لم يُنشئ مسبار غايا، التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، الخريطة الأدق لمجرة درب التبانة وحسب، بل درس أيضًا أكثر من 150000 كويكب، وذلك يتضمن قياس حجومها، وتحديد مواقعها وأشكالها، ورصد تحركاتها. بواسطة هذه البيانات، اكتُشف أن مئات منها قد تمتلك أقمارًا صغيرة، وإذا ثبتت صحة تلك البيانات، ستضاعف عدد الكويكبات الثنائية المعروفة.

تُعد ظاهرة الكويكبات الثنائية أمرًا شائعًا، إذ يمكن للكويكبات الكبيرة أن تترافق مع كويكبات أصغر منها حجمًا ضمن نظام ثنائي، مثلًا نذكر الكويكبين ديديموس وديمورفوس، إذ استُهدِف الكويكب ديمورفوس بمهمة دارت، التي تهدف إلى اختبار تقنيات الدفاع الكوكبي. أيضًا الكويكب دينكينش، الذي زارته المركبة الفضائية لوسي، التي تبين من خلالها أن هذا الكويكب لا يخفي قمرًا واحدًا بل قمرين صغيرين. دقة مسبار غايا الفضائي المذهلة في قياس موقع الأجسام السماوية وحركتها، ساعدت كثيرًا في السابق على رصد وقياس الكويكبات الثنائية المعروفة حاليًا، ومع جميع هذه الإثباتات، أصبح المسبار قادرًا على اكتشاف أنظمة ثنائية جديدة للكويكبات.

قالت لوينا ليبراتو من مرصد كوت دازور في فرنسا: «إنه من الصعب جدًا العثور على الكويكبات الثنائية، لأنها غالبًا صغيرة جدًا وبعيدة عنا، ورغم التوقعات أن سدس الكويكبات قد تكون ذات أنظمة ثنائية، حتى الآن لم نجد سوى 500 كويكب ضمن نظام ثنائي، من أصل مليار كويكب اكتُشف سابقًا. يُظهر هذا الاكتشاف أن العديد من أقمار الكواكب في الفضاء الخارجي تنتظر العثور عليها».

تحسنت نتائج الإصدار الثالث من بيانات مرصد غايا الفضائي، في إصدار خاص ركّز على 156823 كويكبًا، وقد أدى الإصدار الجديد إلى تحسين دقة الملاحظات الأصلية إلى 20 ضعفًا، وبفضل هذه النتائج الجديدة المحسنة، تمكن العلماء من رصد تذبذبات طفيفة في الكويكبات، ما يدل على وجود قمر صغير مرافق للكويكبات، على هذا اكتُشف 352 نظام كويكبي ثنائي جديد.

أضاف تيمو بروستي العالم المسؤول عن مشروع غايا في وكالة الفضاء الأوروبية: «أثبت مسبار غايا جدارته في اكتشاف الكويكبات، وأثبت عمله الجاد في الكشف عن أسرار الكون داخل نظامنا الشمسي وخارجه، يبين هذا الاكتشاف كيف أنّ كل إصدار من بيانات غايا يمثل خطوة كبيرة في تحسين جودة البيانات، ويُظهر الاكتشافات الجديدة المذهلة التي يمكن تحقيقها في أثناء مهمات غايا».

من المتوقع أن تصدر البيانات الكاملة القادمة من غايا في منتصف عام 2026، حتى ذلك الحين، سيستمر المسبار في إجراء قياساته واكتشافاته المذهلة، وسيواصل علماء الفلك تحليل البيانات المدهشة التي يحصلون عليها. ولمحبي الكويكبات الثنائية خبر سار، ففي غضون شهرين، ستنطلق مهمة هيرا لدراسة الكويكب ديديموس، ومشاهدة النتائج الأولية لتجربة حماية الكواكب من كثب، ومن المقرر أن تصل البعثة إلى الكويكب في أكتوبر 2026.

اقرأ أيضًا:

هل كانت جسيمات بوزون هيغز والثقوب السوداء البدائية على وشك إنهاء العالم؟

نجم يدور بشكل غريب ومختلف عن باقي النجوم ما قد يغير فهمنا لكيفية دورانها

ترجمة: آية شميس

تدقيق: زين حيدر

المصدر