لا أحد يريد أن يبقى حزين، إذًا لماذا نٌحب سماع الأغاني الحزينة كثيرًا؟
لماذا نختار الأغاني الحزينة على الرّغم من تواجد الكثير من الأغاني السعيدة؟
لماذا ننجذب للأغاني المؤلمة مثلًا؟
إحدى الأبحاث الجديدة تُشير إلا إننا نتعلّق بالأغاني الحزينة لأسباب عديدة أغلبها مرتبط بالمشاعر الإيجابية وهو أمر مُفيد كثيرًا للصحّة الفكرية والذهنية.
مجموعة من علماء النفس من جامعة برلين الحرّة في ألمانيا قرروا البحث خلف السبب العلمي في سحر النغمة الحزينة في جذب المستمعين إليها عن طريق تحليل الشعور الذي نشعر به عند سماعنا لها.
قاموا بجمع المعلومات من 772 مشتركًا يتضمون 408 من أوروبا والباقي من آسيا وشمال أمريكا.
كل مُشترك طُلب منه كتابة استبيان حول كيفية استماعهم للأغاني الحزينة، وما هي أنواع الحالات أو المواقف التي تدفعُهم لسماعها، وكيف يشعرون عند سماع هذه الأغاني.
وجد الباحثون أنّ مجموعة واسعة من المشاعر المُعقدة والإيجابية نوعًا ما كالحنين_ السكينة والهدوء_والرِقّة_الشعور بالتفوق والثقة_والتساؤل والشك.
ظهرت على المتسابقين من خلال سماعهم الأغاني الحزينة.
أيضًا النتائج كشفت أنّ الحنين هو العاطفة الأكثر انتشارًا حيث أنها ظهرت على أكثر من 76% من المُشاركين!
بينما جاء في المركز الثاني السكينة والهدوء بنسبة 57.55%.
أما إذا تساءلت عن المُشترك بين السكينة والهدوء_والحنان_والشعور بالتفوق والثقة؛ فإنهم جميعًا مفيدين للصحّة والعواطف تُشعر الشخص بالراحة نوعًا ما.
تقول قائدة البحث ليلى تاروفي Liila Taruffi بأنّه بالنسبة لكثير من الأفراد سماع الأغاني الحزينة من المُمكن أن يؤدي إلى آثار نفسية مفيدة.
ثمّ تضيف بأن أهمية نتائج الموسيقى الحزينة ليس فقط بإعتبارها موسيقى جميلة، أو مُجرد اعتبارها نوع من أنواع الإستمتاع في تمضية الوقت؛ فهي أيضًا تلعب دور في جلب السعادة والراحة للنفس عن طريق تقديم المواساة فضلًا عن تنظيم المزاج والعواطف السلبية.
وكشفت الدراسة أيضًا أن عدد كبير من المُشاركين ذكروا أنهم يقومون بالسماع للأغاني الحزينة في حالات الإضطراب العاطفي أو عندما يشعرون بالوحدة؛ لذلك من المُمكن أن تكون هذه الأغاني نوع من أنواع العلاج الذاتي.
يُضيف الباحثون بأنّ مشاركة الموسيقى الحزينة في الحياة اليومية لدى مُعظم الناس يرتبط مع قدرة هذه الموسيقى على تنظيم المزاج والعواطف السلبية، بالإضافة لتقديم المواساة.
أيضًا يقول العالم ديفيد هورون David Huron وهو بروفيسور في علم الموسيقى في جامعة أوهايو في أميركا، بأنّ هذه النتائج تُشير إلى أنّ الأغاني الحزينة تُحدث تغييّر في كيميائية الدماغ ليساعدنا ذلك على تخطي أحزاننا.
كما يُضيف هورون أنّ سماع الموسيقى الحزينة على الأرجح يؤدي إلى تحفيز لهرمون البرولاكتين” prolactin ” في الدماغ؛ وهي مادة كيميائية تُستخدم للمساعدة في كبح الحزن، حيث أنها تُطلق أيضًا بالتزامن مع أنشطة الإنسان الأساسية، كوقت الطعام مثلًا أو عند فترة الإباضة أو الرضاعة عند النساء أو عند ممارسة الجنس؛ لذلك الموسيقى الحزينة تعمل كمُحفّز لنشاط كيميائي يُساعد على التقليل من الحزن، مما يدل بشكل أو بآخر على أنّ شعورك بالحزن وسماعك للموسيقى الحزينة له فوائد تطوريّة عميقة.
- إعداد : باسل سماق
- تحرير : رغدة عاصي
- المصدر