بعد مرور أكثر من عام على الإعلان عن اتفاق أوبك لتقليل الإنتاج النفطي ، اعتقدنا أنه سيكون من المثير للاهتمام إلقاء نظرة على آخر الأخبار والتنبؤات بشأن أسعار النفط وكيفية أداء اقتصادات البلدان المنتجة للنفط في ضوء كل ذلك. كما هو الحال في كثير من الأحيان مع قطاع الطاقة ، كان النفط الخام في طليعة الأخبار مؤخرًا. خلال السنوات القليلة الماضية، تركزت القصة على انخفاض أسعار النفط الخام العالمية التي بدأت في منتصف عام 2014، وفي النهاية وصلت إلى أدنى مستوى لها في كانون الثاني من عام 2016، إذ انخفضت إلى أدنى مستوى خلال أكثر من عقد من الزمان. وأدى عدم اليقين بشأن صحة الاقتصاد العالمي فضلًا عن التباطؤ الاقتصادي المروع في الصين والذي بدأ في منتصف عام 2015، إلى انخفاض الطلب العالمي واستهلاك النفط . واستمر منتجو النفط في محاولة يائسة للحصول على حصة سوقية ثمينة من منافسيهم في السوق ، حتى مع استمرار انخفاض أسعار النفط .
في أواخر تشرين الثاني من عام 2016، ولّد اتفاق تجميد الإنتاج بين منتجي النفط الرئيسيين السعودية وروسيا حالة من الحماس، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط في نهاية عام 2016 إلى عام 2017، بالإضافة للتوترات السياسية الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط شمال إفريقيا، وبعد ذلك مُدّد الاتفاق في عام 2018.
إن أعضاء أوبك أثبتوا امتثالهم وقد فاجؤوا الأسواق، التي شككت في البداية في أنهم سيلتزمون بالتخفيضات. وقد سُحبت كمية معتبرة من النفط من السوق، ومع ذلك كان الانخفاض في المخزونات العالمية بطيئًا، نظرًا لارتفاع الأسهم الأمريكية. كما أدت الاتفاقية الدولية لخفض إنتاج النفط الخام إلى إعادة تنشيط المنافسين في قطاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، والتي قوضت جهود المملكة العربية السعودية وروسيا.
في الواقع، توقع بعض المحللين أن يتم التخلي عن الصفقة قبل كانون الأول لعام 2018، خاصة مع تزايد الصراعات الداخلية بين السعودية وإيران مرة أخرى. لذا مع كل ما ذكر أعلاه، كيف يمكن توقع اقتصاديات الدولة المنتجة للنفط الأعلى هذا العام وسط كل هذه الأخبار المحيطة بالنفط؟
لنلقِ نظرة…
الولايات المتحدة الأمريكية:
من المتوقع أن تدعم الزيادة في النفقات الفيدرالية -الناتجة عن صفقة الميزانية- النمو هذا العام والعام المقبل، وهو الأثر الذي ستزيده التغييرات الضريبية المعتمدة في كانون الأول 2017. ومن المتوقع أيضًا أن يستفيد الإنفاق الأسري من سوق عمل قوي ومكاسب إسكانية صلبة، في حين ينبغي أن يظل الاستثمار في الأعمال التجارية مرنًا بناءً على الحوافز المالية والنمو العالمي الأقوى. يرى الخبراء الاستشاريون لـ Focus Economics أن الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفع بنسبة 2.6٪ في عام 2018، وهو ما لم يتغير عن تقديرات الشهر الماضي. بينما في عام 2019، يشهد النمو تراجعًا إلى 2.2 ٪.
روسيا:
من المتوقع أن يرتفع النمو هذا العام، وذلك بفضل تعزيز الاستهلاك الخاص وأسعار النفط القوية. ومن شأن تحسين سوق العمل وانخفاض التضخم تعزيز الإنفاق الأسري، في حين أن ارتفاع أسعار السلع سيدعم نمو الصادرات. ومع ذلك، فإن عدم اليقين الجيوسياسي العالي وإمكانية فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية ما تزال تشكل مخاطر رئيسية على المستقبل. يرى الخبراء العاملون في توقعات Focus Economics أن الناتج المحلي الإجمالي سينمو بنسبة 1.7 ٪ في عام 2018، وهو ما لم يتغير عن توقعات الشهر الماضي. في عام 2019، معدل النمو قد يثبت عند 1.7٪.
المملكة العربية السعودية:
سوف يؤدي ارتفاع إنتاج النفط وارتفاع أسعار الذهب الأسود إلى الانتعاش الاقتصادي لهذا العام. ومع ذلك، فإن تنفيذ ضريبة القيمة المضافة التي عطلت النشاط في بداية العام، والتهديدات الإقليمية المستمرة والاضطرابات السياسية المحلية سوف تؤثر على النمو هذا العام. يتوقع الخبراء العاملون في توقعات Focus Economics نموًا بنسبة 1.7٪ في عام 2018، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن توقعات الشهر الماضي. في عام 2019 قد تصل ذروة النمو حتى 2.3٪.
كندا:
من المتوقع أن تدعم الأساسيات الاقتصادية الصلبة نتائج قوية هذا العام. وعلى الرغم من أن الإنفاق الأسري يميل إلى الاعتدال إذ أن أسعار الفائدة المرتفعة تضغط على المستهلكين المدينين، فإن ديناميكيات سوق العمل الضيقة يجب أن تراعي الأجور. ومن المتوقع أن تدعم صادرات النفط والغاز بالإضافة إلى الاستثمارات القوية للأجانب غير المقيمين. ومع ذلك، ما تزال هناك مخاطر على التوقعات: إذ لا تزال نافتا NAFTA في طي النسيان، ولا تزال سوق الإسكان هشة. ويتوقع المحللون في Focus Economics نموًا بنسبة 2.1٪ في 2018، دون تغيير عن توقعات الشهر الماضي، و 1.9٪ في 2019.
العراق:
هذا العام، يجب أن يستفيد الاقتصاد من ارتفاع أسعار النفط. ومع ذلك، يمكن للاحتجاجات أن تؤثر بشكل كبير على النشاط الاقتصادي، خاصة إذا طال أمدها. بالإضافة إلى ذلك، فإن العجز المالي الكبير وعملية تشكيل الحكومة التي تستغرق وقتًا طويلًا ستمسح هذه التوقعات. يتوقع خبراء Focus Economics نموًا بنسبة 2.4٪ في 2018، بزيادة 0.1% عن توقعات الشهر الماضي، و 3.9٪ في 2019.
إيران:
لا تزال النظرة الاقتصادية الإيرانية غير المؤكدة تعكس العقوبات التي تلوح في الأفق. علاوة على ذلك، فإن الاضطرابات الاجتماعية المتنامية والضغوط التضخمية المتصاعدة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم المستنقع الاقتصادي. ويتوقع خبراء Focus Economics نموًا بنسبة 2.7٪ في النصف الثاني من عام 2018، بانخفاض 0.1 نقطة مئوية عن تقديرات الشهر الماضي. أما في النصف الثاني من عام 2019، من المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 0.9 ٪.
الصين:
من المتوقع أن تؤثر الرياح المعاكسة العالمية والمحلية على النمو في النصف الثاني وما بعده. تشكل الحرب التجارية الشاملة بين الصين والولايات المتحدة الخطر السلبي الرئيسي على التوقعات الاقتصادية للبلاد. ومع ذلك، فإن التهديدات الداخلية ما تزال في ازدياد، بما في ذلك سوق العقارات المتبرد وتخفيض الديون المالية. ويتوقع خبراء Focus Economics أن ينمو الاقتصاد بنسبة 6.5٪ في 2018، وهو ما لم يتغير عن توقعات الشهر الماضي. في عام 2019، قد يشهد الاقتصاد نموًا بنسبة 6.3 ٪.
الإمارات العربية المتحدة:
يجب أن يتسارع النمو في الاقتصاد غير النفطي هذا العام على خلفية الاستثمار القوي. وتجدر الإشارة إلى أن البنية التحتية الضخمة جارية كجزء من استعداد البلاد لاستضافة معرض World Expo 2020، والإصلاحات والحوافز الحديثة الجاذبة للأعمال، وقانون الاستثمار الجديد الذي سيُكشف عنه في الربع الأخير من العام، والذي سيسمح بالملكية الأجنبية الكاملة للشركات في قطاعات معينة ومن المرجح أن يدعم ثقة المستثمرين ويوفر دفعة كبيرة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للبلاد الاعتماد على ديناميكية قطاع السياحة، وخاصة في دبي. يتوقع خبراء Focus Economics أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2.6٪ في 2018، وهو ما لم يتغير عن التوقعات الشهرية السابقة، و 3.2٪ في 2019.
البرازيل:
تم تقليص توقعات النمو في البرازيل للشهر الثالث على التوالي، فقد أدى إضراب سائقي الشاحنات والخلفية العالمية غير الداعمة وارتفاع أسعار النفط إلى تراجع توقعات البلاد. ويرى الخبراء أن الاقتصاد ينمو بنسبة 1.7٪ هذا العام، بانخفاض 0.2% عن توقعات الشهر الماضي. كما أن النتيجة المساعدة للسوق بالنسبة لانتخابات شهر أكتوبر ما تزال حاسمة لضمان الانتعاش المستدام. ومع ذلك، هذا أبعد ما يكون عن المؤكد. في العام المقبل من المتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.5 ٪.
الكويت:
مع التعافي الاقتصادي الجيد، ما تزال التوقعات لهذا العام والعام المقبل إيجابية. يجب أن يعزز الطلب المحلي القوي النمو، الذي يدعمه الانتعاش في كل من الاستثمار الثابت والاستهلاك الخاص. علاوة على ذلك، فإن زيادة إنتاج النفط وارتفاع أسعار النفط ستدفع أيضًا الزخم. ومع ذلك، فإن جهود التنويع يمكن أن تتبدد في أعقاب قطاع نفطي أقوى، وأن تجبر أيضًا على الاقتصاد غير النفطي. ويتوقع خبراء Focus Economics نموًا بنسبة 2.1٪ في عام 2018، بزيادة 0.1% عن توقعات الشهر الماضي، و 3.0٪ في عام 2019.
فنزويلا:
من المتوقع أن يحافظ التضخم المتفشي وتراجع إنتاج النفط ونظام سعر الصرف المختل على الاقتصاد في حالة كساد. كما أن تزايد الضغوط المالية الناجمة عن العقوبات يزيد من تعقيد مشاكل البلد. علاوة على ذلك، من المتوقع أن تكون المقترحات الحكومية الأخيرة غير فعالة في معالجة الأزمة. وقد تؤدي شدة الأزمة إلى تهيئة الظروف للانتقال السياسي، إذ كان آخر حادث محاولة اغتيال واضحة على الرئيس مادورو في 4 آب، وهو سيناريو بدأ بعض أعضاء فريقنا في وضع توقعاته. بالإضافة لاعتراف بعض دول العالم برئيس المعارضة الفنزويلية كرئيس شرعي للبلاد. يرى الخبراء في Focus Economics أن الاقتصاد قد تقلص بنسبة 11.3٪ في عام 2018، أي بانخفاض 0.1% عن توقعات الشهر الماضي. في عام 2019 يرى الفريق انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1 ٪.
النرويج:
من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بوتيرة قوية هذا العام والعام المقبل على خلفية ارتفاع أسعار السلع النرويجية مثل النفط والغاز الطبيعي. كما يجب أن يستفيد اقتصاد البر الرئيسي -الذي يستثني الأنشطة البترولية والنقل المحيطي ذي الصلة- من سوق العمل الضيق وظروف الائتمان المواتية. يتوقع الخبراء في Focus Economics أن إجمالي الناتج المحلي سينمو 2.1 ٪ في عام 2018، بزيادة 0.1% عن توقعات الشهر الماضي، و 2.0 ٪ في عام 2019. كما من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للبر الرئيسي بنسبة 2.4 ٪ في 2018، بزيادة 0.1% عن آخر شهر، و 2.2 ٪ في عام 2019.
اقرأ أيضًا:
كيف تشكل النفط؟ لا علاقة للديناصورات بالموضوع
هل يمكن أن يتسبب استخراج النفط بوقوع الزلازل؟
كيف يتشكل النفط عبر ملايين السنين وما هي الشروط الصعبة التي يجب أن تتوفر لتشكلّه؟
هبوط أسعار النفط: الأسباب الحقيقية
ترجمة : فراس خزام
تدقيق: فارس سلطة