ربما يجب أن تتفقد دواء خفض ضغط الدم الذي تستخدمه إذا كان عمرك يزيد عن 66 سنة، وكنت أكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان الجلد، ذلك ما يوصي به الباحثون في جامعة تورنتو ونُشر في صحيفة الرابطة الطبية الكندية. قال الباحثون إن المعرّضين لخطر تطور سرطان الجلد بصورة ملحوظة هم الذين يزيد عمرهم عن 66 سنة ويتناولون خافضات ضغط الدم من فئة المدرات الثيازيدية لفترة طويلة، وكذلك من هم عرضة لعوامل متخفية من خطر الإصابة بسرطان الجلد كالبشرة السهلة التعرض للحروق أو البشرة الحساسة.
قال د.أرون دراكر العضو في فريق الدراسة: «يُعد الهيدروكلوروثيازيد أحد أكثر المدرات الثيازيدية التي تُوصف، ويبدو أنه من أكثر الأدوية سميةً ضوئية». تعني السمية الضوئية أن الدواء يتفاعل مع الضوء مسببًا استجابة أقوى من المعتاد تجاه التعرض إلى ضوء الشمس.
لكن الأخبار ليست سيئة بالمجمل، قال دراكر: «لم تكن تلك المسألة مهمة في سياق أدوية ضغط الدم من فئة المدرات غير الثيازيدية وهذه أخبار جيدة؛ فتكون الخطة بالنسبة إلى الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان الجلد هي استخدام دواء آخر».
تحذيرات سابقة
قال دراكر: «إنّ افتراض قدرة الهيدروكلوروثيازيد على زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد لدى بعض الأشخاص ليس جديدًا. في أغسطس 2020 أصدرت إدارة الغذاء والدواء تحذيرًا حول ما يسببه الاستخدام المطول للدواء من ارتفاع صغير في خطر الإصابة بسرطان الجلد، وكانت قد أصدرت وكالة الدواء الأوروبية تحذيرًا مشابهًا.
رغم ذلك، قال دراكر أنه وفريقه شرعوا في الدراسة لأن الكثيرين كانوا في ريبة من أمرهم.
في الحقيقة، قال إنّ أحد أطباء القلبية المشاركين في الدراسة لم يكن مدركًا بوجود علاقة ممكنة، وإن العديد من الأطباء شككوا في أمر تلك التحذيرات، وكان يسعى إلى دحض فرضية سرطان الجلد لكن الأمور سارت على نحوٍ مغاير، إذ قال دراكر: «كنا نأمل أن تكون النتيجة عدم وجود خطورة، لكن وجدنا عكس ذلك».
إدراك الخطر
عاينت الدراسة ما يزيد عن 300 ألف شخص ممن بلغوا 66 عامًا أو أكثر وكانوا قد استخدموا أدوية ضغط الدم بين عام 1998 و 2017. قال الباحثون إنه وبالمقارنة مع الذين استخدموا أدوية ضغط غير ثيازيدية، كان لدى الذين استخدموا المدرات الثيازيدية معدل أعلى للإصابة بسرطانات أخرى غير سرطان الجلد بنسبة 53% ومعدل أعلى للإصابة بسرطان الجلد بنسبة 60%.
وأضاف دراكر: «من الجيد معرفة ذلك خاصةً بالنسبة إلى الأشخاص المعرضين لعوامل خطر الإصابة بسرطان الجلد الأخرى»، إضافةً إلى ذلك، قال إنه من الواجب أخذ هذا الخطر بعين الاعتبار لدى من يتناولون أدوية ضغط الدم لفترات طويلة، وإنه من الضروري لمتناولي هذه الأدوية أن يناقشوا مع الطبيب المخاطر المحتملة، ومدى حاجتهم إلى استخدام أدوية أخرى.
يأمل دراكر أن تساعد الدراسة الطاقم الطبي على إدراك هذا الخطر، ويتساءل عن الحاجة إلى إجراء دراسة أخرى في حين كان استخدام هذه الأدوية قد أبلغ عن تحذيرات متكررة في الماضي، وقال: «يمكن أن يكون مجال الدراسة المستقبلية حول تأثير التحذيرات المتكررة في وصف هذه الأدوية».
وجهة نظر أخرى من اختصاصي في الجلد وأمراضه
وهو د. آدم فريدمان، بروفيسور في جامعة واشنطن ومتحدث باسم الأكاديمية الأمريكية لطب الأمراض الجلدية.
قال إنه يؤمن أن هذه الدراسة يمكن أن تؤثر عميقًا خارج مجالها، رغم أنها لم تقدم أي جديد في المجال، وأن هذه المعلومة لم تفاجئه.
وقال لموقع Healthline أنه يرى قوة هذه الدراسة في حجمها، وقال: «يمكن أن نفترض احتمال وجود تداخلات دوائية تتطلب تفكيرًا وتجارب أكثر، لكن معلومات كهذه تجعل الأمر أكثر من مجرد افتراض».
يأمل فريدمان أن تدفع هذه الدراسة الأطباء غير المعنيين بطب الجلد إلى مناقشة تفاعلات الأدوية مع البشرة وأن يمعنوا التفكير في ذلك لأن العديد من الأدوية الموصوفة مثل المضادات الحيوية تتفاعل مع أشعة الشمس، وأضاف: «في مجال عملنا نفكر مليًا بهذه الجوانب في أثناء العلاج، لكنني أعتقد أن هذه المناقشات لا تحدث في الاختصاصات الطبية الأخرى، نرغب أن تصل هذه الرسالة إلى العالم»، ويأمل أن ذلك سيدفع الكليات الطبية إلى تعليم الطلاب حول البشرة بصورة أعمق، وأضاف: «سيشير ذلك إلى قضايا أكبر، ونحتاج أن تكون نصائح الوقاية الشمسية عالمية إذ غالبًا ما تُهمَل العلوم الجلدية في العملية التعليمية للكليات الطبية».
ويقول مشيرًا إلى الموقع الإلكتروني للأكاديمية الأمريكية لطب الأمراض الجلدية: «توجد العديد من المصادر سهلة الوصول إليها»، ويقترح فريدمان على العامة أن يتحدثوا مع أطبائهم إذا كانوا يتناولون الدواء السابق، ويستفسروا حول التداخلات الدوائية مع الشمس والبشرة.
ويضيف قائلًا: «تتداخل العديد من الأدوية مع الشمس، وما يميز هذا الدواء هو أنه مزمنٌ ويُستخدم لفترة طويلة وذلك ما يبرر النقاش حوله».
اقرأ أيضًا:
دواء يستخدم لعلاج تضخم البروستات يظهر نتائج مشجعة في الوقاية من داء باركنسون
دواء لخفض ضغط الدم قد يكون العلاج المنتظر للداء السكري
ترجمة: حيدر بوبو
تدقيق: منى سعيد