لم يتوصل العلماء حتى الآن إلى لقاح لمرض كوفيد-19 ، لكن توجد لقاحات روتينية لعدد من الأمراض الخطيرة والمميتة التي أهملها بعض الناس هذه الأيام. أصدر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها شهر مايو تقريرًا عن انخفاض حاد في طلب لقاحات الأطفال وصرفها بدءًا من منتصف شهر مارس، وقدّرت منظمة الصحة العالمية أن نحو 80 مليون طفل حول العالم لم يحصلوا على اللقاحات المطلوبة بسبب إجراءات الإغلاق لوقف جائحة كورونا. ولا يقتصر الأمر على لقاحات الأطفال، فلا تزال تطعيمات مهمة جدًا للبالغين مُهمَلةً.
تقول الدكتورة سالي جوزا رئيس الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: «لم تتغير التطعيمات التي يجب أن يحصل عليها الأطفال للوقاية من بعض الأمراض، مثل شلل الأطفال والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، لكن سلوك الناس هو الذي تغير، لأنهم أصبحوا يخشون الذهاب إلى عيادات الأطباء، بعد أن طُلِب منهم البقاء في المنزل لحماية أنفسهم، فقلَّ عدد الأطفال الذين يتلقون اللقاحات الضرورية».
لابد من الالتزام بجدول اللقاحات الذي يضعه مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، تقول جوزا: «لوضع هذا الجدول سبب، فقد حُدِّد فيه تاريخ كل لقاح تحديدًا مدروسًا حتى يحصل الأطفال على الحماية اللازمة من الأمراض فور بلوغهم السن المناسبة، ووُزِّعت اللقاحات لتكون آمنةً وفعالة، فمن المخيف أن يتفشى مرض نستطيع تجنبه باللقاحات مثل الحصبة، لأن كوفيد-19 سيبقى منتشرًا فترةً من الزمن، فلو عرّضنا أنفسنا لخطر انتشار مرض آخر نستطيع منعه باللقاحات، فإننا نزيد من خطر وفاة الأطفال أو مرضهم».
اللقاح الأهم للبالغين هو لقاح الإنفلونزا الموسمية. تقول الدكتورة إيدا ستيوارت رئيس الأكاديمية الأميركية لطب الأسرة: «من الضروري أيضًا الحصول على تطعيم المكورات الرئوية الذي يقي من أحد مسببات الالتهاب الرئوي الحاد الشائعة، وهو مهم جدًا لكبار السن فوق 65 عامًا والمصابين ببعض الأمراض المزمنة، إذ ترتفع نسب الإصابة بالتهاب الرئة والوفيات الناجمة عنه كثيرًا بسبب عدم تلقي اللقاح، ومن الضروري أن يلتزم هؤلاء تلقي لقاحاتهم في مواعيدها».
تقول الدكتورة ستيوارت، التي تعمل طبيبةً معالجة في عيادتها في كولومبيا في ولاية كارولينا الجنوبية: «تزداد أهمية دور الأطباء مع انتشار جائحة كورونا، لأننا نعلم العلاجات واللقاحات الآمنة، ونعرف مرضانا وطبيعة المجتمعات التي نعمل فيها جيدًا، أقول لمرضاي دائمًا: أنا مرشدتكم وشريكتكم في الحفاظ على صحتكم».
بدأ اختصاصيو طب الأطفال بعد تخفيف إجراءات الإغلاق تشجيع الآباء عبر وسائل التواصل أن يصطحبوا أطفالهم للحصول على اللقاحات اللازمة.
تقول الدكتورة جوزا: «نحدّثهم في أثناء زيارتهم للعيادة عن أهمية اللقاحات، ونراقب تطور نمو أبنائهم جسديًا وعقليًا ونطمئن على أحوال العائلات، لأن كثيرًا من الآباء فقدوا وظائفهم، نسألهم هل لديهم طعام يكفيهم؟ وهل هم بحاجة إلى مساعدتنا في إلحاقهم ببرامج الرعاية الاجتماعية؟ لأن مساعدة الآباء على تأمين كل ما يلزمهم لرعاية أطفالهم جزء من عملنا».
يُقلِق تفشي جائحة كوفيد-19 الأطباء على مرضاهم من كل الأعمار، خاصةً في فصل الخريف مع بداية انتشار الإنفلونزا الموسمية، تقول الدكتورة ستيوارت: «لم يتوصل الأطباء إلى لقاح كوفيد-19 بعد، وأفضل ما نستطيع فعله هو تحصين أنفسنا من الانفلونزا العادية، إذ لا نريد أن تنتشر جائحتان في نفس الوقت، لأن هذا سيزيد عدد الوفيات حتمًا».
تزدحم عيادة الدكتورة جوزا في جورجيا بالأطفال في موسم الإنفلونزا كل سنة، وتستقبل 50 – 60 طفلًا يوميًا للحصول على لقاح الإنفلونزا، تقول الدكتورة جوزا: «من المهم أن يحصل نفس هذا العدد من الأطفال على اللقاح في أسرع وقت ممكن، لأننا نرجِّح أن تحدث موجة أخرى من كوفيد-19، وإن حلّت في موسم الأمراض التنفسية -الذي يُصاب الأطفال فيه بأمراض تنفسية أخرى- فسيصعب علينا جدًا معرفة هل الطفل مصاب بكوفيد-19 أم بمرض تنفسي آخر؟
يجب علينا عند مجيء الناس لتلقي لقاح الإنفلونزا أن نعمل بسرعة وكفاءة، وأن ننظم دخول الناس وخروجهم بسرعة، نستطيع نصب خيام في الخارج لتطعيم الناس أو أن نجعل اللقاحات أيام السبت فقط، أظن أن أطباء الأطفال سيجدون أفكارًا رائعة وسينفذونها، لأننا في عام حاسم، ومن الضروري أن نحرص على أن يتلقى أكبر عدد من المرضى لقاح الإنفلونزا. سيكون هذا تدريبًا جيدًا لنا حتى نستطيع التصرف عندما يصبح لقاح كوفيد-19 جاهزًا، لأن عددًا ضخمًا من الناس سيأتي لتلقي اللقاح من الأطفال والبالغين».
اقرأ أيضًا:
آخر الأخبار حول تطوير لقاح فيروس كورونا
ترجمة: منتظر صلاح
تدقيق: وئام سليمان
مراجعة: أكرم محيي الدين