أجل، بإمكان النجوم التحول إلى كواكب ، لكن هذا التحول يطرأ على فئة معينة من النجوم، تُسمى الأقزام البنية brown dwarfs. هل سبق وحدقت في نجوم سماء ليلة صافية؟ لعل ذلك أثار بداخلك العديد من التساؤلات حول ماهية النجوم والكواكب، مثل هل بإمكان النجوم التحول إلى كواكب؟ لذلك نحتاج إلى أن نعرف القليل عن النجوم والكواكب قبل التعمق في الإجابة.
كيف تموت النجوم؟ وماذا يحدث لها بعد ذلك؟
لنأخذ الشمس مثالًا. تنتمي الشمس إلى مجموعة النسق الأساسي من النجوم، إذ تنتج طاقتها عبر عمليات الاندماج النووي للهيدروجين، منتجةً بذلك الهيليوم، تُحرَّر هذه الطاقة في صورة حرارة وضوء، وتحافظ على ضغط ثابت داخل النجم حتى لا ينهار. عمومًا، تبقى النجوم في هذه المرحلة قرابة 10 مليارات سنة.
إن كمية الهيدروجين داخل النجم محدودة، وفور نفاد الهيدروجين تتوقف عمليات الاندماج النووي، عندها تبدأ النواة بالانهيار منتجةً كمية هائلة من الحرارة. ومع ازدياد سخونة النواة، تتمدد طبقات النجم الخارجية وتبرد معطية وهجًا أحمر، يُسمى النجم في هذه المرحلة العملاق الأحمر red giant.
تستمر مرحلة العملاق الأحمر قرابة مليار سنة، إذ يُنتج النجم في هذه المرحلة المزيد من التفاعلات النووية المعقدة مستخدمًا الهليوم المتبقي للبقاء متماسكًا قدر الإمكان. يخسر النجم المزيد من الطبقات الخارجية نتيجة التفاعلات النووية المؤقتة. الشمس مثلًا ستخسر كل طبقاتها الخارجية إلى أن يصبح لبها مكشوفًا، تُسمى الشمس في هذه المرحلة القزم الأبيض white dwarf إذ تبرد ببطء وتخفت.
إذا بلغت كتلة النجم 1.4 ضعف كتلة شمسنا، سينهار قلبه للداخل، ثم ينفجر انفجارًا ضخمًا يُسمى المستعر الأعظم supernova. يولِّد انفجار المستعر الأعظم كميةً هائلة من الطاقة، أكبر من الطاقة التي تصدرها مجرة كاملة في أسبوعين. يخلف ذلك الانفجار إما نجمًا نيوترونيًّا أو ثقبًا أسود.
كيف تتشكل الكواكب؟
تنشأ غالبًا أقراص من الحطام والغبار الكوني حول النجم بعد تشكله. إن جزيئات الغبار هذه هي اللبنات الأساسية لتشكل الكواكب الصخرية، إذ تتصادم هذه الجسيمات مع بعضها بفعل قوى الجاذبية، ثم تلتحم إذا كان التصادم خفيفًا، وتستمر هذه العملية حتى تكتسب الأجسام الصخرية كتلًا أكبر. تجذب هذه الصخور المزيد من الجسيمات الأخرى بفعل الجاذبية فتنشئ أجسامًا كوكبية صغيرة تُسمى الكواكب المصغرة planetesimals، التي تتصادم مع بعضها وتندمج مشكلةً الكواكب.
إذا كانت المسافة بين الكواكب المصغرة وبين النجوم المُضيفة لها كبيرة كفاية، يصبح داخلها جليديًّا، وتتطور إلى كواكب غازية، وذلك لوفرة الهيدروجين والهيليوم بها. تزداد قوى الجاذبية مع نمو الكوكب المصغر إذ يجذب جميع المواد القريبة منه، أما في حال كوكب مصغر بعيد عن نجمه، فإن المواد المحيطة تتكون من غازات.
إذن فعندما يموت النجم، تتشكل كواكب ونجوم جديدة من الحطام والجسيمات التي تدور حوله، لكن هل يمكن أن يتحول النجم إلى كوكب مباشرةً؟
الجواب هو نعم، قد تتحول النجوم إلى كواكب، لكن هذا التحول يطرأ على مجموعة محددة من النجوم، تُسمى الأقزام البنية.
ما الأقزام البنية؟
تُسمى الأقزام البنية Brown dwarfs النجوم الفاشلة إذ أنها صغيرة جدًّا، أصغر من أن تكون نجومًا، وأكبر من أن تكون كواكب، لكنها تمتلك ميزات مشتركة بين النجوم والكواكب إذ تتراوح أحجامها بين ضعف كتلة المشتري و90 ضعف كتلته، وتوجد في مركز نظامها الشمسي وتدور حولها كواكب مثل أي نجم آخر، لكنها لا تمتلك قوى جاذبية كافية تدعم عمليات الاندماج النووي للهيدروجين.
مع ذلك تدعم الاندماج النووي للهيدروجين الثقيل (الديوتريوم)، فتحصل على الطاقة من هذا التفاعل وتطلق الحرارة والضوء تمامًا كالنجوم الأخرى. تستنفد الأقزام البنية وقودها بسرعة بسبب ندرة الديوتريوم، فتتوقف تفاعلات الاندماج داخلها ويتوقف انبعاث الحرارة والضوء نتيجةً لذلك، ثم يخفت القزم ويبرد ليصبح شبيهًا بالكوكب.
اكتُشف قرابة ثلاثة آلاف قزم بني حتى الآن، وهو رقم ضئيل جدًّا إذ تتوقف الأقزام البنية عن إطلاق الحرارة والضوء في وقت مبكر من دورة حياتها، فهي باردة ومظلمة طوال حياتها تقريبًا، ما يصعب اكتشافها من طريق التلسكوبات التقليدية. ويُعتقد أن عدد الأقزام البنية الحالية قريب من عدد النجوم العادية. وقد تسهم الأقزام البنية في الكشف عن ماهية المادة المظلمة مستقبلًا.
اقرأ أيضًا:
المستعر الأعظم ( السوبرنوفا ) – الحدث الأكثر تألقًا في الكون !
ما الفرق بين المستعر و المستعر الاعظم ؟
ترجمة: بلال الإبراهيم
تدقيق: رزوق النجار
مراجعة: أكرم محيي الدين