اختيار المعالج النفسي المناسب لك شبيهٌ بعملية اختيار الممثل المناسب في مرحلة إنتاج الفيلم، وهو ما سأناقشه في كتابي القادم «فن الأداء العلاجي».
لا ينبغي أن تبحث عن شخص مؤهل مهنيًّا فقط لهذا العمل، وإنما يجب أن يكون شخصًا ترغب في قضاء الكثير من الوقت معه وبشكلٍ أدق (وقتٍ حميميّ).
فيما يلي بعض الإرشادات لمساعدتك في عملية الاختيار الصحيحة:
- الثقة: ضع في اعتبارك -مهما كان شكل البحث الذي تقوم به لتحديد المعالج المناسب- أنك تريد شخصًا يجعلك تشعر بالأمان الكافي للتعامل مع بعض أكثر الصراعات العاطفية تحديًا في حياتك، وقبل أن تبدأ في مكالمات الاختيار يجب أن تحدد ما تحتاجه من هذا الشريك المحتمل كي تثق به عندما تكون في أضعف حالاتك النفسية.
- المحادثة: اسأل أصدقاءك وأفراد العائلة والزملاء والأطباء وحتى صانع القهوة الذي تتعامل معه عن المعالجين الذين عملوا معهم، فالسرد الشخصيّ المباشر يتفوق على البحث النظري في إعطائك المعلومات المناسبة، وسوف يمنحك هذا إحساسًا ضمنيًا وعاطفيًا بالبيئة التي يخلقها المعالج لعملائه وفيما إذا كان ذلك مناسبًا لك أم لا.
لا يجب عليك الانتباه فقط إلى ما يقوله الناس عن المعالجين، بل يجب أن تلاحظ ما لا يقولونه مثل نغمات أصواتهم والتعبيرات على وجوههم ونظرات عيونهم.
- التصفح: تقدم قوائم المعالجين النفسيين على الإنترنت والملفات الشخصية الخاصة بهم والمواقع الإلكترونية فكرةً عن تدريب كل معالجٍ وشهاداته ومجالات تخصصه، وتُعدّ هذه المعلومات مهمة وواجبةٌ معرفتها ولكن الأمر الأكثر أهمية هو أن تبحث عن أي أدلة حول طريقة الجلوس والتحدث مع الاختصاصي.
مثلاً: ماذا تقول صورهم لك؟ وماذا تخبرك كلماتهم في المقالات والمدونات التي كتبوها؟ وكيف يبدو أصواتهم في البودكاست والتسجيلات الأخرى؟ ما هي قيمهم واهتماماتهم وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على علاقتك كمريضٍ معهم؟ وكيف يمكن أن يراك هذا الشخص ككيانٍ اجتماعيّ ذي علاقات إنسانية وليس كمريض صحة عقلية فقط؟
- الاجتماع: تأتي الآن مرحلة الاختبار؛ وهي مرحلة لقاء المعالجين النفسيين الذين شعرت أنهم قد يناسبوك.
يقدم العديد من المعالجين استشارة مجانية عبر الهاتف لإعطائك الفرصة لطرح الأسئلة عليهم، والأهم من ذلك لاكتشاف شعورك عند الحديث معهم.
في هذه المرحلة من المهم أن تسأل نفسك إذا ما كان هذا الشخص هو الشخص الذي تريد الدخول معه في المجهول في رحلة شخصية تحويلية عميقة، فإذا كانت الإجابة نعم؛ عندئذ امنح نفسك فرصة تجربة بعض الجلسات وتحديًا للعمل بوجود مخاوف أولية وموانع من البقاء مع هذا المعالج الذي اخترته، وفي النهاية يكون الاختيار لك سواء في البقاء مع هذا المعالج أو تجربة غيره.
تذكر دائمًا أنّ فن العلاج النفسيّ شبيه بفن التمثيل، إذ لا يقصد منه فقط التحقق من هويتك كشخص (من أنا)، وإنما أيضًا مساعدتك في توسيع إمكانيات معرفتك بنفسك (من يمكن أن أكون).
- ترجمة: بيان الناموس
- تدقيق: تسنيم المنجّد
- تحرير: يمام اليوسف
- المصدر