يتعرّض الأطفال والمراهقون لاضطرابات النوم بعد تمضية فترة طويلة أمام الشاشات، خاصةً أن عقولهم ما زالت تحت طور النمو، بالإضافة إلى نمط النمو وحتى العين، كان هذا ما نشرته جريدة طب الأطفال في استعراض شامل لهذا الموضوع.
تقول مونيك لوبورجيه، الأستاذ المساعد بقسم الفسيولوجيا التكاملية: «وجدت الأغلبية العظمى من الدراسات أنّ الأطفال والمراهقين الذين يقضون أوقاتًا طويلة أمام شاشات الوسائط المتعددة هم أكثر عرضة لاضطرابات النوم، أردنا في هذه الورقة أن نتقدم خطوة أخرى عن طريق مراجعة الدراسات التي تشير إلى الأسباب التي تجعل الوسائط الرقمية تؤثر على النوم».
في أكثر من ستين دراسة قائمة على الفئة العمرية من سن الخامسة وحتى السابعة عشرة من جميع أنحاء العالم، وُجِد بنسبة تسعين بالمئة من هذه الدراسات أن الوقت الطويل أمام الشاشة يرتبط بتأخير أوقات الفراش، وعدد ساعات أقل من النوم بالإضافة إلى ضعف كفاءة النوم، وذكرت الورقة أيضًا: تؤثر أيضًا على كفاءة النوم عدة عوامل منها: البيولوجي، والعصبي، والبيئي، مثلًا تكون العين غير مكتملة النمو بعد، يجعل هذا الأطفال أكثر حساسية من الكبار لتأثير الضوء على الساعة البيولوجية.
تقول دكتور لوبورجيه: «الضوء هو الساعة الضابطة لعقولنا، فعندما يصل الضوء لشبكية العين في ساعات الليل، ينتُج عن ذلك إشارات متتالية للنظام الإيقاعي كي يثبط إنتاج هرمون الميلاتونين المحفز للنوم، يؤخر ذلك الشعور بالنوم».
وأضافت: «نعلم أيضًا أن حدقة العين وشفافيتها في الفئة العمرية الصغيرة أفضل من مثيلاتها في البالغين، لذلك فحساسيتها للضوء أكبر بكثير».
يشير المؤلفون إلى تلك الدراسة التي وجدت أنه عندما يتعرض الكبار والصغار إلى كمية متساوية من الضوء وبنفس الشدة، تهبط نسبة هرمون الميلاتونين عند الصغار بمقدار الضِعف. أظهرت الدراسات أيضًا أن الضوء الأزرق ذا الموجة القصيرة منتشر بكثرة في الإليكترونيات الموجودة في متناول الأيدي.
وتقول دكتور لوبورجيه: «تلعب الميديا الرقمية دورًا كبيرًا في الاستثارة النفسية مما يؤدي إلى تخريب النوم، يتمثل ذلك في التعرض للعنف من خلال الميديا، أو لعبة مثيرة، أو مراسلة الأصدقاء نصيًا، كل هذا يعمل على زيادة اليقظة، والذي بدوره يحد من ساعات النوم».
يقول المؤلفون أنّ الأطفال والمراهقين الذين يتركون الجوال أو الحاسب الشخصي بجانبهم أثناء النوم يتعرضون لاضطرابات النوم، حيث وُجِد أن 75% من الشباب يملكون أجهزة شاشية في غرف النوم، بينما 60% يستعملونها في الساعة التي تسبق النوم، بينما 45% منهم يستعملونها كوسيلة للتنبيه في الصباح.
أظهر تقرير من منظمة (Common Sense Media) أنّ استعمال أجهزة الجوال قد تضاعف ثلاث مرات بين الصغار منذ 2011، حيث يستعمله الأطفال من سنة الثامنة حوالي 48 دقيقة يوميًا، حيث أن هناك الكثير من الآباء يستعملون الوسائط الرقمية أثناء ساعات النوم كروتين يومي لتهدئة الأطفال قبل النوم.
أطلقت دكتور لوبورجيه في الصيف السابق دراسة ممولة بمبلغ 2.5 مليون دولار من قِبَل المعهد القومي للصحة، والتي تتضمن فريقها البحثي وبينهم طلاب من جامعة كولورادو بولدر، حيث سيذهبون إلى منازل عائلات تطوعت للدراسة، وسيقوم الباحثون بتعريض الأطفال إلى نسب مختلفة من الشدة الضوئية وسحب عينات من اللعاب لقياس نسب هرمون الميلاتونين لحساب توقيتات الساعة البيولوجية.
أخيرًا، تعتقد الدكتور أن الدراسة ستُظهِر مدى تأثير الضوء على النوم وإيقاع الساعة البيولوجية عند الصغار، و ستقود إلى عمل إرشادات مبنية على أسس علمية للآباء وصناع أجهزة الوسائط.
- ترجمة: علي المغربي.
- تدقيق: صهيب الأغبري.
- تحرير: عامر السبيعي.
- المصدر