قد تُعد المطبات الهوائية تجربة مخيفة حتى بالنسبة لراكبي الطائرات الدائمين الذين يجلسون بكل أريحية بجانب طفل يبكي بلا انقطاع في أنبوب من الألمنيوم يطير في السماء على ارتفاع 10,000 متر (33,000 قدم). أُذيع خبر هذا الشهر عن حادثة مرعبة إذ جرح حوالي 37 شخصًا جراء الاضطرابات الجوية العنيفة خلال رحلتهم من فانكوفر إلى سيدني على متن طائرة تابعة للطيران الكندي. على الرغم من الرعب الذي قد يسببه ذلك الخبر؛ تبقى مثل هذه الحوادث نادرة جدًا ولا داعي للقلق حيالها.
ببساطة، تشبه المطبات الهوائية بالنسبة للطائرة الاصطدام بحفرة بالنسبة للسيارة، لكن بدلًا من طريق محطم تدخل الطائرة في منطقة مليئة بدوامات الهواء العشوائية.
قد تتشكل هذه الأنماط الحلزونية من الهواء لعدة أسباب مثل التقاء الهواء الساخن والبارد أو التيارات النفاثة، أو العواصف، أو ببساطة الطيران فوق أحد الجبال.
يسبب الطيران فوق هذه الموجات المضطربة من الهواء تغيرات مفاجئة في ارتفاع الطائرة أو ميلها والذي يتسبب بدوره في اهتزاز الطائرة، وفي معظم الحالات لا تهتز الطائرة كما قد يبدو لك.
قال الطيار التجاري والمسؤول عن موقع AskThePilot.com في لقاء على صفحة The Points Guy إن راكبي الطائرات يشعرون أنها تهبط مئات أو آلاف الأقدام، لكن الحقيقة أننا نرى انحرافًا يتراوح مقداره بين 10 أو 20 قدم فقط في مقياس الارتفاع. وبالنظر إلى الأمر من وجهة نظر علمية أكثر، المطبات الهوائية -ولعدم وجود طريقة أفضل لوصفها- مجرد رياح. حتى أننا -نحن الطيارين- لا نفكر فيها حتى.
قد تتسبب ظروف معينة في زيادة احتمال مرور طائرة ما بنوبة شديدة الاضطرابات الهوائية مثل وجود سلاسل جبلية أو سحب ركامية.
توقعت دراسة نشرت سنة 2017 بقيادة جامعة ريدينغ University of Reading أن عدد المطبات الهوائية الخطيرة سيزداد بحلول سنة 2050 بسبب التغير المناخي وذلك لأن ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم سيزيد من عدم استقرار الرياح في الارتفاعات العالية؛ كما سيقوي الجيوب الهوائية العنيفة ويزيد تعاقبها.
رغم أنه لا يُمكن تفادي المطبات الهوائية غالبًا؛ يستطيع الطيارون عادةً تحديد مناطق الهواء العنيفة عبر مطالعة التوقعات الجوية وبيانات التغير في الرياح. وفي الحقيقة؛ تستخدم الطائرات الحديثة الخوارزميات لتحديد مناطق الاضطرابات العنيفة.
تعد التيارات العمودية الناتجة عن العواصف الرعدية أكثر الاضطرابات مدعاة للقلق، غير أنه بإمكان الطيارين رصدها وتفاديها بسهولة، إذًا هل كل هذا القلق بلا سبب؟
لن نكذب عليك. توجد بعض الحالات التي لعبت فيها المطبات الهوائية دورًا في سقوط طائرة. واحدة من أكثر هذه الحالات مأساوية حدثت عندما اصطدمت طائرة سنة 1966 بجبل فوجي (في اليابان) ومات جميع من كان على متن الطائرة وعددهم 124 شخصًا.
لكن رغم ذلك تبقى مثل هذه الحوادث نادرة، إلى جانب وجود عوامل أخرى مثل عيوب التصميم والخطأ البشري. وكما يمكنك التخيل؛ فقد تغير الكثير جدًا على صعيد احتياطات الأمان وتكنولوجيا الملاحة منذ ستينيات القرن الماضي.
في الواقع يمكن القول أن الطيران هو أكثر سبل المواصلات أمانًا؛ فمقابل كل مليار ميل (1.6 مليار كيلومتر) من الرحلات نجد 0.07 فقط من الحوادث القاتلة بالنسبة للطيران التجاري؛ أما بالنسبة للسيارات فيصل هذا الرقم إلى 7.28، وأكثر من 212 حادثة قاتلة بالنسبة للدراجات النارية.
في إحصائية قامت بها إدارة الملاحة الفدرالية، يُصاب أقل من 100 شخص سنويًا بسبب المطبات الهوائية، إذ سجلت معظم السنوات حوالي 30 حالة إصابة فقط؛ وبالأخذ في عين الاعتبار أن عدد راكبي الطائرات يصل إلى 4 مليارات راكب سنويًا، تعتبر هذه النسبة جيدة جدًا.
رغم كل شيء، بإمكان نوبة قوية من الاضطرابات الهوائية إثارة قلق أكثر ركاب الطائرات ثباتًا.
أبسط ما يمكنك فعله لتجنب الإصابة جراء المطبات الهوائية هو التأكد من حفظ أمتعتك بعيدًا وربط حزام الأمان، كما يجدر الإشارة هنا إلى أن المطبات الهوائية تكون ملحوظة أكثر عند مؤخرة الطائرة.
إذا فشلت في القيام بذلك؛ يمكنك طلب مشروب قوي وغرس أظافرك في ذراع الراكب المجاور.
اقرأ أيضًا:
لهذا السبب عليك ألا تقلق حيال المطبات الهوائية (الاضطرابات الجوية)
المطبات الهوائية، هل هي خطيرة؟
ترجمة: مصطفى عبد المنعم
تدقيق: علي قاسم
مراجعة: رزان حميدة