دراسة نشرت في المجلة الأمريكية لعلم الوراثة البشرية تقول بأنّ الذكور أكثر عرضة للإصابة باضطرابات النمو العصبي من الإناث، وأن الإناث تتطلب طفرات جينية أكثر مما يتطلب الذكور للإصابة باضطرابات النمو العصبية. النتائج تدعم فكرة أن دماغ الإناث محمي من مرض التوحد بطريقة ما، وهذا بدوره يفسر سبب كون نسبة الإصابة بالتوحد عند الذكور هي أربع أضعاف نسبة إصابة الإناث.
فعلى الرغم من أن بعض حالات التوحد ترتبط بوجود طفرة واحدة إلا أنه يُعتقد أن معظمها تنطوي على العديد من التشوهات الجينية، حيث أنه في السنوات القليلة الماضية تمّ اكتشاف مئات من الطفرات التي يمكن أن تجعل الناس أكثر عرضة للتوحد.
وبغية معرفة ما إذا كانت الطفرات تؤثر على الرجال والنساء بشكل مختلف، قام سيباستيان جاكمونت في مستشفى جامعة لوزان في سويسرا وزملاؤه بدراسة نوعين مختلفين من الطفرات في (762) من الأسر التي لديها طفل مصاب بالتوحد.
ووجد الباحثون أنه من بين الأطفال الذين يعانون من التوحد، هناك فئة واحدة من الطفرات المعروفة باسم (الاختلاف في عدد النسخ) -النقص أو الازدواجية لجزء من المادة الوراثية -كانت أكبر بثلاث مرات في الذكور منها في الإناث. وأضاف جاكمونت هذا يشير إلى أن مرض التوحد يستلزم المزيد من الطفرات ليصيب الإناث. وقال ” الإناث هم أفضل وظيفياً من الذكور في حال وجود طفرات متماثلة لدى كل منهم”.
وقال الدكتور جوزيف باكسبوم من مشفى ماونت سيناي في نيويورك أن دراسة مشابهة أجريت على (2400) مصاب بالتوحد والتي تعتبر جزءاً من “مشروع جينوم التوحد” الذي يهدف إلى دراسة تسلسل الجينوم ل (10000) مصاب بالتوحد قد وصلت إلى النتائج ذاتها. وأضاف باكسبوم ” الأمل في فهم السبب وراء (التأثير الوقائي لدى الإناث) هو أن يترجم ذلك الفهم إلى علاج للتوحد”.
ويقول جاكمونت أن نتائج البحث تتفق مع نظرية مثيرة للجدل تقول إن التوحد يمثل نسخة متطرفة عن دماغ الذكور، حيث طرحت هذه النظرية لأول مرة من قبل (سايمون بارون كوهين) في جامعة كامبردج. ووفقا لهذه النظرية، يمتلك الذكور ميلاً أكبر لما يمكن أن يكون توحداً طفيفاً -لذلك فمن المنطقي أن الأمر سيتطلب عدداً أقل من الطفرات لظهور التوحد لديهم.