نُشر قريبًا في صحيفة BMJ open الطبية دراسةٌ عن أثر بعض أجهزة الربو الاستنشاقية inhalers في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بكميات تبلغ نحو 25 كيلوغرامًا من مكافئ غاز ثنائي أكسيد الكربون carbon dioxide equivalent للجهاز الواحد.
وذكرت الدراسة أن التحول من استعمال أجهزة الاستنشاق الباعثة للغازات بكميات كبيرة إلى أجهزة أخرى لا تبعث تلك الغازات، يمكن أن يقلل مكافئ ثاني أكسيد الكربون بنحو 150-400 كيلوغرام سنويًا، وهذا مساو في تأثيره لتركيب جدار منزلي عازل أو إعادة التدوير أو التوقف عن تناول اللحوم.
لكن إلى أي مدى تساهم الأجهزة الاستنشاقية في زيادة الانبعاثات الكربونية الكلية؟ لم تجب الدراسة عن هذا السؤال مباشرةً، لكنها احتسبت الأثر الكربوني لتلك الأجهزة في بريطانيا، حيث أُجريت الدراسة، ووجدت أن كمية الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أجهزة الاستنشاق بلغت 635 كيلو طنًا في 2017 فقط.
في حين بلغت كمية الانبعاثات الكربونية الكلية في بريطانيا في العام ذاته 449 مليون طن، ما يعني إن أجهزة الربو الاستنشاقية شكلت نسبة 0.14 % من الانبعاثات الكربونية الكلية.
من الصعب أن نبالغ ونقول -مع رقم صغير كهذا- أن أجهزة الاستنشاق تضر بالمناخ، خاصةً وأنها ضرورية للحفاظ على حياة مرضى الربو، لكن في الوقت نفسه ليس بوسعنا تجاهل هذا التأثير.
وعلقت مؤسسة الربو والحساسية الامريكية AAFA على هذه الدراسة بأن صرحت: «إنه يجب على المرضى ومقدمي الرعاية الصحية والسياسيون أخذ هذه النتائج بعين الاعتبار».
الربو Asthma هو مرض تنفسي التهابي مزمن، يسبب صعوبةً في التنفس والسعال والصفير عند التنفس وضيق التنفس. يزور نحو مليوني شخص سنويًا في الولايات المتحدة الامريكية أقسام الطوارئ بالمستشفيات emergency room بسبب الربو.
تبلغ حالات الوفاة بسبب الربو 3600 حالة سنويًا، لذلك شدَّدت المؤسسة على أنه يجب على المرضى مواصلة استعمال أدويتهم الموصوفة، وعدم المجازفة بحياتهم.
وفقًا لمؤسسة AAFA فإن اتباع خطوات فردية بسيطة، مثل استعمال أنواع مختلفة من الأجهزة الاستنشاقية، يمكن أن يفيد في تقليل الآثار المناخية، على ألّا يشكل هذا التغيير خطرًا على صحة المرضى، ومع ذلك تقترح المؤسسة أن الأهم هو إجراء تغييرات في المجال الصناعي للتقليل من انبعاثات الكربون والميثان والأوزون.
إن الجدل محتدم على مستوى الأفراد والمجتمعات حول الكيفية المُثلى لإبطاء التغير المناخي، ومنذ أوائل الألفية الجديدة شجع السياسيون والمُشرعون الناس على اتخاذ قرارات فردية يمكن أن تساهم في معالجة مشكلة الاحتباس الحراري
من النصائح المهمة التي يمكن للأفراد اتباعها للحفاظ على البيئة: مراقبة الأثر الكربوني لما يستخدمونه من منتجات، والاقتصاد في استخدام الإضاءة الكهربية، واستخدام السيارات الأقل ضررًا بالبيئة، وتقليل السفر بالطائرات، والتقليل من استهلاك اللحوم، والتقليل من إنجاب الأطفال، وحساب الأثر الكربوني لحيواناتهم الأليفة، واستخدام الإنترنت بعقلانية، والتوقف عن استخدام أوراق المرحاض، والاستحمام مرة واحدة أسبوعيًا.
باختصار فإن خياراتنا اليومية وأنشطتنا منذ الاستيقاظ حتى النوم لها تأثيرات مناخية، ومع ذلك فإن الآثار الإيجابية على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ضئيلةٌ جدًا، وتزداد الانبعاثات عامًا بعد عام.
ونتيجةً لذلك يحذر أكثر ناشطي مجال المناخ من أن الاعتبارات الشرائية وحدها لا تمثل حلًا؛ إذ لن يقلل شراء 7.7 مليار شخص على هذا الكوكب لأشياء معينة من الانبعاثات، يمكن لاستخدام أجهزة الربو الاستنشاقية الصحيحة المساعدة، لكن ما نحتاجه حقًا هو تغييرات جذرية في الأنظمة.
تقول الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ Greta Thunberg: «إن ما نحتاجه هو أن يُنصت السياسيون وأصحاب النفوذ إلى العلم الجيد المتوفر لدينا حاليًا».
ومع ذلك، ارتفعت نسب تلوث الهواء في الولايات المتحدة مرةً أخرى، بسبب تراجع المعايير البيئية في أثناء ولاية الرئيس ترامب، وتشير AAFA إلى أن تلوث الهواء هو أحد أهم العوامل المسببة لتفاقم الربو، ما يسبب أعراضًا تحتاج إلى الأدوية لعلاجها.
اقرأ أيضًا:
ما الفرق بين الاحتباس الحراري و التغير المناخي ؟
الأفلام الإباحية تنتج الغازات الدفيئة وتسبب التلوث والاحتباس الحراري فاحذروها
ترجمة: غند ضرغام
تدقيق: أكرم محيي الدين