تشير دراسة جديدة إلى أن المراهقين الذين يعيشون حول الكثير من الأطفال البدناء -أو الذين يعانون زيادة الوزن- ويختلطون معهم، يرون أجسامهم مثالية، ونتيجة لذلك يميل المراهقون إلى أن يكونوا بدناء أو زائدي الوزن بأنفسهم. قالت الباحثة الرئيسة أشليشا داتار Ashlesha Datar، الخبيرة الاقتصادية الأولى في مركز الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية في جامعة كاليفورنيا الجنوبية في لوس أنجلوس: «قد تؤدي معدلات البدانة المرتفعة إلى اكتساب المراهقين أوزانًا زائدة غير صحية، وقد تجعل أيضًا الوقاية من البدانة أمرًا صعبًا».
من أجل هذه الدراسة، جمع فريق داتار معلومات عن 401 مراهقًا ممن شاركوا في دراسة لعائلات الجيش الأمريكي بين ديسمبر عام 2017 ويوليو عام 2018، وأكمل المراهقون وآباؤهم بقية المعلومات المتعلقة بالطول والوزن وعوامل أخرى من طريق الإنترنت.
وُضعت مجموعة من أشخاص يتَّصفون بمقاسات أحجام مختلفة أمام الشباب المراهقين، وُطلب من الشباب اختيار الشخص ذي الهيئة المثالية بنظرهم.
قالت داتار: «اختار المراهقون الذين يعيشون في المقاطعات ذات معدلات البدانة المرتفعة الشخص ذي حجم الجسم الأكبر مقارنةً بالمراهقين الذين كانوا في المقاطعات ذات معدلات البدانة المنخفضة».
قالت أيضًا: «إن سر قوة الدراسة هي أن المراهقين الذين عاشوا في المقاطعات كانت معدلات البدانة لديهم مرتفعة أو منخفضة بسبب المهمة العسكرية لوالديهم، ما جعلها تجربةً طبيعيةً لمعرفة كيفية تأثير التعرض للمجتمعات البدينة على معايير حجم الجسم ومخاطر البدانة. لست متأكدة تمامًا مما يمكن فعله لتعويض المراهقين عن ذلك، وجعلهم يحصلون على أجسام صحية أكثر، إذ ربما يساعد في ذلك تثقيف المراهقين حول خطورة الوزن غير الصحي، وتعليمهم طرائق التعامل مع الضغوط الاجتماعية، والحصول على حجم جسم مثالي».
قال الدكتور ديفيد كاتز Dr. David Katz، رئيس مبادرة الصحة الحقيقية، التي تعزز اتِّباع أنماط حياة صحية، بعد مراجعته لنتائج الدراسة: «هناك ارتياح وانزعاج في فكرة أن رؤية حالات كثيرة من البدانة حولنا يجعلنا نشعر حقًا أنه من الطبيعي أن يكون الشباب يعانون زيادة الوزن ، فالمريح أن الشباب قد يشعرون براحة أكبر في مظهرهم الحالي، ما يجعلهم أقل عرضةً لأذى الحكم على النفس والتأثيرات الجانبية للبدانة على احترامهم لذاتهم، وإذا انتشرت هذه الفكرة في الشبكات الاجتماعية على الإنترنت؛ فقد تكون سببًا في إزالة وصمة العار عن البدانة، وقد تخفف من العبء التاريخي للتنمر وإساءة المعاملة، وهذا أمر جيد وخيّر».
تُعد البدانة عامل خطر رئيسي للإصابة بداء السكري من النمط الثاني، ومرض الكبد الدهني، والعديد من الأمراض المزمنة الأخرى، التي قد تبدأ في مرحلة المراهقة أو قبلها، لذلك حذر كاتز أن نشر الفكرة السابقة حول البدانة قد تجعل الأشخاص أيضًا غير مكترثين بمنع حدوث البدانة، أو قد لا يظهروا أي محاولات لإنقاص الوزن الزائد وضبطه، ما قد يُكلف الصحة ثمنًا عاليًا!
وأضاف: «علينا أن نسعى جاهدين لمنع المرضى البدناء من إلقاء اللوم على أنفسهم، لكن في الوقت نفسه، يجب أن نعترف بالتأثيرات المضرة للبدانة على الصحة، ويجب أن نزيد جهودنا على نطاق واسع لضبط هذه المشكلة الصحية ومنع حدوثها».
لا يعتقد كاتز أن إشراف الآباء هو الحل لمشكلة البدانة؛ فالأمر متروك -حسب رأيه- لاختصاصيي الصحة من أجل تعليم البالغين والأطفال -على حد سواء- أن الوزن الزائد والمفرط يمثل خطرًا صحيًا مهمًا. هو لا يشجع قول الأهل لطفلهم إن وزنه ليس مثاليًا، فالآباء معرضون للبدانة أيضًا، لذلك هو يُشجع الآباء على التغاضي عن بدانة طفلهم حال وجودها- وإنكارها أيضًا.
اقرأ أيضًا:
من قال أن البدانة (السمنة) شيء سيئ ؟
السمنة (البدانة): الأسباب والمضاعفات وطرق العلاج
ترجمة: يوسف الجنيدي
تدقيق: محمد نجيب العباسي