من هو نيك ليسون؟
كان نيك ليسون Nick Lesson شابًا صاعدًا، يتداول في بنك بارينغز Barings Bank الإنكليزي -أحد أقدم البنوك التجارية البريطانية- في عام 1995 حين خسر 1.3 مليار دولار من أموال البنك في عمليات مشتقة خطرة وتداولات غير قانونية. انهار البنك صاحب السمعة الموقرة، بينما قضى ليسون أربع سنوات في سجن سنغافورة.
أصبح ليسون في سن السابعة والعشرين مشهورًا في تداول المشتقات في مكتب بنك بارينغز في سنغافورة، وهي عملية يدخل بها المتداولون في اتفاقية للتداول في تاريخ مستقبلي أو بسعر معين، بعد فهم القيمة المستقبلية للأصل الأساسي المشتق المتوقع أن يكون عليه. أخذ يترقى حتى أصبح المدير العام في قسم التجارة للبنك في سنغافورة.
كان علمه قائمًا على تداول الموازنة arbitrage trading -البيع والشراء المتزامن للأوراق المالية أو السلع في أسواق مختلفة للاستفادة من اختلاف الأسعار لنفس الأصل- وذلك على مؤشر نيكاي Nikkei 250، مؤشر طوكيو الرئيسي، لصالح عملاء بنك بارينغز.
حقق نيك ليسون أرباحًا طائلةً لبنك بارينغز من مجموعة من التداولات في عام 1992. بعدها، في سلسلة من التداولات المتلاحقة المحفوفة بالمخاطر للعقود الآجلة وعقود الخيارات، خسر أكثر من مليار دولار من رأس مال الشركة وأخفى سجلات الخسارة عن رؤسائه عبر تزييف السجلات في حساب أخطاء قليلة الاستخدام تدعى 88888. وقعت أغلب التداولات الخاسرة في سوق العقود الآجلة.
لو اتبع ليسون قواعد صاحب العمل، لكانت معظم تداولاته محايدة نقديًا، إذ يُدير المتداول في مثل هذه الاستراتيجية محفظة استثمارية دون إضافة رأس مال عليها. تعود كل من الخسارات أو المرابح في التداولات على العميل. التعويض الوحيد الذي يكسبه بنك بارينغز هو العمولة. خلال ذلك، يُفترض من المتداول التداول بمحدودية الملكية نيابةً عن البنك نفسه.
عمل خطر
بدأ نيك ليسون بالاستحواذ على أموال البنك للمشتقات المحفوفة بالمخاطر محاولًا استعادة خسائر التداول السابقة. بدأ بالاعتماد على سياسة في غاية الخطورة تدعى المضاعفة – Doubling. أي أنه، في كل مرة يخسر فيها النقود، يراهن بضعف المبلغ الذي خسره على أمل استرداده. وانغمس أكثر فأكثر في احتياطي البنوك، لمواصلة استمرار التداول.
توقفت محاولاته البائسة عن تعويض الخسائر مع بداية عام 1995، عندما ضرب زلزال كوبي Kobe اليابان وانخفض مؤشر نيكي Nikkei كثيرًا.
كانت استراتيجيته معتمدة بالكامل على المراهنة بأن مؤشر نيكي Nikkie سيرتفع. واستمر بالمراهنة في الأيام القليلة التالية على أمل التغيير المفاجئ إلى الأحسن وخسر حتى أكثر من أموال بنك بارينغز.
درس هام للاستفادة:
يعمد المتداول اليائس إلى تعويض الخسائر بواسطة المقامرة أكثر ومن ثم خسارة المزيد من الأموال.
هرب ليسون من سنغافورة، لتجنب الملاحقة القضائية بعد أن أوشكت خططه على الانكشاف تاركًا ورائه اعترافًا خطيًا. قُبض عليه في نهاية المطاف في ألمانيا. كانت خسائره في التداول المقدرة مليار دولار قرابة ضعف رأس مال بنك بارينغز. فأُعلن عن إفلاس البنك الذي تأسس في عام 1762، واشترى البنك الهولندي ING حُطام البنك المُفلس في عام 1995.
الدروس المستفادة
خسر محتال مُفرد تداولات بقيمة 1.3 مليار دولار مستخدمًا أموال الآخرين ولم يلحظه أحد حتى انهيار البنك الدولي الرئيسي. حثت القضية بالتأكيد على مزيد من الاهتمام بالضوابط الداخلية والمزيد من الحرص في تدقيق حسابات المتداولين لتجنب تكرار وجود محتال مارق.
درس صعب
إحدى الملاحظات كانت أن المتداول اليائس من استرداد الخسائر يلجأ إلى المجازفة بأموال أكثر محاولًا تعويض ما خُسر. كانت خسائر ليسون التجارية الأولية أقل من 200 مليون دولار فقط. ارتفع الإجمالي بسرعة فائقة عندما راهن على عقود آجلة أكثر خطورة، متأملًا تقليل خسائره أو محوها.
العواقب
احتفظ نيك ليسون باللقب العالمي للخسائر بسبب التداولات غير المقيدة حتى عام 2008. حجب في ذلك العام من قبل تاجر من Société Générale يدعىJerome Kerviel، الذي خسر أكثر من 7 مليارات دولار في سلسلة من التداولات المزيفة وغير المصرح بها.
خرج ليسون Lesson من السجن في عام 1999. وإضافةً إلى الطلاق ومهنته المدمرة، كان في معركة مع سرطان القولون.
المتداول المحتال
تحدى جميع العقبات، وازدهر في النهاية. كتب ليسون مذكرات، سُميت التاجر المحتال Rogue Trader، التي حُولت بعد ذلك إلى فيلم.
انتقل إلى لعيش في أيرلندا، وتزوج من جديد وانضم إلى دائرة المتحدثين المشاهير، وتخصص بالحديث عن الممارسات المالية المشبوهة.
انتهت عملية تأهيله في عام 2005، حين عين المدير التجاري لنادي Galway لكرة القدم، ليصبح بعدها الرئيس التنفيذي للنادي قبل مغادرته في عام 2011.
اقرأ أيضًا:
أكبر عمليات الاحتيال في سوق الأسهم في العصر الحديث
ترجمة: يوسف حمد
تدقيق: محمد أبو دف