمية غذائية تعتمد على السوائل، أخذ المضادات الحيوية (إذا وُجد ألم شديد أو حمى أو ارتفاع في أعداد خلايا الدم البيضاء)، وأخذ مسكن للألم.
قد تتطلب الحساسية الشديدة التصوير الطبقي المحوري لاستبعاد الخراج.
في أسوأ الأحوال، قد تضطر إلى تجفيف الخراجات، أو إجراء عملية جراحية لإزالة المنطقة المتضررة بشدة.
كلما بقي البراز ضمن حفر الرتوج، ازداد خطر حدوث التهاب الرتج – لذلك يجب معالجة الإمساك فوريًا في حال وُجد.
بعد إزالة الالتهاب، يمكن اتباع نظام غذائي غني بالألياف لتجنب المضاعفات في المستقبل.
8- مرض التهاب الحوض (PID):
يحدث عندما تصاب بطانة الرحم أو قناتا فالوب أو المبايض بالالتهاب، عادةً بسبب الأمراض المنقولة جنسيًا مثل الكلاميديا أو السيلان.
وقد يحدث أيضًا أثناء الولادة أو الإجهاض أو نتيجة إدخال جهاز داخل الرحم.
تشمل الأعراض الشائعة نفخة مترافقة مع حمى، وألم وحساسية في منطقة الحوض بالإضافة إلى الإفرازات المهبلية.
ما يجب أن تفعله إذا اشتبهت ب PID:
يعد الفحص الدقيق للحوض والعلاج بالمضادات الحيوية أمرين أساسيين.
فإذا لم يتم العلاج، قد يؤدي PID إلى العقم أو حدوث الحمل خارج الرحم (الحمل الذي يحدث وينمو في قناة فالوب بدلًا من الرحم وقد يسبب تمزق البوق والوفاة).
إذا كنتِ تعانين من نفخة ونزيف أو قذف مهبلي، وألم في الظهر أو الحوض وتعتقدين أنك قد تكوني حاملًا، يجب عليكِ طلب العناية الطبية الفورية لاستبعاد مرض PID.
9- مرض كرون:
هو مرض مناعة ذاتية يصيب الجهاز الهضمي، ويحدث عادةً في الأمعاء الدقيقة أو القولون.
قد يكون الفارق الزمني بين الأعراض الأولية والتشخيص عدة سنوات، وتعد النفخة إحدى الأعراض المبكرة.
يمكن أن يسبب مرض كرون تضيق الأمعاء وانسدادها في نهاية المطاف، ما يؤدي إلى النفخة الشديدة وفقدان الوزن والغثيان والقيء بعد وجبات الطعام. يحدث إسهال مع نزيف دموي عندما يصيب مرض كرون القولون.
قد توجد أعراض أخرى خارج الجهاز الهضمي، وتشمل تقرحات الفم وآلام المفاصل والآفات الجلدية والتهاب في العينين.
ما يجب أن تفعله إذا اشتبهت بمرض كرون:
عادةً ما يكون تشخيص مرض كرون أمرًا صعبًا.
فقد لا يظهر الالتهاب بالتصوير بالأشعة السينية وحتى بتنظير القولون.
يحدث الالتهاب عادةً في نهاية الأمعاء الدقيقة وهي منطقة يصعب الوصول إليها بالتنظير.
قد تكون هناك حاجة إلى تقنيات التصوير المتطورة مثل الطبقي المحوري والتصوير بالرنين المغناطيسي أو التنظير باستخدام الكبسولة (كاميرا صغيرة موجودة ضمن حبة دواء).
مثل التهاب القولون التقرحي، التغييرات في النظام الغذائي والمكملات الغذائية والأدوية الموصوفة كلها تلعب دورًا في الحد من الالتهاب والنفخة المترافقان مع مرض كرون.
الخبر السار هو أن معظم الناس الذين يعانون من نفخة البطن غير مصابين بالسرطان أو العدوى أو الالتهاب.
إذا كنت غير متأكد ما إذا كانت النفخة التي تعاني منها خطيرة، من الأفضل دائمًا أن تطلب المشورة والرعاية الطبية بدلًا من تجاهل الأمر.
- إعداد: ديانا نعوس.
- تدقيق: جعفر الجزيري.
- تحرير:عيسى هزيم.
- المصدر