هل من الممكن أن تأكل اللحم البشري المصنوع في المختبر؟
يريد ريتشارد دوكنز معرفة ما إذا كان اللحم المحضر مختبريًا يستطيع القضاء على الحرمة المتعلقة بأكل لحوم البشر.
نشر العالم الاحيائي في 3 مارس/آذار تغريدة احتوت على رابط لمقالة عن التسويق المحتمل لللحوم المحضرة مختبريًا في
نهاية 2018. دوكنز كان متحمسًا للغاية، ولكن ليس بسبب الطعام: «لقد كنت أتطلع لهذا منذ وقت طويل» كما قال. «ماذا سيحصل إذا قمنا بتصنيع لحوم بشرية؟ هل سنتمكن من التغلب على حرمة أكل لحوم البشر»
ويكمل حديثه :«إن حالة اللحم البشري المحضر مختبريًا حالة مثيرة للاهتمام، واضعةً العواقب الأخلاقية في مواجهة شعورنا
بالإشمئزاز. بمعنى أن اللحم المحضر مختبريًا سيكون من الأخلاقي تناوله لأن لا أحد سيعاني من عواقب ما بسببه – لا قتل ولا تدنيس لأي جثة – ومع هذا فإن البشر سيشعرون بالاشمئزاز لفكرة تناولهم له» .
سؤال دوكنز ليس بالجديد، وأظهرت أحد البحوث أن جعل البشر يأكلون لحم محضر مختبريًا يُعتبر تحديًا وأن سوق اللحم
البشري المحضر مختبريًا سيكون صغيرًا جدًا.
يتوقع أوين شايفر، الأستاذ في مركز أخلاقيات الطب الأحيائي في الجامعة الوطنية في سنغافورة:«ستسمعون بعض العبارات
مثل (أطفال اليوم يأكلون أصدقائهم)». ولكنه قال أيضًا أن تناول اللحم البشري الصناعي سيكون نادرًا للغاية.
اللحم في طبق بتري
يتم تصنيع اللحم المختبري من بضع خلايا جذعية تؤخذ من الحيوان الحي. تم تناول أول لحم مختبري في مؤتمر في لندن عام 2013. وكان اللحم على شكل شريحة برغر، تم تصنيعها من قبل مارك بوست، العقاقيري في جامعة ماسترخت في هولندا،
وقال المتذوقان أن طعم اللحم كان جافًا قليلًا. بصورة عامة، وجد العلماء أن الناس يشعرون بالإشمئزاز من أي لحم ينمو في المختبر. وجدت دراسة استقصائية حول عدد اللحوم المختبرية المحتملين في الولايات المتحدة، والتي نُشرت العام الماضي في مجلة PLOS ONE ، أن ثلثي الناس قالوا أنهم سيجربون هذا اللحم، في حين أن ثلثهم قالوا أنهم من الممكن أن يتناولوه بصورة منتظمة.
تقول المؤلفة المساعدة للدراسة ماتي ويلكس، طالبة الدكتوراة في جامعة كوينزلاند في أستراليا: «في المتوسط، يرى الناس أن اللحم المختبري أكثر اخلاقيًا من اللحم العادي، ولكنه ليس طبيعيًا أو جذابًا وغير شهي»
فقط 16% من المشاركين في الدراسة الاستقصائية لويلكس قالوا إنهم من الممكن أن يتناولوا اللحم المختبري فيما إذا كان أغلى من اللحم العادي، والذي يُظهر أن الناس لا يضعون قيمة مادية كبيرة على الفائدة الأخلاقية والبيئية للمنتج.
ووجدت تلك الدراسة نسبة صغيرة جدًا من الناس الذين قالوا إنهم مستعدين لتناول لحوم حيوانات مثل الكلاب، الأحصنة والقطط إذا ما تم إنماء هذه اللحوم في المختبر. ولكن الأرقام كانت صغيرة للغاية إلى درجة لا يمكن ملاحظتها إذا تم تطبيقها
على جميع المستهلكين، كما قالت ويلكس. واضافت أنها لاحظت أيضًا أن النباتيين الذين لا يتناولون اللحم في الأساس كانوا من ضمن هؤلاء الذين سوف لن يبدأوا بتناول اللحم حتى إذا كان مصنع
مختبريًا. وبصورة مشابهة، إن الناس الذين لا يجدون الإغراء في تناول لحوم البشر سوف لن يغيروا رأيهم بسبب أن اللحم لم
يكن جزء من كائن حي، كما قالت.
وتضيف: «لا أستطيع تخيل أن الناس الذين لا يأكلون اللحم البشري سيشعرون بالإندفاع لأكله فقط بسبب كونه مصنوع عن طريق الزرع الخلوي.»
هل يعتبر أكل اللحم البشري المصنع مختبريًا أمرًا أخلاقيًا؟
ومع ذلك، من المؤكد أن هناك عدد قليل من الأشخاص الذين قد يرغبون بتجربة اللحوم البشرية المصنعة مختبريًا، كما
قال شايفر، مثل فناني الأداء الذين سيقدمون جزء مشتق منهم كمحاولة للتعبير عن أنفسهم، أو المشاهير الذين سيحاولون
كسب المال عن طريق أعطاء معجبيهم فرصة لتذوق لحمهم.
ويضيف شافنر: «سنحصل على بعض الناس الذين سيرغبون بتناوله. ولكن السؤال هو، هل يجب علينا الإعتراض على هذا؟ هل يجب علينا
منع الناس من تحويل لحم البشر إلى شيء قابل للإستهلاك؟»
حاول شايفر وزملاءه البحث في أخلاقيات أكل لحوم البشر المختبرية في بحث نشر في مجلة
Applied Philosophy عام 2014،
قال شايفر إنهم لم يجدوا أي حجج فلسفية مقنعة لتسمية الأمر غير أخلاقي. ذكر دوكنز في
تغريدة (مبدأ العبرة بالنتيجة- consequentialism)
والتي تعني أن الغاية تبرر الوسيلة. بهذا المعنى، لن يتأذى أحد من أكل اللحم المحضر مختبريًا، لأنه لن يمت أحد ولن
يتم تدنيس أي جثة.
ويقول شايفر ” لم تكن هنالك أي حجة أخلاقية ضد هذه الممارسة. في الفلسفة، فيما يخص علم الأخلاق فإن الوسائل مهمة – على سبيل المثال، إذا تمكنت من من انقاذ خمسة اشخاص بقتل شخص واحد، فإن قتل هذا الشخص قد لا يكون أخلاقيًا.
يضيف شافنر، “إن الحجج الأخلاقية تستند عادةً على عدم تقليل إحترام أي شخص، ويبدو أنه لا يوجد
أي شخص قد فقد إحترامه من خلال أكل اللحم البشري الإصطناعي.
ويضيف “إن إحدى الحجج المحتملة في حالة أكل اللحم المصنع مختبريًا يمكن أن تنبع من أخلاقيات الفضيلة، وهي الفكرة
القائلة بأن على البشر زرع القيم الفاضلة من أجل مصلحتهم. ”
“يمكنك القول أن هذا الأمر سيحول من رؤيتنا للناس من أشخاص إلى لحوم» يضيف شايفر. ولكن هذا التحول غير محتمل.
في حين أن موضوع أكل لحوم البشر هو موضوع ممتع للحديث عنه، إلا أن شايفر يقول: “إن السؤال الحقيقي هو كيف من
الممكن للحوم المصنعة تغيير علاقة البشر بالطعام من شيء يتطلب تعذيب الحيوانات إلى شيء يتم صنعه في المختبرات.
مضيفًا “إذا كان اللحم المصنع شهيًا وآمنًا ويتم بيعه بسعر أرخص من اللحوم العادية فربما سيؤدي هذا إلى انتشاره بصورة
واسعة. “قد كلف البرغر الذي صنعه بوست عام 2013 ما يقارب ال300,000 دولار، ولكن التكنولوجيا في تطور مستمر.” تقول
ويلكس وتضيف: ” من المرجع أن يصبح الناس أكثر انفتاحًا على اللحوم المصنعة بمجرد وصلولها إلى رفوف البقالة.”
«حتى الآن، نحن ننظر للموضوع على أنه نوع من التكنولوجيا المستقبلية، ولكن بمجرد أن يصبح الأمر ملموسًا، أعتقد أن ذلك سيتغير. وأنا متفائلة أن الناس سيعجبهم الأمر»
- ترجمة: سنان حربة
- تدقيق: جدل القاسم
- تحرير: زيد أبو الرب