أوغانيسّون (Oganesson) أثقل عنصر كيميائي موجود في الجدول الدوري لكن خصائصه تظهر صعوبات في القياس منذ تصنيعه للمرة الأولى عام 2002 (العناصر المصنعة عناصر لا تتواجد في الطبيعة ولكن يمكن الحصول عليها في المعمل في ظروف خاصة ولكن لعدم استقرارها تنحل وتتحول لعناصر أخرى خلال زمن بسيط).
محاكاة حاسوبية متقدمة أجابت عن بعض الأسئلة المحيرة و أظهرت أن هذا العنصر أغرب مما كان متوقعًا، على المستوى الذري (Og) يكون مختلفًا تمامًا عن العناصر الخفيفة في عدة مستويات أساسية مما يوفر تصورًا مهمًا حول أساسيات عمل هذه العناصر الثقيلة.
المحاكاة التي أدارها فريق عالمي من العلماء أظهرت أن مكونات Og من إلكترونات وبروتونات ونيوترونات لا تتبع نفس القواعد التي تخضع لها الغازات النبيلة التي يشترك معها عنصر Og بنفس التصنيف الدوري مما يظهر تأثيرًا كبيرًا على فهمنا لتصرفات هذه العناصر في هذا القسم من الجدول الدوري.
حسب قول أحد الباحثين ” فيتك نازاراوفيتش” من جامعة ميشيغان:” العناصر الثقيلة جدًا تمثل حد الكتلة والشحنة النوويتين وهي تنتمي للجزء المجهول من سلسلة العناصر والتي لا نعرف عنها الكثير، الأسئلة المتعلقة بالعناصر الثقيلة جدًا تتصدر واجهة أبحاث الفيزياء النووية والذرية والبحوث الكيميائية” .
بحسب نموذج بور للذرة في العناصر الخفيفة تكون الغازات النبيلة والتي ينتمي العنصر أوجانيسون لنفس تصنيفها في الجدول الدوري، الإلكترونات تتخذ عدة مدارات أو مواقع حول النواة في مجموعات تشبه كل منها القشرة التي تحيط بالنواة.
الحسابات المسماة بـ ” وظائف فيرميون لتحديد الموقع” (fermion localisation functions) تستخدم لمعرفة مكان هذه الطبقات الإلكترونية، ولكن بسبب القوى الكهروستاتيكية الكبيرة المولدة عن طريق ذرة الاوجانيسون تظهر تأثيرات النسبية الخاصة.
بعد أخذ تلك الملاحظة في الحسبان استخدم الباحثون شكلًا معدلًا من “وظائف فيرميون لتحديد الموقع” و أطلقوا عليه تسمية “وظائف تحديد الموقع للإلكترون” لحساب موقع الإلكترون في عنصر الأوجانيسون، والذي أظهر أن طبقات الإلكترونات في هذا العنصر لا يمكن التمييز بينها وهو ما جعلها تشكل ما يبدو كأنه نوع من الغاز الإلكتروني حول نواة هذا العنصر، بمعنى آخر يبدو أن عنصر الأوجانيسون ليس كبقية الغازات النبيلة كالزينون والنيون إطلاقًا على أبسط المستويات.
بيتر شفريتفيغر أحد الباحثين من جامعة ماسي في نيوزيلاندا يقول: “على الورق توقعنا أن يكون للعنصر نفس البنية للغاز النبيل كحال بقية العناصر من هذه المجموعة في الجدول الدوري، لكن في حساباتنا تبيّن أن العنصر يفقد بنيته الطبقية الإلكترونية بشكل ما وتندمج المسارات فيما يشبه المعجون من الإلكترونات”.
هذا النظام الغريب للإلكترونات والذي يشبه المعجون أو الغاز ينطبق كذلك على النيوترونات داخل نواة العنصر الثقيل وبحسب حسابات الباحثين فإن البروتونات أظهرت الحفاظ على التنظيم في شكل طبقات.
هنا نتحدث عن مستويات متقدمة من الفيزياء الكمية لكن ما يعنينا أن عنصر الاوجانيسون ليس كبقية العناصر في زمرته من الجدول الدوري.
التشكيل الخاص للإلكترونات وهو ما قد يعني أن العنصر أكثر تفاعلًا من الغازات النبيلة على سبيل المثال.
كذلك من الممكن أن تتراكم ذرات عنصر الأوجانيسون كما في المادة الصلبة في درجة حرارة الغرفة عوضًا عن أن ترتد عن بعضها كما يحدث عادةً في حالة الغاز (أي يكون العنصر في حالة صلبة بدلًا من الحالة الغازية المفترض أن يكون عليها مثل بقية العناصر في مجموعته).
يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذه كلها محاكاة حاسوبية حتى وإن كانت معقدة جدًا لكنها ليست دراسات للعنصر نفسه، حيث أن العنصر صعب جدًا في التصنيع ويدوم لفترة قصيرة وهذا بدوره لا يمكنُنا من اختباره في الحالات الطبيعية، لكن الآن لدينا هذه التنبؤات عن البنية و الخصائص للعنصر رقم 118.
يستطيع العلماء الآن وضع التجارب ومحاولة وضع هذه الفرضيات تحت الاختبار والتأكد منها، و هذه هي المرحلة القادمة من البحث، وربما قد تساعدنا هذه الأفكار على معرفة كيفية تصنيع ذرة أوجانيسون تدوم لفترة أطول من ميللي ثانية (1 جزء من الألف من الثانية).
يقول شفريتفيغر:” الحسابات هي الطريقة الوحيدة لفهم سلوك العنصر باستخدام الأدوات التي نملكها حاليًا ولكنها أتاحت لنا اكتشافات مثيرة”.
- ترجمة: مازن سفّان.
- تدقيق: حسام التهامي.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر