وفقًا لمركز بيو للأبحاث، فإن واحدًا من كل عشرة بالغين في أمريكا قد خاض علاقةً طويلة الأمد باستخدام موقع للمواعدة على الإنترنت، مثل Tinder و OKCupid و Match.com. لكن ما الذي يدفع الناس إلى قبول حساباتٍ معينة ورفض الأخرى؟
وجد بحث جديد أجراه د. ويليام شوبيك الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بجامعة ميشيغان و د. ديفيد جونسون من جامعة ماريلاند، أن دافع الناس لقبول حسابات بعينها يعتمد على جاذبية المرشح العاطفي وعرقه، وغالبًا ما يُتّخَذ هذا القرار بأقل من ثانية.
ويوضّح د. شوبيك: «حتى مع الشعبية المتزايدة التي تلقاها المواعدة على الإنترنت لترتيب المواعيد بين الناس، فإن الأبحاث حول كيفية تواصل الناس مع بعضهم على هذه المنصات قليلة. وأردنا في بحثنا فهم السبب وراء رفض أحدهم أو قبوله والعملية التي يمرّون بها عند اتخاذ تلك القرارات.
استند بحث د. شوبيك إلى دراستين في مراقبة كيفية تعامل مستخدمي تطبيقات المواعدة ممن لديهم توجّهات مختلفة في الحياة مع الحسابات المتوفرة.
ركّزت الدراسة الأولى على طلاب جامعيين بينما ركزت الدراسة الثانية على بالغين من الطبقة العاملة بمتوسط عمر ٣٥ سنةً. وأُعطيَ المشاركون حرية الاختيار بين حسابات ذكور أو إناث حسب تفضيلهم بالمواعدة.
ووسطيًّا كانت نسب الموافقة على الشركاء المقترحين للمشاركين الذكور أكثر من الإناث. ووجد أيضًا أن الأشخاص الواثقين من جاذبيتهم رفضوا حسابات أكثر بالمجمل، مُثبتين بذلك مدى انتقائيتهم عند البحث عن شريك مُحتَمل.
ويقول د. شوبيك: «من المثير للدهشة مدى استعداد الناس لاتخاذ قرارات بشأن قبولهم مواعدة إنسان آخر من عدمه في أقل من ثانية استنادًا إلى الشكل الخارجي للشخص الآخر فحسب!
ومن المفاجئ أيضًا مدى ضآلة ما يعنيه كل أمر -بعيدًا عن الجاذبية والعرق- لفعل القبول والرفض، فشخصيتك وانفتاحك على العلاقات العابرة أو حتى أسلوبك في مقاربة العلاقات أو تفضيلك لعلاقات عابرة أو طويلة، كل هذا لا يبدو مهمًا».
في حين تؤدي الجاذبية دورًا رئيسيًّا في قرارات المشاركين بالقبول أو الرفض، فإن الخلفية العرقية عامل مهم أيضًا. فكان المشاركون أميل لقبول أشخاص ينتمون إلى نفس خلفيتهم العرقية، ورُفِضَت حسابات المستخدمين ملوني البشرة أكثر من حسابات المستخدمين بيض البشرة.
وعلّق د. شوبيك: «كانت التباينات مروعة، فقد رُفِضَت حسابات المستخدمين ذوي البشرة السوداء أكثر من حسابات المستخدمين ذوي البشرة البيضاء، ما يسلط الضوء على ما يلقاه الملونون من عنصرية في المجتمع يوميًّا».
يبحث د. شوبيك حاليًّا عن كيفية تعامل مستخدمي مواقع المواعدة على الإنترنت مع حسابات المستخدمين الذين يبادرون إلى قبول حساباتهم. ومع أن موجودات البحث ما زالت في طور الاكتمال فإن البيانات تشير إلى أن الناس يقبلون الحسابات التي تبادر إلى قبولهم في البداية ولو كان المستخدم أقل جاذبية أو كان الحساب أقل إثارة للإعجاب عامةً.
ويفسّر د. شوبيك: «نُعجَبُ بمن يُعجَب بنا! فمن المنطقي أن نرغب في التواصل مع من أظهر اهتمامه بنا حتى وإن لم يرقَ إلى مستوى اختيارنا».
وفي ظل جائحة كورونا اكتشفنا أن البشر قابلون جدًا للتكيّف خاصةً عند تلبية شغفهم بالرفقة، ولهذا السبب سيغير الحجر بعد الجائحة من طُرق المواعدة عاكسًا عاداتنا إلى الأبد.
تدفع تطبيقات المواعدة مستخدميها إلى اللقاء في مواعيد افتراضية، وذلك بإطلاقها ميزة محادثة الفيديو ما يسهّل اللقاء بأناس أكثر وكذلك تدبير اللقاءات.
ويقول المدير التنفيذي لتطبيق Tinder إيلي سيدمان: «برغم تباعدنا الجسدي فإننا متواصلون، ووجود شخص نتحدث معه -الآن أكثر من أي وقتٍ مضى- قد يضفي نكهة مختلفة إلى حياتنا».
وتفيد تقارير سيدمان بأن نشاطات المراسلة على التطبيقات قد زادت بين المستخدمين الأمريكيين بنسبة 10-15%.
بينما شجّعت المديرة التنفيذية لتطبيق Bumble ويتني وولف هيرد المستخدمين على المواعدة الافتراضية وتجنُّب اللقاءات الشخصية. وكتبت في مدونة عامة: «نرغب في مساعدتك على التواصل حتى مع احترازات التباعد الجسدي».
وتقول بريتي جوش نائب رئيس قسم الاسترتيجية لتطبيق Bumble: «عندما يغدو التواصل المادي محدودًا، سيسعى البشر إلى وسائل أخرى في التواصل، وتلبي مكالمات الفيديو ذلك المسعى».
وشجع تطبيق OKCupid الناس على اللقاء افتراضيًّا أيضًا، لكن المستخدمين اتجهوا إلى اللقاءات الاعتيادية. تقول المديرة التنفيذية للتطبيق آريل شاريتان: «بتنا نسمع كثيرًا عن دعوات شرب القهوة الافتراضية ودعوات العشاء الافتراضية ومشاهدة الأفلام عن بعد».
ويبدو من المحتّم أن شركات تطبيقات المواعدة ستجد طريقة للربح باستغلال اعتمادنا المتزايد على المواعدة الافتراضية.
العنوان: المواعدة على الإنترنت: طريقة فعّالة للتعارف أم علاقات عابرة سطحية؟ وكيف أثّرت جائحة كورونا في الموضوع؟
اقرأ أيضًا:
هل المواعدة عبر الإنترنت الطريقة الأكثر أمانًا لترتيب موعد؟
إليكم أكثر المهن جاذبيةً وفقًا لمستخدمي تطبيقات المواعدة
ترجمة: سِوار قوجه
تدقيق: لبنى حمزة
مراجعة: عون حدّاد
المصادر: socialscience, forbes