وجد العلماء في دراسة جديدة أن اختبار وخز الإصبع السريع المصمم لإظهار إصابة الشخص سابقًا بسارس كوف 2 أقل دقة بكثير ممّا اقترحته الأبحاث السابقة. يبحث اختبار AbC-19 السريع -الذي طُوِّرَ ليستخدمه المتخصصون في الرعاية الصحية في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي- عن الأجسام المضادة للفيروس في قطرة دم صغيرة من وخز الإصبع، ويمكن أن يظهر النتائج في 20 دقيقة فقط دون الحاجة إلى معدات مختبرات خاصة.
الفكرة هي أن العاملين في مجال الرعاية الصحية يمكنهم إجراء الاختبار بسرعة وسهولة بين عامة الناس في نقاط الرعاية، والحصول على نتائج فورية لتقديم فكرة عن عدد الناس الذين يحملون الأجسام المضادة لسارس كوف 2، ما شكّل ميزة بيع قوية دفعت حكومة المملكة المتحدة لطلب مليون جهاز اختبار بسعر 75 مليون يورو (100 مليون دولار أمريكي تقريبًا).
استرشد هذا الطلب بالنتائج الإيجابية لدراسة واسعة للتحقق من صحة الدراسات، مولها اتحاد المملكة المتحدة للاختبارات السريعة، وهو هيئة تمثل الشركات التجارية، منها شركتي أبينجدون هيلث وأوميجا دياجنوستيك التي طورت اختبار AbC-19.
هذه الدراسة التي قادها باحثون من جامعة أولستر في أيرلندا الشمالية متاحة للاطلاع، لكنها لا تزال تنتظر مراجعة الأقران.
وجدت الدراسة أن اختبار AbC-19 السريع لا يعطي أي نتائج إيجابية خاطئة، مع دقة نوعية تبلغ 100%، أي القدرة على تحديد عينة سلبية صحيحة بدلًا من إعطاء نتيجة سلبية خاطئة.
ووجدت دراسة أولستر أيضا أن حساسية الاختبار بلغت 97.7%، أي القدرة على إعطاء نتيجة إيجابية صحيحة.
أما الآن فقد وجدت دراسة مستقلة جديدة لاختبار AbC-19 نتائج مختلفة كثيرًا فيما يخص دقة اختبار وخز الإصبع.
حلل فريق من العلماء من جامعات بريستول وكامبريدج ووارويك عينات دم من 2847 من العاملين في الرعاية الصحية، وكانت نتيجة اختبار PCR لـ 268 منهم إيجابية لكوفيد في حين ظلت حالة الإصابة السابقة لـ 2579 منهم مجهولة.
إضافةً إلى ذلك، اختبروا عينات من 1995 متبرعًا بالدم قبل الجائحة، وهي الحالات السلبية المعروفة من قبل جائحة كورونا.
تشير نتائج الدراسة الجديدة إلى أن الدقة النوعية لـ AbC-19 تبلغ 97.9% لا 100% كما زعمت دراسة أولستر، والحساسية 92.5% استنادًا إلى الحالات التي أكدها اختبار PCR، وتنخفض إلى 84.7% في الحالات التي كانت فيها حالة العدوى السابقة غير معروفة تمامًا.
من المحتمل أنّ الاختلافات بين الدراستين تعكس الاختلافات في كيفية اختبار المجموعتين لجهاز AbC-19، لكن يُقترح أن بحث أولستر لم يقدم صورة واضحة عن دقة الاختبار.
كتب الخبيران السريريان ديبيندر جيل ومارك جي بونسفورد تعليقًا على نتائج الدراسة الجديدة: «اختار الباحثون في دراسة أولستر إيجابياتهم المعروفة من الأشخاص الذين أعطوا بالفعل نتائج إيجابية للأجسام المضادة لبروتينات سارس كوف 2 في 3 فحوصات أخرى، واختاروا سلبياتهم المعروفة من الأشخاص الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في نفس الفحوصات الثلاثة، ومن المحتمل أن يبالغ مثل هذا الاختيار المتطرف نسبيًا للمعايير المرجعية في تقدير دقة اختبار AbC-19 بسبب ظاهرة التحيز الطيفي».
وبمزيد من الاستقراء، وجدت الدراسة المستقلة التي قادتها الكاتبة الأولى رانيا مولشانداني من برنامج تدريب علم الأوبئة الميداني في المملكة المتحدة أن واحدًا من كل خمسة عمال رئيسيين كان اختبارهم إيجابيًا لـ AbC-19 سيكون إيجابيًا خاطئًا، إذ كان 10% من كامل العينة المدروسة قد أصيبوا بسارس كوف 2.
يؤكد الباحثون عدم وجود اختبار مثالي مطلقًا، لكن يجب أن نكون على دراية بانخفاض الدقة الذي أُبلِغ عنه في اختبار AbC-19.
تقول باحثة الأمراض المعدية إليانور رايلي من جامعة إدنبرة، التي لم تشارك في الدراسات: «هذه البيانات الجديدة مفيدة للغاية على مستوى الصحة العامة، فإذا كنا نعرف عدد الحالات التي يخفق فيها الاختبار وعدد الحالات التي يصنفها خطأً بأنها إيجابية، فيمكننا وفقًا لذلك ضبط تقديراتنا عن حالات العدوى السابقة».
من جانبها، تؤكد وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في المملكة المتحدة أن النتائج الجديدة ليست مشكلة للهدف من استخدام اختبار AbC-19 ، إذ يتمثل في مراقبة الإصابات السابقة في المجتمع على مستوى الرعاية الصحية المقدمة، لا تشخيص إصابات كوفيد-19 الحالية لدى أفراد المجتمع.
جاء في البيان: «يظهر هذا التقرير أن هذه الاختبارات معتمدة للاستخدام في دراسات المراقبة، وذلك هو الهدف منها، ولم تُجلب بقصد الاستخدام العام على نطاق واسع مطلقًا، وتجاهُل هذه الحقيقة عمدًا في التقرير هو تضليل».
ومع ذلك، فإن تداعيات كشف هذه الحقيقة قد تكون كبيرة، وثمّة ادعاءات بأن حكومة المملكة المتحدة عطلت نتائج الدراسة الجديدة، وقد بدأت بالفعل إجراءات قانونية ضد الحكومة فيما يتعلق بالاختبارات.
اقرأ أيضًا:
متى ستنتهي جائحة فيروس كورونا؟
ما يجب أن تعرفه عن اختبار فيروس كورونا والمناعة المكتسبة
ترجمة: محمد أحمد بصل
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: أكرم محيي الدين