ثمة مكانان أسطوريان بالنسبة إلى الباحثين عن الكائنات الفضائية. أولهما روزويل بولاية نيو مكسيكو، حيث زلزلت مشاهدات ما سُميَ الطبق الطائر المدينة سنة 1947. أما المكان الآخر فهو المنطقة 51 بالقرب من بحيرة جروم Groom Lake بولاية نيفادا، حيث يدعي البعض أن الحكومة الأمريكية أخفت قاعدة عسكرية سرية خاصة بتجارب وتكنولوجيا متعلقة بالكائنات الفضائية.
هذان الموقعان -إضافةً إلى مواقع أخرى- هما الموضوع الأساسي للموسم الثاني من المسلسل الوثائقي (مشروع الكتاب الأزرق Project Blue Book) المبني على مشروع حقيقي للقوات الجوية الأمريكية، حقق فيه الخبراء في بلاغات عن الكائنات الفضائية بين عامي 1952 و1969.
في الموسم الجديد، الذي أُذيعت أولى حلقاته في 21 يناير الماضي، لعب الممثل آيدن جيلن Aidan Gillen دور الدكتور ألين هينك Dr. J. Allen Hynek. عالم الفيزياء الفلكية، الذي عمل مستشارًا لمشروع الكتاب الأزرق في الواقع، والمعروف بأبي علوم الأجسام الفضائية. يواصل الدكتور هينك وزملاؤه البحث عن حقيقة الأجسام الفضائية، ويكتشفون العديد من الأسرار والخدع الحكومية في فترة الحرب الباردة.
يعرض الوثائقي في نفس الوقت قصصًا متعلقة بالأجسام الفضائية، مازالت تثير الخيال حتى اليوم.
يقول المؤلف المساعد والمنتج المنفذ للوثائقي شين جابلونسكي Sean Jablonski، إنه في حين عرض الموسم الأول من (مشروع الكتاب الأزرق) مقدمةً عن ظاهرة الأجسام الفضائية، يعود الموسم الثاني إلى البداية لنفهم من أين بدأت المؤامرة، ولذلك يذهب مشروع الكتاب الأزرق إلى روزويل، ليتناول تصريحات شهود العيان ممن عاشوا في المنطقة وقت تحطم الجسم الفضائي، وما تلى ذلك من تغطية قام بها الجيش الأمريكي.
يقول المؤلف المساعد والمنتج المنفذ للوثائقي ديفيد أوليري David O’Leary، إنه رغم وقوع أحداث روزويل قبل 6 سنوات من بدء مشروع الكتاب الأزرق، تتشابك القصة مع المعرفة التقليدية عن الأجسام الفضائية في أمريكا، لدرجة أن كتّاب المسلسل شعروا بضرورة تضمينها في القصة.
ويضيف: «إنها تمثل نوعًا ما الجد الأكبر لكل حالات مشاهدات الأجسام الفضائية».
وقعت حادثة روزويل في يوليو 1947. وفقًا للموقع الرسمي للمدينة، بعد عاصفة رعدية، جمع الحطام الغريب الذي عُثر عليه في شمال غرب روزويل أفراد من الجيش من قاعدة روزويل الجوية العسكرية. وأصدرت مطبوعة صحافية كتبها المسؤول الإعلامي، الملازم والتر هاوت Walter Haut في 8 يوليو 1947، وصف فيها طبقًا طائرًا، وأنه موجود الآن بحوزة الجيش.
ومع ذلك، ظهر تقرير صحفي في اليوم التالي من إعداد الملازم روجر رامي Roger Ramey جاء فيه أن الجسم الذي عُثر عليه كان بالونًا لاختبار الطقس!
يعلق الموقع الرسمي لمدينة روزويل على تلك الواقعة بأنها أفضل حادثة إخفاء معلومات موثقة حتى الآن.
استُلهمت حلقات أخرى من الوثائقي من أماكن حقيقية ذات صلة وثيقة بظواهر الأجسام الفضائية، كالمنطقة 51 الغامضة، ومنطقة سكين ووكر رانش Skinwalker Ranch بولاية يوتاهUtah .
يقول أوليري أن حادثة شهيرة أخرى سجلت أكثر من حالة مشاهدة للأجسام الفضائية. لم تقع تلك الحادثة على الأرض بل في المحيط الأطلسي، في أثناء مناورات قوات حلف الناتو في سبتمبر 1952، المسماة العملية ماينبريس Operation Mainbrace.
ويوضح أنه في أثناء مشروع الكتاب الأزرق -سواء في الوثائقي أو في المشروع الحقيقي للقوات الجوية- علم هينك منذ البداية أن مسؤولي الحكومة يخفون المعلومات المتعلقة بالأجسام الفضائية عن العامة، لكنه بقي في المشروع لأنه كان عالمًا.
ويضيف أوليري إن الأمر كان طريقةً تمكنه من الوصول إلى المعلومات، وإن كان بذلك متواطئًا مع عمليات الإخفاء التي قامت بها الحكومة. لكن كيف يكون بإمكانك كشف أكبر عملية إخفاء معلومات في التاريخ إن كنت أنت نفسك جزءًا منها؟
انظروا الكائنات الفضائية!
انتهى مشروع الكتاب الأزرق الحقيقي منذ عقود، لكن الافتتان الشعبي بظواهر الأجسام الفضائية مازال في أوجه. نشرت دورية لايف ساينس من قبل أن أكثر من 1.5 مليون إنسان قد استلموا دعوات حضور لإحدى الحفلات الصاخبة بمنطقة رايتشل بولاية نيفادا في سبتمبر 2019، بنية اقتحام محيط المنطقة 51 لرؤية الكائنات الفضائية. حضر فقط عدة آلاف ولم يحدث أي خرق أو مشاهدات لكائنات فضائية.
أثارت لقطات نُشرت حديثًا عبر الإنترنت عن مواقف قابل فيها طيارون في البحرية الأمريكية أجسامًا غريبة في 2004 نقاشات عن تجربة الحكومة نفسها مع تلك المشاهدات المُبهَمة، وعن عدد المشاهدات التي لم تُنشَر بعد. في الحقيقة، ظهرت أدلة في 2017 تقترح قيام الحكومة الأمريكية بالتحقيق في قضايا الأجسام الغريبة منذ 2007.
أكد متحدث رسمي باسم مكتب الاستخبارات التابع للبحرية الامريكية في 13 يناير من العام الجاري وجود مقطع فيديو واحد على الأقل، إضافةً إلى عدة وثائق سرية تتعلق بواقعة مشاهدة الأجسام الغريبة في 2004، وأشار إلى أن إتاحة تلك المواد للتدقيق العام سيؤدي إلى حدوث أضرار جسيمة غير مسبوقة بالأمن القومي الأمريكي.
يقول أوليري: «إن عودة الاهتمام الشعبي بظواهر الأجسام الفضائية يُعَد دليلًا متجددًا على أن الحكومة تخفي معلومات مهمة، وأنها تعرف عن الأجسام الفضائية أكثر مما تعلن».
ويضيف جابلونسكي: «لهذا السبب يبدو عالم (مشروع الكتاب الأزرق) وعمليات التغطية المتعلقة بالأجسام الفضائية مناسبًا بشكل خاص. فبطريقة ما، يمثل المشروع أصل كل الأخبار المزيفة. فقد كان مشروعًا حكوميًّا لبث قصص الغرض منها قول أنه مهما كان ما تعتقد أنك رأيته، أنت لم تر شيئًا. فكرة من يسيطر على الحقيقة، والحرب على تلك السيطرة هي أحد الأشياء التي يتردد صداها الآن، ربما أكثر من أي شيء آخر».
اقرأ أيضًا:
مسؤول عسكري يصرح بأن الأجسام الغريبة حقيقية ولم يفترض على المدنيين مشاهدتها
ترجمة: مصطفى عبد المنعم
تدقيق: رزوق النجار
مراجعة: أكرم محيي الدين