البدانة وانتشارها قد يسهمان في زيادة حدوث بعض أنواع السرطانات بين جيل الألفية الجديد في الولايات المتحدة، حسب دراسة حديثة.
ووجدت الدراسة أن معدلات الإصابة ببعض أنواع السرطانات المرتبطة بالبدانة-بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم والكلى والبنكرياس- اِرتفعت بين البالغين الذين تراوحت أعمارهم بين 25 و 49 سنة من عام 1995 حتى 2014، مع وجود زياداتٍ أكبر عند الفئات العمرية الأصغر سنًا، وقال الباحثون إن معدلات بعض هذه السرطانات نفسها زادت أيضًا بين كبار السن لكن هذه الزيادة كانت أقل بكثير.
والأكثر من ذلك، فإن جيل الألفية لديهم خطرٌ مضاعف للإصابة بسرطاناتٍ معينة مرتبطة بالبدانة، مقارنةً مع الذين ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية.
كما أشار الباحثون إلى أن الشباب لا يزال لديهم بشكلٍ عام خطرٌ أقل لتطوير هذه السرطانات، مقارنةً مع كبار السن.
يمكن أن تكون هذه النتائج بمثابة تحذيرٍ لاِرتفاع معدلات الإصابة بالسرطان مع تقدم جيل الألفية بالسن في المستقبل، «ويمكن أن “تُوقف” أو “تَعكس” التطور المنجز في الحد من وفيات السرطان على مدى العقود الماضية»، حسب دراسة المؤلف الدكتور أحمدين جمال (Ahmedin Jemal)، نائب الرئيس العلمي لأبحاث المراقبة والخدمات الصحية في الجمعية الأمريكية للسرطان (American Cancer Society)، الذي يقول في بيان: «غالبًا ما تكون هذه السرطانات لدى الشباب مؤشرًا لوجود أمراضٍ في المستقبل لدى كبار السن، ومن بينها؛ معظم حالات السرطان».
نُشرت الدراسة يوم (4 فبراير) في مجلة The Lancet Public Health ، لتتزامن مع اليوم العالمي للسرطان.
السرطانات المرتبطة بالبدانة
من المعروف أن زيادة الشحوم في الجسم تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطانات.
في عام 2016، نشرت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (وهي فرعٌ من منظمة الصحة العالمية) تقريرًا يربط بين البدانة واِرتفاع خطر الإصابة باثني عشر نوعًا من السرطان: القولون والمستقيم، والمريء، والمرارة، والفؤاد المعدي (نوع من سرطان المعدة)، والكلى، والكبد والقناة الصفراوية، والورم النقوي المتعدد (أحد أنواع سرطان نقي العظام)، سرطان البنكرياس والغدة الدرقية، وعند النساء، سرطان بطانة الرحم، سرطان الثدي والمبيض.
في الدراسة الجديدة، حلل الباحثون معلوماتٍ عن معدلات الإصابة بالسرطان من 25 سجل للسرطان في الولايات المتحدة (تغطي نحو ثلثي سكان الولايات المتحدة) تم تشخيصهم في الفترة بين 1995 إلى 2014، نظروا في معدلات 30 نوعًا مختلفًا من السرطان، بما في ذلك 12 نوعًا من السرطانات المرتبطة بالبدانة، و 18 نوعًا من السرطانات الأخرى التي لم ترتبط بالبدانة، مثل سرطان الرئة والجلد.
وجد الباحثون أن معدلات الإصابة بستة أنواع من السرطان المرتبط بالبدانةـ مثل القولون والمستقيم، وبطانة الرحم، والمرارة، والكلى، والبنكرياس، والغدة الدرقيةـ اِرتفعت بين البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 49 خلال فترة الدراسة، على الرغم من أن معدلات معظم هذه السرطانات ارتفعت لدى كبار السن أيضًا، لكن كانت هذه الزيادات أقل بكثير.
على سبيل المثال، اِرتفعت معدلات سرطان البنكرياس، بالمتوسط، بنسبة أقل من 1 في المئة سنويًا بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و 84، لكن المعدلات ارتفعت بنسبة 2.5 في المئة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و 34 سنة؛ و 4.3 في المئة سنويًا بين هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 29 عامًا.
وعلى عكس السرطانات المرتبطة بالبدانة، لم ترتفع معدلات معظم السرطانات غير المرتبطة بالبدانة والبالغ عددها 18، بين البالغين الشباب خلال فترة الدراسة.
وقال جمال: «الأجيال الشابة تعاني من التعرض المبكر والمستمر لزيادةٍ في كمية الدهون والظروف الصحية المرتبطة بالبدانة والتي يمكن أن تزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان».
الحذر مطلوب
من المهم الأخذ بالاعتبار بأنه على الرغم من أن الشباب قد شهدوا ارتفاعات أكبر في معدلات الإصابة ببعض أنواع السرطانات المرتبطة بالبدانة، فإن المعدل الكلي للإصابة بهذه السرطانات يكون أقل لدى الشباب مقارنةً مع البالغين الأكبر سنًا.
على سبيل المثال، كان معدل الإصابة بسرطان البنكرياس في الفترة من 2010 إلى 2014 حوالي 2 حالة لكل 100 ألف شخص سنويًا بين من تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 49 عامًا، مقارنةً بحوالي 37 حالة لكل 100 ألف شخص سنويًا بين من تتراوح أعمارهم بين 50 و 84 عامًا.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح الباحثون أن دراستهم وجدت علاقةً بين البدانة والسرطان فقط، ولا يمكن إثبات أن البدانة تسبب هذه السرطانات، ولا يمكن أن تُثبت أن انتشار البدانة مسؤولٌ عن الزيادات في معدلات الإصابة بالسرطان لدى الشباب.
على الرغم من أن الباحثين توقعوا بأن زيادات الوزن في العقود الأخيرة قد لعبت دورًا في زيادة حالات السرطان المرتبطة بالبدانة والتي تَظهر في الدراسة، يقول الباحثون: هناك حاجةٌ لدراسات مستقبلية لمعرفة السبب الدقيق وراء تزايد هذه السرطانات بين الشباب.
- ترجمة: بشر معلولي
- تدقيق: محمد قباني
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر