ليس السرطان بالمرض الذي ينتقل عن طريق العدوى؛ لأن جهازك المناعي بإمكانه التعرف على الخلايا السرطانية بسرعة والتخلص منها قبل السماح لها بالنمو والانتشار. هناك بعض الأدلة التي تشير الى إمكانية انتشار الإصابة بالسرطان من خلال عمليات زرع الأعضاء في حالة امتلاكك لجهاز مناعي ضعيف.
يزيد تعرضك للجراثيم أو الفيروسات المعدية كفيروس الورم الحليمي البشري (HPV) من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطانات. ولكن بشكل عام، فلن ينتقل السرطان إليك كعدوى من شخصٍ مصاب ولن تمرره أنت بدورك إلى أحد آخر.
والآن لنستعرض التفاصيل المتعلقة بكون السرطان مرضًا غير معدٍ، وكذلك نستعرض بعض الحالات القليلة التي تزيد من خطر الإصابة بهذا المرض.
هل من الممكن أن ينتقل إليك السرطان عن طريق العدوى؟
الجواب هنا بالطبع لا، لا يمكن ذلك.
على عكس الحالات المعدية الأخرى كالعدوى الفيروسية أو الجرثومية، لا يمكن أن ينتشر السرطان بأي من الطرق التالية:
- التقبيل أو تبادل اللعاب بطريقة ما، كتقاسم الأواني أو فرشاة الأسنان. الممارسة الجنسية، سواء أكانت محمية أم غير محمية.
- ملامسة دم المُصاب بالسرطان.
- ملامسة جلد المُصاب بسرطان الجلد.
- مشاركة استعمال مقعد المرحاض مع شخص مُصاب بالسرطان.
- التنفس من الهواء ذاته الذي يحوي زفير المصاب بالسرطان.
ينجم السرطان عن تلف أو طفرات تلحق بالحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين DNA.
بمرور الوقت، تموت الخلايا السليمة وتُستبدل بخلايا تحوي حمضًا نوويًا متضررًا؛ عند تكاثر ونمو هذه الخلايا التالفة فإنها ستكوّن في النهاية نسيجًا سرطانيًا في منطقة معينة، والتي بدورها يمكنها الانتقال إلى مناطق أُخرى في جسم الإنسان بما يُعرف بالسرطان النقيلي Metastatic Cancer.
لو تمكنت الخلايا السرطانية من الولوج إلى جسم ذي جهاز مناعي قوي فسيكون بوضعٍ جيد لمكافحة وتدمير هذه الخلايا قبل السماح لها بالنمو والانتشار.
أمن الممكن أن ينتقل السرطان إليك من أحد والديك؟
ليس السرطان مرضًا معديًا كالأمراض المعدية المعتادة، ولكن من الممكن أن ترث جينات معينة قد تزيد من خطر الإصابة ببعض السرطانات، والتي يُطلق عليها السرطانات الوراثية Hereditary Cancers.
تشمل هذه الجينات:
- الجينات الكابتة للورم: تتولى هذه الجينات مسؤولية الحفاظ على معدل نمو خلايا جسمك، مانعةً خلاياك من النمو خارج السيطرة. لو حدثت طفرات في هذه الجينات، حينها ستتولد الأورام. مثال على هذه الجينات: جين p53، جين Rb، والجين APC.
- جينات إصلاح الحمض النووي الرايبوزي منقوص الأوكسجين (DNA): تُساعد هذه الجينات في إصلاح الأخطاء في الحمض النووي قبل بدء عملية الانقسام الخلوي.
في حال أصبحت جينات طافرة، عندها لن يكون بوسعها منع إنتشار أخطاء الحمض النووي، ما يسمح للخلايا السرطانية بالتطور والنمو خارج السيطرة. بعض الأمثلة: جين BRCA1 وجين BRCA2.
من المهم تذكر أن امتلاكك لهذه الجينات لا يعني بالضرورة أنك ستُصاب بالسرطان في مرحلة ما في حياتك. وكباقي الجينات، تتأثر الجينات أعلاه بعوامل مختلفة؛ كالنظام الغذائي والبيئة، واللذين يحددان فيما إذا كنت ستُصاب بالسرطان أم لا.
هل ينتقل السّرطان خلال فترة الحمل إلى الجنين؟
تعتبر فرص نقلك للسرطان إلى طفلك عند الولادة ضئيلة جدًا؛ تُعد الإصابة بالسرطان خلال الحمل أمرًا نادر الحدوث بحد ذاته من الأساس. إذ يُقدر مصدر موثوق نسبة الإصابة بالسرطان خلال الحمل مقدار واحد لكل ألف حالة.
يمكن للسرطان أن ينتقل عبر المشيمة إلى طفلك، ولكن هذه الحالة نادرة للغاية.
إليك عزيزي القارئ، إحدى الحالات التي انتقل فيها السرطان من الأُم الى طفلها: ففي عام 2009، نقلت امرأة يابانية كانت مصابة بسرطان الدم الليمفاوي الحاد (ALL)، بعضًا من الخلايا السرطانية لجنينها عبر المشيمة.
توفيت الأُم بعد فترة وجيزة من الولادة بسبب مضاعفات السرطان، ووُلدت الطفلة بلا أي علامات للسرطان الذي أصاب أمها المتوفاة، أو هكذا ظن الطبيب.
وبعد أحد عشر شهرًا، أكتشف الأطباء أن الطفلة قد ورثت طفرة في أحد الجينات من أمها، تحديدًا جين (BCR-ABL1). هذا أدى إلى عدم تمييز جهازها المناعي، للخلايا السرطانية وبالتالي القضاء على هذه الخلايا، ما جعل الطفلة تُصاب بالأورام السرطانية.
مجددًا؛ ليست هذه الحالة سوى حالة نادرة جدًا، ارتبط سرطان الأم بطفرة جينية سمحت لانتشار السرطان من الأُم إلى الطفل، حالاتٌ كهذه نادرةٌ جدًا.
أمن الممكن أن تُصاب بالسرطان جراء إصابتك بمرضٍ معدٍ آخر؟
تزيد بعض الحالات المعدية من خطر نشوء السرطان. إذا أصبت بالعدوى من شخصٍ يحمل فيروسات أو جراثيم؛ فسيزداد خطر إصابتك بالسرطان.
إليك بعض الحالات المعدية التي ثبت أنها تزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان:
- فيروس الورم الحليمي البشري (HPV): أحد الفيروسات التي تنتقل جنسيًا والتي تُعد سببًا مباشرًا للإصابة بسرطان عنق الرحم. تشكل سلالتا (16) و (18) من هذا الفيروس السبب في ما يقارب 70% من حالات سرطان عنق الرحم.
- التهاب الكبد من نوع B و C: يمكن لهذين الفيروسين إصابة الكبد مؤديين لإتلافه، ويمكن لكليهما الشفاء دون الخضوع لأي علاج؛ ولكن في بعض الحالات تصبح العدوى مزمنة، وهذا بدوره يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد.
- فيروس نقص المناعة البشرية (HIV): يُضعف هذا الفيروس جهازك المناعي مع مرور الوقت. ما يجعلك أكثر عرضةً للإصابة بمرض السرطان، لأن خلايا الدم البيضاء المعروفة بالخلايا التائية ستفقد قدرتها على محاربة الخلايا السرطانية.
- فيروس إبتشتاين بار (EBV): المسمى خطأً بمرض التقبيل، يحوي هذا الفيروس على بروتين يدعى (BNRF1) والذي بإمكانه تدمير خلايا الفم والأنف؛ ما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان البلعومي الأنفي Nasopharyngeal Cancer.
- بكتيريا الهليكوباكتر بيلوري (Helicobacter Pylori) أو الملوية البوابية: وهي نوع من البكتيريا التي تسبب قرحة والتهابًا في المعدة إن نمت بشكل خارج السيطرة؛ تزيد هذه البكتريا من خطر إصابتك بسرطاني المعدة والأمعاء.
ماذا عن نقل وزراعة الأعضاء؟
تكون الإصابة بالسرطان الناجمة عن زراعة عضو ما حالة نادرة، تحدث فقط في اثنتين من كل عشرة آلاف عملية زرع. تُجرى العديد من الاحتياطات قبل البدء بزرع الأعضاء؛ منها ضمان عدم إصابة المتبرع أو أحد أفراد عائلته بالسرطان.
وإن حدث وأُصبت بالسرطان بالتزامن مع عملية زرع العضو، فغالبًا ما يعزى ذلك لعاملين:
- تثبيط جهازك المناعي ببعض الأدوية التي يُراد منها عدم جعل جسمك يرفض العضو المستلم باعتباره شيئًا غريبًا.
- أنك تحمل عامل خطر الإصابة بالسرطان مسبقًا، خصوصًا سرطان الجلد والكلية.
باختصار؛ لا يمكن أن تُصاب بالسرطان جراء عدوى من شخصٍ مصاب به. لو حدث أن أُصبت بالسرطان، فمن المهم أن تملك دعمًا نفسيًا قويًا وروابط متماسكة مع العائلة والأصدقاء ما يجعلك تحافظ على حياةٍ جيدة.
اقرأ أيضًا:
ليزر جديد يمكن أن يستهدف الخلايا السرطانية ويقتلها في مجرى الدم
تساعد تكنولوجيا الليزر العلماء على فحص ودراسة خلايا السرطان
ترجمة: مرتضى أحمد جبار
تدقيق: علي قاسم