صدق أو لا، الخرسانة تزداد صلابة مع الوقت! وفق بيان صحفي نُشر مؤخرًا، صمم فريقٌ علمي نوعًا جديدًا من الخرسانة عالية المقاومة وتتميز بترميم ذاتي، وهي أمتن من أفضل أنواع الخرسانة التقليدية بنسبة 30%، ما يعني تشققات أقل، وحتى إن تشققت فإنها تُرمم ذاتيًا.
من خرسانة غير محمية إلى خرسانة محمية بفاعلية طوال الوقت
في تصريح صحفي، يقول الباحث بيدرو سيرنا في معهد علوم وتكنولوجيا الخرسانة-ICITECH في جامعة Universitat Politècina de València: «إن هذه الخصائص متوفرة بفضل تركيبة هذا المزيج واستخدام مكونات مثل الإضافات البلورية وألياف الألومينا متناهية الصغر وبلورات السليلوز النانوية التي تُحسن قدرة المواد على ترميم ذاتها».
تتفوق هذه المواد على منافسيها بميزة رئيسية أخرى وهي حاجتها القليلة جدًا لأعمال الصيانة الدورية والنوعية؛ فيمكن لهذه المواد الصمود لفترة زمنية أطول من العمر الافتراضي للخرسانة التقليدية البالغ 50 عامًا، وهذا مفيد خصوصًا للبنى التحتية المقامة في بيئة قاسية وعالية الضغط مثل الإنشاءات القريبة من البحر أو محطات الطاقة الحرارية الأرضية.
قالت مارتا رويج فلوريس، باحثة أخرى في ICITECH في تصريح صحفي: «نوضح في هذا المشروع كيف تصبح متانة المواد الإسمنتية ميزة يمكن تصميمها بالجمع بين مكونات هذه المواد وتركيبها الإنشائي؛ لقد صممنا خلطات إسمنتية جديدة وجربنا قدرتها على الإصلاح الهيكلي الذاتي عندما تتشقق، وهي حالة طبيعية تحدث في الإنشاءات الخرسانية المسلحة».
يشكل هذا تحولًا في فلسفة تصميم المتانة، من الفكرة السائدة بانعدام حماية الخرسانة من الظروف المناخية إلى مفهوم الحماية النشطة دائمًا.
بيانات فعلية عن أداء الخرسانة الجديدة
للتحقق من صلاحية هذه التركيبة، قام فريق باستخدامها في بناء ستة هياكل تجريبية كبيرة تخضع حاليًا للتقييم على أرض الواقع، يقع اثنان منهم في منطقة فالنسيا واثنان آخران في إيطاليا وواحد في مالطا وآخر في آيرلندا.
تُراقَب هذه الهياكل باستمرار بتقنية اختبار سرعة النبض بالموجات فوق الصوتية UPV، باستخدام شبكة كبيرة من أجهزة الاستشعار تحت إشراف فريق معهد IDM، ما يتيح للمهندسين التحقق من أداء الخرسانة الجديدة فائقة القوة مع مرور الأيام والأسابيع والسنوات، وهو نظام اختبار يتكون من مصفوفة مستشعرات إلكترونية توفر معلومات فورية ومستمرة عن متانة الهيكل.
قال خوان سوتو، باحث في معهد IDM: «تتيح هذه البيانات للخبراء امكانية التحقق من جودة حالة الهياكل واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تفاقم الضرر، مستخدمين أنسب الطرق للحماية وأجداها اقتصاديًا وأقلها تأثرًا بالعوامل الخارجية أثناء استخدام الهيكل الانشائي».
تمثل البيانات الفعلية لهذه المواد وملف أداءها الفريد نافذة كبيرة لمستقبل البناء والهندسة المعمارية ويمكن أن تؤدي إلى تحسينات مستقبلية في قطاع البناء؛ خصوصًا أن العالم يعاني من خسائر في المواد بسبب الظروف البيئية.
اقرأ أيضًا:
تمكن العلماء من صناعة خرسانة حية تجدد نفسها عند تعرضها للضرر
إذا كانت الخرسانة قويةً بالكفاية لتحمل المباني الضخمة، فلماذا تتكسّر بالمطرقة!؟
ترجمة: بشار منصور
تدقيق: علي الطريفي