يُعَد ألم الرقبة واحدًا من أكثر أسباب العجز انتشارًا في العالم مع ازدياد نسبة حدوثه في آخر 25 سنة. تتحسن معظم مشاكل آلام الرقبة خلال بضعة أشهر، لكن الألم يعاود الظهور مجددًا لدى 50-75% من المصابين. تكثر الأحاديث عن «وضعيات جيدة وسيئة للجسم» وأن تلك الوضعيات قد تزيد أو تخفف الألم الفقري، لكن هذا الاعتقاد غير مدعوم علميًا.
تشير الأبحاث إلى أن قلة النوم والنشاط الفيزيائي المُجهد والتوتر الزائد هي العوامل الأكثر تأثيرًا في حدوث الألم الفقري، أما ممارسة التمارين الرياضية والحد من التوتر والحصول على قسط كافٍ من النوم -التي تُعرف بالعوامل الحياتية- فهي عوامل تُفيد في تحسن ألم الرقبة والوقاية منه أكثر من محاولات محترفي الصحة تصحيح وضعية جلوسك وتوفير الراحة لك باستخدام أدوات مثل الكراسي والمكاتب ولوحات المفاتيح وغيرها من الأدوات.
خرافة الوضعية
ينفي العلم الخرافات التي تعتقد بأن وضعية الجسم تتعلق بألم الرقبة وأنها السبب الأساسي لهذه الآلام. أجرى الباحثون دراسة عالية الجودة تضمنت أكثر من ألف مراهق صُنفوا في مجموعات مختلفة في وضعية جلوسها بين الجلوس المنتصب والاسترخاء. أكدت هذه الدراسة عدم وجود علاقة إحصائية محددة تربط بين وضعية العمود الفقري وألم الرقبة.
الخلاصة هي أن طريقة جلوس الناس والتي تختلف من شخص لآخر لا تتعلق بألم الرقبة، تظهر هذه الدراسة أن وضعية جلوس البالغين تتعلق بمزاجهم، وتوضح أيضًا أن تغيير وضعية الجلوس أثناء العمل في ما يُعرف بالتداخلات المريحة ergonomic interventions له تأثير ضئيل جدًا -وقد يكون معدومًا- على تطور ألم الرقبة، لكن هذه التداخلات الوظيفية لها دور في تحسن الألم.
تابع الباحثون في دراسات متعددة مجموعات من أشخاص لا يعانون من ألم الرقبة بالإضافة لمجموعات يعانون منه في بعض الفترات، وراقبوا بشكل خاص من تحول ألمهم إلى مشكلة دائمة، ليجدوا أن الأشخاص في الفئة الأخيرة يعانون من نقص كمي ونوعي في النوم ومن مشقة شديدة في أداء وظائفهم، ولاحظوا أنهم أقل نشاطًا من غيرهم ويسيطر على مزاجهم الإحباط.
وجد الباحثون بعد مراقبة الأطفال لأربع سنوات أن بعض الأعراض التي تظهر عليهم بعمر تسع سنوات (تتضمن التعب ومشاكل النوم والصداع وألم البطن وسوء المزاج) تشكل عوامل خطر لظهور ألم العنق واستمراره بشكل أسبوعي.
النوم والتدريب والراحة
وجدت الدراسة أنه تمكن الوقاية من ألم الرقبة عبر إجراء بعض التعديلات على حياتنا اليومية مثل القيام بالتمارين الرياضية والتي تتضمن تمارينًا لتقوية عضلات الرقبة، وكذلك إطالة مسافة المشي يوميًا، إلى جانب الحرص على النوم لمدة كافية والحفاظ على النشاط الفيزيائي وتجنب التوتر والإجهاد.
لذلك لا تشغل فكرك واجلس بالطريقة التي تراها مناسبة، واكتفِ بتغيير وضعية جلوسك عند مكوثك بنفس الوضعية مدةً طويلةً، فتغيير الوضعية باستمرار سيساعدك على الوقاية من الألم.
وإذا كنت تعاني من الألم نم باكرًا، ومارس نشاطات تحثك على الاسترخاء، وجرب المشي خلال وقت الغداء، والأهم من ذلك كف عن القلق حول طريقة مشيك وجلوسك، فالعلم أظهر عدم وجود شيء يُدعى وضعية خاطئة للجسم.
اقرأ أيضًا:
استخدام الهاتف المحمول وتأثيره على عظام الرقبة
ما تأثير آلام الظهر على الجسم على المدى البعيد ؟
هل يمكن أن تكون طقطقة الظهر ضارة ؟
ترجمة: كنان مرعي
تدقيق: غزل الكردي
مراجعة: صهيب الأغبري