هل حالات الولادات القيصرية تسبب تغيرات تطورية؟
وجد فريق باحثين صغير _من النمسا والولايات المتحدة_ دليلًا إحصائيًّا على أنّ الزّيادةَ في عددِ الولاداتِ القيصريّةِ خلال العقودِ العديدةِ الماضية سبّبت تغيرًّا تطوريًّا؛ أصبحت رؤوسُ الأطفالِ أكبر، مع بقاءِ حجمِ قناةِ الولادة ثابتًا. نشرَ الفريقُ نتائجَ تحليلِهم في مجلّة (Proceedings of the National Academy of Sciences)
توصّل العلماءُ مُنذ مُدةٍ من الزمن إلى أنّ البشرَ عانوا من مشاكلَ في الولادةِ أكثر من أغلب الحيوانات; ويعود هذا لِصغر قناة الولادة نسبيًّا مقارنةً برؤوس المواليد، فيتعذّر عندها عبورُ رأسِ المولود _كبيرِ الحجم_ من القناة، وهو ما يُعرف (باللّاتناسُب الحوضي الجنيني).
يشُقّ الجرّاحون _يدويًّا_ أسفلَ بطنِ الأم لإخراجِ المولود، هذه الإجراءات تُعرفُ بالعمليّة القيصريّة (نسبةً لخوليوس القيصر، الّذي يُعتقد بأنّ ولادته تمّت بعد شقّ رحمِ أمّه المُتوفّاة).
لكن، ما الأثر التطوُّريّ الذي نتج عن الُّلجوءِ إلى الولادةِ القيصريّة في كلِّ مرّةٍ لا تُناسِب فيها قناة الولادةِ رأسَ المولود؟ يعتقدُ الباحثون _الّذين استخدموا المنطِقَ والرّياضيّات في استنتاجِهم_ أنّ الولادةَ القيصريّةَ أدّت إلى زيادةِ المواليدِ ذوي الرؤوسِ مُفرَطةِ الحجم.
يشير المنطق إلى أنّ إمكانيةَ عيشِ المواليدِ ذوي الرؤوسِ الكبيرةِ إلى سن الرّشد –بدلًا من الموتِ خلال الولادةِ، كما كانت حالةُ أغلبِ البشرِ في التّاريخ– ستمكّنهم من نقلِ مورّثاتِ الرؤوسِ الكبيرة، وبالتّالي المزيدُ من المواليد _مع نفس المورّثات_ في المستقبل.
بشكلٍ عام، المواليدُ ذوو الرؤوسِ الكبيرةِ أصحّاءُ أكثر من المواليدِ برؤوسٍ أصغر، الشيءُ الّذي يزيدُ من احتماليّةِ تكاثُرِهم. لدعم حجّتهم،حلّلوا أرقامَ بياناتِ الولاداتِ خلالَ منتصفِ القرنِ الأخير؛ تبيّن أنّ معدلَ اللّاتناسبِ الحوضي الجنيني قد ازداد، من 3% من الولادات في السّتّينات إلى 3.3% من الولاداتِ اليوم، بمعدّل زيادة 10-20%.
يشيرُ الباحثون إلى أنّ هذه الزّيادةِ من الممكنِ أن تكونَ نتيجةَ التغيُّرات التّطوريّة الّتي سبّبتها الولاداتُ القيصريّة. لكنّهم أقرّوا بأنّهم لا يملكون أيّ إثباتٍ حقيقيّ لأيّ ارتباطٍ بينهما، فمن المحتَمَل أن تكونَ الزيادةُ في حجمِ رأسِ المولود ناتِجةً عن نمطِ الحياةِ العصريّ الّذي يتميّزُ بِخُلوّهِ من النشاط مقارنةً بالأجيالِ الماضية.
ترجمة: مصطفى بجود
تدقيق: آلاء أبو شحّوت
المصدر