بشرى سارّة لمقتني الحيوانات الأليفة -جميع الحيوانات بعيدًا عن النزاع بين الكلاب والقطط- تبين أن اقتناء حيوان أليف أو آخر من حيوانات المزرعة قد يعزز من الصحة النفسية ، خصوصًا تلك الناتجة عن تداعيات انتشار كوفيد 19 وأسلوب الحياة المنعزل المستجد خلال فترة الإغلاق التام.
وفقًا لدراسة أجريت في المملكة المتحدة، كانت الحيوانات الأليفة مصدرًا أساسيًا للدعم العاطفي لكثير من الأشخاص خلال فترة الحجر المنزلي، إذ قلل اقتناؤها من الإحساس بالوحدة، وساهم عمومًا في تحسين الصحة النفسية.
صرح دانيال ميلز -الباحث في السلوك الحيواني في جامعة لينكولن- بالتالي: «البحث أكثر أهمية في الظروف الراهنة، لأن الآثار الإيجابية لاقتناء حيوان منزلي قد تسهم في تخفيف التوتر النفسي المتزامن مع الإغلاق التام».
بازدياد الشعور بالوحدة تزداد مخاطر الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية كالإصابة بالاكتئاب أو التوتر.
بالاستناد إلى نتائج أبحاث سابقة، تتكون لدينا صورة واضحة عن الدور الداعم الذي يؤديه اقتناء حيوانات منزلية على المصابين بالأمراض النفسية الحادة، مثل اضطراب ثنائية القطبية والفصام.
تضمنت الدراسة أناسًا من مختلف الأطياف ممن وجدوا أنفسهم في ظروف معيشية غير مسبوقة كالإغلاق التام نتيجة تفشي كوفيد 19.
تم مسح ما يقارب 6000 شخص لزم منزله إلى جانب حيواناته المنزلية أو الأليفة، ممن يعيشون في المملكة المتحدة، في الفترة ما بين منتصف أبريل ونهاية مايو.
امتلك معظم المشاركون في الدراسة حيوانًا أليفًا واحدًا على الأقل، وبصرف النظر عن شمول الاستفتاء آلافَ الأشخاص فإن نسبة صغيرة جدًا منهم لم تمتلك أيًا من الحيوانات ما يعني أن النتائج منحازة إلى مقتني الحيوانات.
أوضح الباحثون في دراستهم أنه «لا بد من تحليل النتائج وأخذ النقطة السابقة بالحسبان، وبجميع الأحوال، فيما يخص عينتنا من محبي الحيوانات، ارتبط اقتناء الحيوان بالتخفيف من آثار العزلة وشعور الوحدة المؤثر في الصحة النفسية».
حمل الاستفتاء أسئلة مثل: ما مدى قربك من حيوانك؟ وما مدى المواساة التي شعرت بها بوجوده؟ وسُئل عن كل أثر إيجابي في حياة مقتني الحيوانات كالشعور بالنشاط والترابط الاجتماعي مع الناس خلال فترة الإغلاق التام.
قيم المشاركون صحتهم النفسية أيضًا ومشاعر الوحدة التي انتابتهم عبر الإجابة عن الاستبيانات حول مشاعرهم قبل إغلاق المملكة المتحدة وخلاله.
بتحليل البيانات، وضع الباحثون في حسبانهم العوامل الأخرى التي قد تؤثر في الصحة النفسية للفرد، كعمره، ومدى شعوره بالوحدة قبل إعلان الإغلاق التام وخلاله، وهل يعيش بمفرده أم يشارك حياته مع العائلة؟ وكثافة التواصل الاجتماعي (مع البشر) في مقياس أسبوعي.
أعلنت النسبة الأكبر من مقتني الحيوانات الأليفة (أكثر من 90% منهم اقتنوا الكلاب والأحصنة والقطط) أن حيواناتهم كانت مصدرًا للدعم العاطفي خلال فترة الإغلاق التام وأن الآثار الإيجابية امتدت شاملةً عائلاتهم.
تتشابه نتائج البحث هذه مع ما توصلت إليه دراسات سبقت انتشار الوباء، منها تلك التي تحدثت عن دور الحيوانات في درء الوحدة وإيقاد فتيل التفاعلات الاجتماعية.
ركزت معظم الدراسات من هذا القبيل حتى الآن على الكلاب والقطط، ولكن من غير المستغرب أن يتمكن الناس من تكوين روابط عاطفية قوية مع أي نوع من الحيوانات الأليفة.
رغم تحقق الباحثين من وجود دور مميز لاقتناء الحيوانات الأليفة في حياة مقتنيها على المستوى الفردي -مثل كلب المساعدة أو حيوانات العلاج (التي تحسن الصحة النفسية)- لم يُعثر على فارق كبير بين الروابط العاطفية التي تتكون بين الناس عمومًا وحيواناتهم الأليفة.
تقول الباحثة البارزة في الصحة النفسية إيلينا راتشين من جامعة يورك : «شعر الناس في عيّنتنا -في المتوسط- بأنهم على مقربة عاطفية من خنزير غينيا الذي يربونه -مثلًا- بدرجة القرب نفسها التي شعروا بها مع كلابهم».
لذا لا تستبعدوا الحيوانات الأليفة الأقل شهرةً، وأبقوا بحسبانكم أن الماعز مثلًا تحبكم بقدر ما تحبكم كلابكم.
وجدت الدراسة أيضًا روابط محتملة بين الصحة النفسية للناس والروابط العاطفية التي يشكلونها مع الحيوانات الأليفة.
مال المشاركون الذين تربطهم بحيواناتهم الأليفة علاقة أقوى إلى الإبلاغ عن صحة نفسية مشوبة منذ البداية، وحساسيتهم للتغيرات، وتعرضهم لتبدل الحالة الصحية النفسية، ما يدل على اتكالهم على حيواناتهم الأليفة في الحصول على الدعم.
قال الباحثون: «من المثير للاهتمام معرفة أن الصحة النفسية للأفراد -الذين أبلغوا عن ضعف العلاقة بينهم وبين حيواناتهم الأليفة- كانت مشوبة قبل إعلان الإغلاق التام؛ ما يسلط الضوء على أهمية الروابط الوثيقة بالحيوانات ودلالتها على الضعف النفسي لمقتني الحيوانات».
تكمن المفارقة في أن الدراسة وجدت أيضًا أن اقتناء حيوان أليف قد يتسبب في زيادة الضغوط في أثناء الإغلاق التام (لا تخفيفها فقط).
أعرب أكثر من ثلثي أصحاب الحيوانات الأليفة عن قلقهم بخصوص حيواناتهم الأليفة في أثناء فترة الإغلاق التام، إذ شعر بعض المشاركين في الاستطلاع بالقلق حول مصير حيواناتهم الأليفة، ومن سيتمكن من رعايتها إذا وقعوا ضحية المرض؟ ساور القلق مشاركين آخرين في الاستطلاع إزاء احتمالية عدم قدرة صديقهم الأليف على التأقلم مع عودتهم إلى العمل بعد إنهاء الإغلاق التام.
من المهم أيضًا إدراك أن فترة الإغلاق التام حملت مشاعر وحدة أقل لمقتني الحيوانات، لكن عامة الفروق في الصحة النفسية بين من اقتنى حيوانًا أليفًا ومن لم يقتنِ كانت بسيطة، ما يمنعنا من الخروج باستنتاجات كبرى حاسمة بخصوص اقتناء حيوان أليف بهدف حلّ مخاوفنا.
ذكرت راتشين وزملاؤها: «مع أن دراستنا درست الأثر الإيجابي لوجود حيوان أليف وتخفيف بعض التبعات النفسية المترتبة على جائحة كوفيد-19، لكن علينا إدراك أن اكتشافنا هذا ليس ذا أهمية سريرية».
هذا يعني أن التغييرات التي طرأت على الصحة النفسية للأفراد -حسب توثيق الدراسة- لم تكن عميقة إلى الحد الذي يدفعنا إلى أن نوصي بها علاجًا لكل الناس.
أفادت راتشين بأن «هذا لا يوصلنا إلى وجوب اقتناء الحيوانات الأليفة سعيًا وراء تحسين صحتنا النفسية خلال فترة الإغلاق التام».
بصرف النظر عن هذا كله، فإن الطلب على الحيوانات الأليفة ازداد كثيرًا في أثناء الوباء، في جميع أنحاء العالم، من نيويورك إلى سيدني. ما يدفع إلى التساؤل عن احتمالية هجر هذه الحيوانات عند عودة الناس إلى العمل والدراسة.
احرص دومًا على أن تعتني بأصدقائك من الحيوانات الأليفة، تمامًا بمقدار اعتنائها بك.
اقرأ أيضًا:
ست فوائد نفسية لامتلاك حيوان أليف
النشأة بالقرب من الكلاب في الطفولة قد تقلل من احتمالية الإصابة بالفصام عند النضج
ترجمة: بشرى عيسى
تدقيق: عون حدّاد
مراجعة: تسنيم الطيبي