لقد تغيرت الأمور كثيرًا منذ أن كتب أفلاطون كتاب «الجمهورية»، ففي ذلك الوقت أعتقد الناس أن الرحم كائن حي متنفس من تلقاء نفسه، إلا أن هنالك شيء واحد لم يتغير وهو رغبة الناس في ممارسة الجنس من دون قيود.

منذ آلاف السنين والرجال والنساء يريدون ممارسة الجنس من دون الحاجة إلى القلق من انتقال الأمراض لهم أو أن ينتهي بهم الأمر بالحصول على نسخة مصغرة عنهم بعد 9 أشهر.

وقد أصبح لدينا اليوم مجموعة من وسائل منع الحمل المثبتة علميًا، والموجودة تحت تصرفنا انطلاقًا من الحبوب الفموية وصولًا إلى اللولب والواقي الذكري المصنوع من اللاتيكس، إلا أنه في الماضي كان على أسلافنا الاعتماد على طرق مبتكرة أكثر كانت لها معدلات نجاح متفاوتة، فقد استخدموا روث التماسيح وخِصى حيوان ابن عرس وأقراص الزئبق.

ونحن سعداء اليوم بأننا قطعنا شوطًا كبيرًا منذ الأيام القديمة التي اُستخدِم فيها أغطية الليمون وتمائم القطط السوداء، لكن فيما يلي سنستعرض بعضًا من الطرق الغريبة التي اتبعها الناس لتجنب الحمل والأمراض المنقولة جنسيًا عبر التاريخ.

أمعاء الحيوانات:

استخدم الإنسان الأدوات المشابهة للواقي الذكري للوقاية من الأمراض المنتقلة بالجنس وتجنب حدوث الحمل منذ أيام رمسيس وكليوباترا على الأقل، ففي ذلك الوقت ارتدى المصريون القدماء أغمادًا ملونة لتغطية أعضائهم الذكرية والتي كان لها فائدة إضافية في عرض الحالة الاجتماعية وذلك غالبًا ساعد العديد من النبلاء في جلب النساء إلى فراشهن.

وقد خضعت الأداة المشابهة للواقي المسماة بـ (قفاز الحب- love glove) للعديد من التغيرات والتقلبات على مر القرون، وتضمن ذلك استخدام النسخة الورقية الحريرية في الصين، واستخدام نسخ قرون الحيوانات غير المريحة بشكل كبير وظهر السلحفاة في اليابان، ولكن إحدى أكثر المواد شعبيةً كانت أمعاء الحيوانات، ففي عصر النهضة في أوروبا كان الجزارون يصنعون الواقيات الذكرية باستخدام أمعاء ومثانة الحيوانات التي تم ذبحها.

“شكرًا لوجود اللاتيكس”.

أغطية الليمون:

عندما تمنحك الحياة ليمونًا.. من الأفضل في الواقع ألا تستخدمه بهذه الطريقة!

أدخلت النساء في القرن الثامن عشر قلنسوات مصنوعة من نصف ليمونة إلى داخل أعضائهن الأنثوية قبل ممارسة الجنس لتشكيل ما يشبه الغشاء، ونحن نعرف ذلك لأن أكثر زير للنساء مشهور عبر التاريخ، ورجل السيدات في مدينة البندقية «كازانوفا» دوَّن مغامراته في غرف النوم في سلسلة من المذكرات والتي تضمنت كل الأشياء المتعلقة بمنع الحمل التي استخدمتها النساء اللواتي كُنَّ معه.

وفي حين أنه بالتأكيد لن ينصح أي طبيب معاصر بهذا الشيء في أيامنا هذه، لكن هذه الطريقة كانت فعالة أكثر مما نعتقد، فعصير الليمون هو مبيد طبيعي للحيوانات المنوية وبعض الدراسات الحديثة افترضت بأنه قد يساعد في الوقاية من فيروس نقص المناعة المكتسب «HIV» (الإيدز).

الزئبق:

إن ابتلاع 16 شرغوفًا (فرخ الضفدع) مقليًا بالزئبق مباشرة بعد ممارسة الجنس أو في أي وقت آخر بقصد تجنب الحمل هو فكرة سيئة للغاية، ومع ذلك فهذا ما كان تنصح النساء في الصين القديمة بالقيام به بعد ممارسة الجنس.

وربما كان ذلك ناجحًا لكن بشكل غير مناسب، فاستهلاك الزئبق قد يتسبب في حدوث عقم دائم إضافة إلى وجود بعض الآثار الجانبية لاستهلاك الزئبق مثل فشل الأعضاء والشلل وتلف الدماغ والموت.

فالنساء اللواتي يردن تجنب التسمم العرَضي يمكنهم أن يتجنبوا تناول حبوب الزئبق، وعوضًا عن ذلك يمكن أن يتصرفوا بشكل سلبي عند ممارسة الجنس، وهذا الأمر قد ظنه الصينيون القدامى طريقة آمنة أخرى في منع الحمل.

مياه الحدادين

لم يكن الزئبق المادة السامة الوحيدة التي استُهلِكت بانتظام من النساء اللواتي أردن التحكم بنسلهن، فقد كانت المادة الأخرى التي استُخدِمت هي الرصاص، والتي يمكن استعمالها على الأعضاء التناسلية على شكل مراهم أو يمكن أن تُشرب كمحلول. وقد شربت بعض النساء مياه الحدادين، والتي كانت تُستَخدم لتبريد الأدوات المعدنية الساخنة، وعلى ما يبدو حتى وقت قريب من الحرب العالمية الأولى، كانت النساء العاملات في المصانع يأخذن المياه المعدنية إلى المنزل لاستخدامها كوسيلة رخيصة لمنع الحمل.

ونُعيد؛ إن هذا ليس شيئًا يمكن أن تقوم بتجربته في منزلك، فالتسمم بالرصاص من الممكن أن يسبب أذية خطيرة لكل عضو في جسمك، وفي الحالات الشديدة من الممكن أن يتسبب في حدوث اختلاجات وغيبوبة وموت.

خصى حيوان ابن عرس

في فترة العصور الوسطى في أوروبا ارتدت النساء التمائم المصنوعة من خصى حيوان ابن عرس لمنع حدوث الحمل غير المرغوب فيه، وفي بعض الأحيان كانت تُرتدى حول الرقبة، وفي أوقات أخرى كانت تُرتدى حول الفخذ، وفي كلتا الحالتين فقد كان تقييم فعاليتها قريبًا لعلامة الصفر.

ولكن خصى حيوان ابن عرس لم تكن لوحدها أجزاء أجسام الحيوانات التي استُخدِمت في التمائم السحرية، فـ «روث الحمار» ورحم البغل وعظام القطط السوداء كلها قد استُخدِمت وصُدِّقت على أنها طرق فعالة في منع الحمل، فإذا ارتدى الرجل قلادة فيها عظام القطة السوداء أثناء ممارسته الجنس وحبلت المرأة التي مارس معها فهذا يعني أن القطة لم تكن سوداء إلى درجة كافية.

طهي العسل والأكاسيا والتمر

تضمنت (بردية ابريس- The Ebers Papyrus)، وهي أول بردية كتبت في تاريخ البَشرية في  1550 قبل الميلاد، وصفةً لمبيد نطاف طبيعي يُصنع باستخدام التمور والأكاسيا والعسل، فكانت المرأة المصرية تهرس المكونات معًا حتى تُشكِّل عجينة وتدهن هذه العجينة على كرة من الصوف والتي تُدفَع إلى داخل المهبل لتعمل كسدادة قطنية قاتلة للنطاف.

طريقة العسل والتمر والأكاسيا كانت ربما أكثر فعالية مما نظنه عنها، حيث تحتوي شجيرة الأكاسيا على مادة تدعى الصمغ العربي والتي تتخمر وتعطينا حمض اللاكتيك وهو شيء لا زال يتواجد في مبيدات النطاف الموجودة لدينا.

روث التمساح والفيل

بعض النساء المصريات القديمات لجأن إلى خيار أقل جاذبيةً للتحكم بالنسل؛ عجينة مصنوعة من العسل وروث التمساح المجفف، تُدخَل إلى داخل مهبل المرأة حتى تتمكن من التمتع أثناء ممارسة الجنس من دون الخوف من الحمل غير المرغوب فيه، والفكرة هنا هي أن الروث سوف يُضعِف النطاف ويمنع مرور أي حيوان منوي قادم.

وقد استُخدِمت طرق مشابهة في الهند اقتصرت فقط على استخدام فضلات الفيل وفي أجزاء أخرى من العالم استخدمت النساء بذور الخضراوات، حزم الأعشاب البحرية، الطحالب، الخيزران، الجذور المهروسة، وكرات الأفيون.

الكوكاكولا

إذا كنت تظن أن أساليب منع الحمل التي ذكرناها كانت كلها في الماضي وأن الأساليب المستخدمة في القرن العشرين كانت صحيحة وتنويرية وعلمية، فأنت مخطئ للأسف.

في الخمسينات والستينات من القرن الماضي كانت النساء تغسل أنفسهن بالكوكاكولا بعد ممارسة الجنس من أجل قتل النطاف، إلا أن تأثير الكوكاكولا لا يقتصر على أنه مبيد نطاف رهيب، ففي الواقع بعض العلماء يعتقدون أن الغسل يقوم بدفع الحيوانات المنوية إلى الأعلى باتجاه البويضة ويزيد من احتمال حدوث الحمل، وأن سكب الصودا السكرية في المهبل هو طريقة رائعة للحصول على تخمُّر أو عدوى جرثومية.

العطاس

كان (سورانوس- Soranus) لسوء الحظ طبيب أمراض نسائية يحضر إلى النساء في روما القديمة، وكان من المؤيدين بقوة لطريقة العطاس والتي انطوت أساسًا على أن تحبس المرأة أنفاسها أثناء القذف، (حتى لا يتم قذف النطاف إلى عمق جوف الرحم)، ثم تتنفس بعد ذلك وتعطس على الفور لكي تزيل أي حيوان منوي يمكن أن يبقى كامنًا، ومن الآمن أن نقول أن هذه الطريقة أقل فعالية من طريقة السحب.

وتتضمن بعض توصيات سورانوس المشكوك بها مبيدًا منويًا مصنوعًا من قشر الرمان الطازج والمياه وزيت الزيتون يُحقن للحث على الإجهاض، وهذا في حال لم يفي العطاس بالغرض في بداية الأمر.


  • إعداد: أنس حاج حسن
  • تدقيق: هبة فارس
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر