هل تغيرت العناصر الكيميائية المكونة للكون من نشأته أم بقيت على حالها ؟ يتغير تكوين الكون (العناصر التي تُشكِّل حجر البناء لكل جزء من المادة) ويتطور باستمرار، وذلك بسبب حياة النجوم وموتها.
قالت جينيفر جونسون-Jennifer Johnson، أستاذة علم الفلك في جامعة ولاية أوهايو: «مرّ الكون ببعض التغيّرات المثيرة إذ تغير الجدول الدوري كثيرًا (العدد الإجمالي للعناصر في الكون).
خلال الـ 100 مليون سنة التي تلت الانفجار العظيم لم يوجد سوى الهيدروجين والهيليوم والليثيوم. ثم بدأنا في الحصول على الكربون والأكسجين وعناصر مهمة جدًا. والآن نحن نعيش أيامًا عظيمة بسبب ملئنا الجدول الدوري للعناصر».
ساعد الجدول الدوري البشر على فهم عناصر الكون منذ ستينيات القرن التاسع عشر، عندما أدرك الكيميائي الروسي ديمتري مندليف-Dmitri Mendeleev وجود عناصر معينة تتصرف بنفس الطريقة كيميائيًا، ونظمها في مخطط سمّاه الجدول الدوري.
تلك هي طريقة الكيمياء في تنظيم العناصر، وقد ساعد الجدول الدوري الطلاب ابتداء من المدارس الابتدائية وحتى أفضل المختبرات في العالم على فهم كيفية تفاعل المواد في الكون.
ولكن -وكما عرف العلماء منذ زمن طويل- فإن الجدول الدوري يتكون من غبار النجوم فقط؛ معظم العناصر الموجودة في الجدول الدوري من الهيدروجين وحتى العناصر الثقيلة مثل اللورنسيوم بدأت في النجوم.
تطور الجدول الدوري مع كل اكتشاف لعناصر جديدة، أو في حالات العناصر الاصطناعية التي أُنشئت في المختبرات في جميع أنحاء العالم. وأثبتت أساسيات فهم مندليف للوزن الذري والكتل الأساسية في الكون صحتها.
بدأت عملية التكوين الكوني للذرات (عملية خلق عناصر جديدة) مع الانفجار العظيم قبل حوالي 13.7 مليار سنة.
كانت العناصر الأولى في الكون هي أخف العناصر (الهيدروجين والهيليوم) الناتجة عن الانفجار العظيم. لكن العناصر الأثقل -كجميع العناصر الأخرى في الجدول الدوري- هي غالبًا نتيجة حياة وموت النجوم.
وقالت جونسون إن النجوم ذات الكتل الكبيرة -بما في ذلك بعض النجوم في كوكبة أوريون التي تبعد نحو 1300 سنة ضوئية من الأرض- تدمج العناصر بشكل أسرع بكثير من النجوم منخفضة الكتلة.
تدمج هذه النجوم الكبيرة الهيدروجين والهيليوم في الكربون وتحول الكربون إلى مغنيزيوم وصوديوم ونيون.
تندثر النجوم ذات الكتلة العالية من خلال انفجارها بشكل مستعر، وتحرر العناصر الموجودة فيها من الأكسجين والسيليكون والسيلينيوم إلى الفضاء المحيط بها.
تدمج النجوم الأصغر حجمًا وذات الكتلة المنخفضة نسبيًا -مثل شمسنا- الهيدروجين والهيليوم معًا داخلها، ثم يندمج هذا الهيليوم مع الكربون. عندما يموت النجم الصغير يصبح قزمًا أبيض.
تُنتِج الأقزام البيضاء عناصر أخرى عندما تندمج وتنفجر. قد ينثر انفجار قزم أبيض الكالسيوم أو الحديد في الفضاء المحيط به. ومن الممكن أن يُنتِج اندماج النجوم النيوترونية الروديوم أو الزينون.
ولأن النجوم تتشكل وتندثر خلال فترات زمنية مختلفة وتنتج عناصر مختلفة خلال حياتها وموتها فإن مكونات العناصر في الكون تتغير أيضًا بمرور الوقت.
وقالت جونسون: «من أكثر الأشياء التي أحبها هي كيف تحتاج صناعة العناصر عدة عمليات مختلفة في النجوم، وأيضًا توزع هذه العمليات على كامل عناصر الجدول الدوري بشكل مثير للاهتمام.
عندما نفكر في جميع عناصر الكون من المثير أن نفكر في عدد النجوم التي ضحَّت بحياتها من أجل ذلك، وليس فقط أن نتذكر النجوم ذات الكتلة الكبيرة التي تنفجر بشكل مستعر. بل تملك بعض النجوم مثل شمسنا والنجوم الأقدم دورًا في تشكيل هذه العناصر. تتطلب العملية مجموعة صغيرة من النجوم لتعطينا العناصر».
- ترجمة: حبيب بدران
- تدقيق: براءة ذويب
- تحرير: مازن سفّان
- المصدر