قسم الفلاسفة الغربيون القدماء المادة إلى أربعة أقسام؛ التراب والماء والهواء والنار، واعتقد البابليون القدماء بربط كل عنصر من هذه العناصر بمجموعة من الأبراج، فحددوا مثلًا أبراج الحمل والأسد والقوس كأبراج نارية يتأثر الأشخاص المنتمون لها بصفات النار، فيكونون عرضة للغضب مثلًا في مواقف محددة.
على الرغم من أننا توصلنا إلى تصنيف جديد يقسم المادة إلى 118 عنصرًا بدلًا من أربعة، إلا أن الفلاسفة القدماء لم يكونوا مخطئين تمامًا.
يقول «جياهاو تشين – Jiahao Chen» زميل ما بعد الدكتوراه في الكيمياء في معهد ماساتشوستس:
«يتطابق النظام القديم تقريبًا مع مفاهيمنا الحالية عن المادة وحالاتها؛ الصلبة والسائلة والغازية.
لكن النار شيء آخر مختلف تمامًا، فهي مجموعة من الغازات التي تتفاعل كيميائيًا فيما بينها».
يمكن تعريف النار بشكل مبسط على أنها تفاعل كيميائي لخليط من الغازات القابلة للاشتعال، والتي تتوهج مشتعلة عند تعرضها لحرارة عالية.
لكن لا تحترق المواد جميعها بذات الطريقة؛ إذ يختلف احتراق الشموع عن احتراق الخشب ويختلف احتراق كليهما عن احتراق غاز البروبان.
بينما تتشابه أنواع الاحتراق في جزئية إطلاق الطاقة الكامنة في الوقود.
فإذا توفر الأكسجين والوقت الكافي سيُنتج الاحتراق في نهاية المطاف الماء وثاني أكسيد الكربون.
يقول تشين: «لكل نار كيمياء تختلف عن غيرها، إلا أنه في كل احتراق تتساوى الطاقة المنتجة والطاقة المُستهلكة، لذا لا يمكن الحصول على مزيد من الطاقة دون حرق المزيد من الوقود.
وبينما تستهلك النيران نفسها عند الاحتراق، تبقى السوائل والغازات والمواد الصلبة على حالتها لفترة طويلة».
تنتج الطاقة الحرارية عن طاقة الاحتراق في أغلب الأحيان، فبعد أن ترتفع درجة حرارة مزيج الغازات، يرتفع اللهب على شكل القطرة.
يحافظ اللهب على شكله بفضل التفاعلات الكيميائية التي تحدث في عدة اتجاهات.
يوضح تشين: «تخيل كمية من الوقود تخرج من شعلة الغاز على الموقد، ستدرك أن الواجهة التي يلتقي بها الوقود مع الأكسجين هي المكان الوحيد والحد الذي يبدأ عنده الاحتراق، فيستهلك المعدل الكافي من الأكسجين بالإضافة إلى المعدل الكافي من الغازات، مع انبعاث معدل ثابت من ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء في الوقت ذاته».
على الرغم من أن العلم قطع شوطًا طويلًا منذ المحاولات الأولى للميتافيزيقيين لاكتشاف هذه المادة، إلا أن طبيعة النار ما زالت مبهمة تمامًا.
لذا باشر مهندسون وكيميائيون في حرق المواد الكيميائية الدقيقة التي تدخل في عملية الاحتراق في محاولات لحل اللغز، آملين أن تتمخض عن بحوث مفيدة تؤثر إيجابيًا على مجالي الاقتصاد والبيئة.
يقول تشين: «توظف شركات سيارات عديدة خبراء ومختصين في كيفية احتراق الوقود في محركات المركبات، فاكتشاف العملية الدقيقة أثناء الاحتراق قد يقودنا لتطوير عمليات حرق أنظف وأكثر كفاءة».
- ترجمة: الاء أبو شحوت.
- تدقيق: جعفر الجزيري.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر