اقترح بحثٌ جديدٌ أُجرِيَ على الفئران أنَّ أعراض الانفصام قد تنتج عن عيبٍ في الخلايا التي تلعب دورًا مهمًا في دعم وتوجيه الخلايا العصبية.
ويتحدَّى هذا الاكتشافُ التفكيرَ التقليديَّ الذي يُركِّز على الخلايا العصبية ذاتِها، وقد يمكِّننا من إيجاد طرائقَ جديدةٍ لكشف وعلاج الحالة.
واعتمد البحث الذي أجراه فريقُ دوليٌّ من الباحثين على ما يُعرف بالفئران الوهميّة؛ وهي الفئران التي استُعمِرتِ أدمغتُها بخلايا دبقيّةٍ مأخوذةٍ من الإنسان.
إنَّه لمن الصعبِ تحديدُ جذورِ مرض الانفصام، فهذا المرضُ يؤدِّي إلى تحدِّياتٍ عقليّةٍ وعاطفيّةٍ متنوعةٍ عند المصاب كجنون الارتياب والتفكير غيرِ المُنظَّم والهَلْوَسَة والتوهُّم.
ويعاني واحدٌ وعشرون مليونَ شخصٍ حول العالم من الانفصام، وقد لُوحظ جريانُه في العائلات.
وتكمن المشكلة في دراسة ارتباط خلايا المخّ المختلفة مع الانفصام في التأكُّد من أنَّ خلايا المخّ لدى الحيوانات تتصرَّف كخلايانا في نفس الظروف المحيطة.
وقد بيّن هذا البحثُ أنَّ اللوم لا يقع على الخلايا العصبية؛ وإنَّما على المشاكل الناتجةِ عن خلاياها المُربِّية.
أخذ العلماء في هذا البحث الخلايا سَليفةَ الدبقيّةِ (المولِّدة للخلايا الدبقيّة) من مرضى الانفصام ونقلوها إلى أدمغةِ فئران صغيرةٍ.
ثمّ قارنوا بين تصرُّفات هذه الفئران وتصرُّفات فئران أخرى زُرع فيها النوعُ نفسُه من الخلايا من عيناتٍ غيرِ مصابةٍ بالانفصام.
ومن خلال هذه الطريقة يمكننا التأكُّد ما إذا كانت تصرّفات الفئران ناتجةً عن المرض ذاتِه لدى الإنسان في حال أظهرتِ الفئرانُ نفسَ الأعراض.
تأتي الخلايا الدبقيّةُ بأشكالٍ متعدّدةٍ ويمكن العثورُ عليها في جميع أنحاء الجهاز العصبيّ، وهي تنفِّذ مجموعةً من المهام الداعمة سامحةً للخلايا العصبيّة بأداءِ مهمّتها الرئيسةِ – تمرير الرسائل- بأفضل صورة، ويمكن أن يكونَ هذا الدعمُ بالتفافها حول الأعصاب أو عن طريق الإحاطة بالأعصاب لمحو الرسائل الكيميائيّة المضلّلة.
ورغم ارتباط الخلايا الدبقية المعطوبة بالفصام من قبل، فمن المفترض أن تكونَ أقلَّ أهميّةٍ من التشوُّهات في الخلايا العصبيّة نفسها.
ومن المؤكَّد أنَّ الخلايا الجذعيّةَ المستمدَّةَ من المصابين بالفصام قد أظهرت نمطًا غيرَ عاديٍّ من الهجرة أثناء انتشارها عبر أدمغة الفئران، مما أدى إلى انخفاض أعدادِ نوعٍ من الخلايا الدبقيّة والذي كان مسؤولًا عن التخلُّص من المواد الكيميائيّة العصبيّة في الثغرات بين الخلايا العصبيّة.
ليس من الصعب تخيُّل أنَّ هذا النوعَ من الأبحاث يمكن أن يقودَنا إلى علاجاتٍ مشابهةٍ للمرضى الذين شُخِّصَ الفصام لديهم في وقتٍ مبكّرٍ، أو حتى إلى تحسينِ أدوات التشخيص لتحديد الأشخاص المعرَّضين لخطرِ تطوُّرِ الأعراض المُتعِبة في وقتٍ لاحقٍ من الحياة.
وقد نُشِر هذا البحث في مجلة Cell.
- ترجمة: عبد الله الصباغ
- تدقيق: اسماعيل اليازجي
- تحرير: أحمد عزب