سواحل بحيرات القمر تيتان تُظهر علامات على نحتها بواسطة أمواج عملاقة.

يظهر تحليل جديد أن الأجسام الكبيرة من الميثان والإيثان السائل التي تغلف سطح تيتان من المحتمل أن تكون مليئة بالأمواج التي تؤدي إلى تآكل الشواطئ، ما ينحت أشكال الأنهار والبحيرات الواسعة والمميزة لهذا القمر الغامض.

يوفر هذا الاكتشاف نظرة مثيرة على تيتان والطريقة التي قد تتصرف بها الأجسام السائلة على عوالم أخرى تختلف تمامًا عن الأرض.

صرّح الجيولوجي تايلور بيرون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT): «يمكننا القول، بناءً على نتائجنا، إنه إذا كانت سواحل بحار تيتان قد تآكلت، فإن الأمواج هي السبب الأكثر احتمالية. إذا كان بإمكاننا الوقوف على حافة إحدى بحار تيتان، فقد نرى أمواج الميثان والإيثان السائلين تتلاطم على الشاطئ وتتحطم على السواحل أثناء العواصف. وستكون قادرة على حت المادة التي تتكون منها السواحل».

اكتُشف تيتان بواسطة كريستيان هوغنز عام 1655، وظل سطح تيتان مخفيًا عن الأنظار بسبب جوه السميك والغائم، الذي حُدد رسميًا عندما اكتشف جيرارد كويبر الميثان في طيفه في عام 1944.

فقط عندما أرسِلَ مسبار كاسيني إلى مدار زحل في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وُصِفَ سطح قمر زحل بالتفصيل، بما في ذلك البحيرات اللامعة الكبيرة من الهيدروكربون السائل.

منذ ذلك الحين، تساءل العلماء عن طبيعة هذه البحيرات من الميثان والإيثان، بعضها بحجم يقارب بحيرات أمريكا الشمالية الكبرى.

وإلى جانب الأرض، يعد تيتان الجسم الوحيد المعروف في النظام الشمسي الذي يحتوي على خزانات سائلة ضخمة على سطحه، ونحن مفتونون جدًا. هل بحاره عاصفة ودائمة الحركة، مثل محيطات الأرض؟ أم أنها هادئة وساكنة، دون حركة كبيرة؟

تقول الجيولوجية روز باليرمو من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية: «بعض الأشخاص الذين حاولوا رؤية دليل على وجود الأمواج لم يروا شيئًا، وقالوا هذه البحار ناعمة مثل المرآة، وآخرون قالوا إنهم رأوا بعض الخشونة على سطح السائل ولكنهم لم يكونوا متأكدين مما إذا كانت الأمواج هي السبب».

لمعرفة ذلك، أجرى بيرون وباليرمو وزملاؤهم نمذجةً تفصيلية، محاولين محاكاة أشكال المجاري المائية والبحيرات التي شوهدت في صور تيتان.

أولاً، نظروا إلى الأرض، حيث أجروا نمذجة لمعرفة كيف تشكل آليات تآكل السواحل المختلفة أشكال السواحل للأجسام المائية مثل البحيرات والمحيطات. قدم لهم هذا إطارًا أساسيًا لاستخدام شكل الساحل لتحديد عمليات التآكل المختلفة التي قد تتشكل حول جسم من السائل.

طبقوا هذا الإطار على تيتان، حيث نظروا إلى ثلاث سيناريوهات محددة: الأول حيث لا يوجد تآكل ساحلي؛ والثاني حيث يظهر التآكل بفعل الأمواج؛ والثالث حيث يكون التآكل عملية موحدة، فتذوب المادة المكونة للساحل تدريجيًا، أو تسقط بحكم ثقلها.

من الأمور ذات الأهمية خاصية تعرف باسم “مهب الريح”، وهي المسافة التي يمكن للرياح أن تمر خلالها دون عائق فوق جسم من السائل، ناقلةً الطاقة إلى سطح السائل في أثناء مرورها. فكلما طالت مسافة الرياح، زادت الطاقة المنقولة، وزاد اضطراب وهيجان السطح.

تقول باليرمو: «يتعلق حت الأمواج للساحل بارتفاع الأمواج وزاويتها. استخدمنا مهب الريح لتقريب ارتفاع الأمواج؛ لأن ازدياد طول مهب الريح يعني ازدياد المسافة التي قد تهب فيها الرياح وتزيد فيها الأمواج».

وفي نماذجهم، أبرزت السيناريوهات الثلاثة سواحل مختلفة كثيرًا. تلك التي تشبهت أكثر بتيتان كانت هي التي تحطمت فيها الأمواج على السواحل. وتلك التي تآكلت تآكلًا موحدًا انتهت تشبه البحيرات على الأرض التي تتآكل بنفس الطريقة، مثل ذوبان الحجر الجيري.

بالطبع، هذا ليس دليلاً قاطعًا. لن نعرف ما إذا كانت هناك أمواج على تيتان حتى نذهب إلى هناك ونلقي نظرة أقرب. هناك مهمة قيد العمل للقيام بذلك، تسمى Dragonfly. من المقرر أن تصل إلى تيتان في عام 2034، لذلك يجب علينا الانتظار حتى ذلك الحين.

تقول باليرمو: «يقدم تيتان حالة نظام بدائي بالكامل. قد يساعدنا في تعلم أشياء أكثر أساسية حول كيفية تآكل السواحل بدون تأثير الإنسان، وربما يساعدنا ذلك في إدارة سواحلنا على الأرض أفضل في المستقبل».

نُشر البحث في مجلة ساينس أدفانسز.

اقرأ أيضًا:

علماء الفلك قد وجدوا للتو دليلًا على ظاهرة طقس غريب على القمر تيتان

بحيرة قمر زُحل “تيتان”

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: زين حيدر

المصدر