يعرف معظمنا النوعين الأكثر شيوعًا من التوائم: التوأم المتطابق والتوأم الأخوي، لكن ما الفارق بينهما؟ وهل توجد أنواع أخرى من التوائم؟
يناقش هذا المقال الأنواع الشائعة والنادرة من التوائم وكيف ينتج كل نوع.
أصل التوائم المتطابقة والتوائم الأخوية:
تُطلَق بويضة أو بويضتين خلال مرحلة الإباضة، وتسمى البويضة الملقحة بحيوان منوي زيجوت (zygote) أو بويضة مخصبة. سرعان ما تنمو الزيجوت وتصبح كتلة صغيرة من الخلايا، ثم تنتقل من قناة فالوب وتنغرس في الرحم. تستمر الزيجوت بالنمو وتبدأ بتكوين مشيمة تمد الجنين بالمغذيات من الأم.
- تنتج التوائم الأخوية عندما تُلقح بويضتان بحيوانين منويين في أثناء دورة الإباضة ذاتها، وعادةً من الأب ذاته. بما أن التوائم الأخوية تنشأ من بويضتين مخصبتين منفصلتين عن بعضهما، لكل منهما جينات مختلفة عن الآخر.
- تنتج التوائم المتطابقة من بويضة مخصبة واحدة تنقسم إلى اثنتين، تتطابق جينات التوأمين في هذه الحالة لأنهما ينشآن من بويضة واحدة ملقحة بالحيوان المنوي ذاته.
التوائم الأخوية:
قد نظن أن المرأة تطلق بويضة واحدة خلال كل دورة إباضة، ولكن الأمور لا تجري دومًا على هذا المنوال، إذ تنشأ التوائم الأخوية عندما تُطلَق بويضتان أو أكثر معًا، ويسمى ذلك بالإباضة الزائدة.
تلقح كل بويضة بحيوان منوي مختلف، ثم ينتج التوأم الأخوي، والذي يسمى أيضًا التوأم ثنائي الزيجوت لأنه ينشأ من بويضتين مخصبتين.
ما مدى تشابه التوائم الأخوية؟
لا تزيد التوائم الأخوية عن أي شقيقين آخرين تشابهًا من الناحية الجينية، لأن كل بويضة وكل حيوان منوي يحتويان على جينات مختلفة تمثل خليطًا من الجينات الموروثة من الأبوين.
لذا، قد يحظى أحد التوأمين بجينات لعينين زرقاوين وغمازات، في حين يكون للآخر عينان بنيتان ولا يملك غمازات. قد يختلف أيضًا جنس التوأمين أو يتشابه عند الولادة.
نشوء المشيمة:
في حالة التوائم الأخوية، تنشئ كل بويضة مخصبة مشيمة مختلفة عند استقرارها في الرحم، وتعمل كل مشيمة على تغذية الجنين إلى حين موعد الولادة، ولكنها قد تندمج لتصبح مشيمةً واحدة. قد يظن بعض الناس أن التوائم متطابقة عندما يلاحظون وجود مشيمة واحدة في الرحم، ولكنهم ليسوا دائمًا صائبين. إذ قد تبدأ المشيمتان بالنمو معًا في حالة التوائم الأخوية نتيجة لازدحام الرحم. فتبدو المشيمتان مشيمةً واحدة، بيد أنهما منفصلتان تشريحيًا ولكل واحدة منهما أوعية دموية مختلفة.
مدى شيوع التوائم الأخوية:
تعد التوائم الأخوية أكثر شيوعًا من التوائم المتطابقة، ويزيد انتشارها في بعض أجزاء العالم عن غيرها. إذ أظهر الباحثون أن معدل نشوء التوائم عالميًا يزيد في أفريقيا وأمريكا الشمالية، إذ تكون 17 بين كل 1000 حالة ولادة لتوأم.
يكمن أعلى معدل لنشوء التوائم الأخوية عالميًا في مجتمع الإيغبو-أورا في جنوب نيجيريا، إذ تكون 45 بين كل 1000 حالة ولادة في المجتمع لتوأم أخوي. في المقابل يعد نشوء التوائم أكثر ندرة في أمريكا الجنوبية وآسيا، إذ يمثل 9 بين كل 1000 حالة ولادة.
لا تختلف معدلات نشوء التوائم المتطابقة جغرافيًا، لكن تتباين معدلات نشوء التوائم الأخوية بدرجة ملحوظة. يقول الباحثون إننا بحاجة إلى مزيد من الدراسات لمعرفة السبب، ولكن قد يرجع السبب إلى أن قابلية حدوث فرط الإباضة المسؤولة عن التوائم الأخوية تزيد وراثيًا.
متى تزيد احتمالية نشوء التوائم الأخوية؟
يزيد التلقيح في المختبر (IVF) ودواء الخصوبة كلوميفين من احتمالية نشوء التوائم الأخوية، وذلك إلى جانب عوامل أخرى مثل:
- أن يزيد سن الأم عن 35 سنة.
- أن يكون مؤشر كتلة جسمها (BMI) أعلى من 30.
- أنها أنجبت في السابق.
- أنها أنجبت توأمًا أخويًا في الماضي.
- إنجاب أمها أو أختها توأمًا أخويًا.
التوائم المتطابقة:
يُعرف التوأم المتطابق أيضًا بأحادي الزيجوت، لأنه ينشأ من بويضة مخصبة واحدة تنقسم إلى اثنتين. يجهل العلماء حاليًا سبب انقسام البويضة، لكن تصبح النتيجة جنينين متماثلين جينيًا لأنهما ينتجان من بويضة واحدة ملقحة بالحيوان المنوي ذاته. يتماثل جنس التوأم المتطابق عند الولادة فيما عدا بعض الحالات النادرة التي يلتبس فيها جنس المولود بسبب الثنائية الجنسية لأعضائه التناسلية.
قد لا يتشابه شكل التوأم المتطابق:
يتشابه شكل التوأم المتطابق إلى حد كبير مقارنةً بمعظم الأشقاء، بيد أن هذا لا يعني أن شكلهما متطابق ولا توجد اختلافات جسدية بينهما.
يتحدد الشكل بعدة عوامل إلى جانب الجينات، إذ قد يُحدث نمط الحياة الذي يعيشه التوأم المتطابق فارقًا كبيرًا في مظهرهما، مثل التدخين أو قضاء وقت إضافي تحت أشعة الشمس أو ممارسة الرياضة أو وجود عوامل إجهاد أخرى في الحياة.
قد نلاحظ بعض الفروقات بين التوأمين المتطابقين عند الولادة أيضًا، إذ قد تحدث طفرات بسيطة في أثناء الحمل ويصبح لدى أحد التوأمين شامة تسهل تمييزه عن الآخر، أو قد يحصل أحد التوأمين على كمية دم من المشيمة أكثر من الآخر ويصبح حجمه أكبر عند الولادة.
مدى شيوع التوأم المتطابق:
تُعد التوائم المتطابقة أقل شيوعًا من التوائم الأخوية، إذ تمثل من 3 إلى 5 حالات بين كل 1000 حالة ولادة، وفي حين أن الحمل بالتوأم الأخوي يميل إلى أن يكون وراثيًا، إلا أن التوأم المتطابق ليس كذلك.
مضاعفات الحمل بتوأم
من الاعتقادات الخاطئة الشائعة أن التوأم الأخوي يملك مشيمتين في حين يتقاسم التوأم المتطابق مشيمة واحدة، لكن ذلك ليس دقيقًا. إذ لا يمكننا التمييز بين النوعين سوى عبر إجراء فحوصات الحمض النووي بعد الولادة.
إذ قد يملك التوأم المتطابق أيضًا مشيمةً واحدة أو مشيمتين، وذلك اعتمادًا على وقت انقسام البويضة المخصبة. فإذا انقسمت البويضة في بعد مرور 3 أو 4 أيام من الإخصاب، فإنها ستنشئ مشيمتين منفصلتين. لكن إذا حدث الانقسام في مراحل أكثر تقدمًا من الحمل، فقد يتقاسم التوأم المشيمة ذاتها.
تكمن المشكلة التي تنجم عن وجود مشيمة واحدة في تقاسم الدم بين التوأمين المتطابقين فيما يُعرف بمتلازمة نقل الدم بين التوأمين، ما يؤدي إلى حصول أحد التوأمين على كمية أكبر من الدم مقارنةً بالتوأم الآخر ليصبح حجمه في نهاية المطاف كبيرًا جدًا، ويصبح الآخر أصغر حجمًا أو ناقص النمو.
لذلك، يعد الحمل بالتوائم أعلى خطرًا من الحمل بطفل واحد، وتوصى النساء الحوامل بتوائم أو توائم متعددة بإجراء المزيد من فحوصات ما قبل الولادة وزيارات إضافية للطبيب بغية ضمان نمو الأجنة نموًا سليمًا.
الأنواع النادرة من التوائم:
تعد التوائم المتطابقة والأخوية النوعين الأكثر شيوعًا، لكن رُصدت حالات نادرة جدًا لأنواع أخرى من التوائم.
التوائم الملتصقة:
ينشأ التوأم الملتصق عندما تبدأ البويضة المخصبة بالانقسام ولكنها لا تنفصل انفصالًا كاملًا، ما يؤدي إلى تكوّن توأمين متطابقان يتشاركان عضوًا واحدًا أو أكثر. يزيد خطر نشوء التوائم الملتصقة في حال انقسمت البويضة بعد الإخصاب بقرابة سبعة أيام.
تتصل التوائم الملتصقة في أماكن متنوعة، مثل البطن والصدر والرأس وغير ذلك. يمكننا فصل التوأمين الملتصقين في وقتنا الحالي ولكن يرجع قرار الفصل إلى الأبوين.
يقدر معدل نشوء التوائم الملتصقة بحالة واحدة بين كل 50,000 ولادة.
التوأم الطفيلي:
بخلاف التوائم الملتصقة التي يتصل فيها توأمان مكتملا النمو، يمثل نوع التوأم الطفيلي فردًا مكتملًا وفردًا آخر متخلف النمو. لا يستطيع الجنين متخلف النمو النجاة ويموت غالبًا قبل الولادة، ما يؤدي إلى ولادة طفل بأطراف أو أعضاء إضافية.
قد ينشأ التوأم الطفيلي بطريقة مشابهة للتوائم الملتصقة وينجم عن عدم اكتمال انقسام البويضة المخصبة، أو قد ينشأ من بويضتين مخصبتين تندمجان معًا وتتوقف إحداهما عن النمو باستقلالية وتظل ملتصقة بالأخرى.
يقدر معدل نشوء التوأم الطفيلي بأقل من حالة بين كل مليون ولادة عالميًا.
التوائم المتكونة في أوقات مختلفة من الحمل:
لا تطلق المرأة بويضات عادةً في أثناء الحمل، إذ تمنع التغيرات الهرمونية دائمًا إطلاق بويضة أخرى ولا تسمح بتكوّن جنين آخر. لكن قد يحدث ذلك في حالات استثنائية، وتُلقح بويضة أخرى في أثناء الحمل وتنمو.
يُعرف ذلك بالحمل الإضافي، وتكون النتيجة جنينين في مراحل مختلفة من النمو بسبب اختلاف وقت تلقيح البويضتين.
لم تُرصد سوى عشر حالات مؤكدة من التوائم الناتجة عن الحمل الإضافي، ورغم اختلاف مرحلة حمل التوأمين، فإنهما يولدان عادةً معًا.
التوائم الناشئة من أبوين مختلفين:
من المحتمل أن يكون للتوأمين أبوين مختلفين في حالة الحمل الإضافي، إذ نظرًا إلى اختلاف أوقات إطلاق البويضتين، قد تُلقح كل بويضة بحيوانات منوية مختلفة من شريكين مختلفين.
التوائم نصف المتطابقة:
نعلم جميعنا أن الحمل ينجم عن تلقيح بويضة واحدة بحيوان منوي واحد، ولكن في حالات شديدة الندرة قد ينتج توأمان عن تلقيح بويضة بحيوانين منويين.
ناقشت دراسة حالة في عام 2019 حالة من التوائم نصف المتطابقة التي افترض فيها الأطباء أن التوأمين متطابقان بسبب وجود مشيمة واحدة، ولكن أظهر الفحص بالموجات فوق الصوتية اختلاف أعضائهما التناسلية، ما أجبرهم على إجراء المزيد من الفحوصات.
تبين بعدئذ أن الحمض النووي لدى التوأمين متطابق من جهة الأم ولكنه يختلف بنسبة 78% من جهة الأب.
وكانت النظرية أن حيوانين منويين لقحا البويضة ذاتها، ثم انقسمت البويضة المخصبة وأنتجت جنينين، أي أن التوأم نشأ من البويضة ذاتها ولكنهما يشتركان جينات من حيوانين منويين مختلفين.
التوائم شبه المتطابقة أو توائم الجسم القطبي:
يقول الباحثون إنه لم تُرصَد أي حالة لهذا النوع من التوائم وإنه ليس لدينا فحص لتمييزه، لذا تعد إمكانية وجود هذا النوع نظريةً عوضًا عن كونها مؤكدةً.
تنقسم البويضة غير الملقحة طبيعيًا خلال عملية الإباضة وتنتج بويضة وتركيبًا إضافيًا يسمى الجسم القطبي، الذي يكون عادةً غير مكتمل التطور ويضمحل.
تقول النظرية إن التوائم شبه المتطابقة قد تنشأ عندما يكون الجسم القطبي قويًا كفايةً للنجاة ويُلقح إلى جانب البويضة، تصبح النتيجة توأمين أخويين متطابقين جزئيًا، لأنهما ينتجان من البويضة ذاتها لكن من حيوانين منويين مختلفين.
يشيع الحمل بتوأمين وتوأم ثلاثي والتوائم المتعددة لدى العديد من الثدييات؛ تحمل أنثى القنفذ الأوروبي مثلًا بتسعة توائم في المرة الواحدة. لكن يميل البشر إلى الحمل بجنين واحد في الوقت ذاته، وفي حين تعدد أنواع التوائم وطرائق تكونها، فإن التوائم المتطابقة والأخوية تظل الأكثر شيوعًا.
اقرأ أيضًا:
نشأ توأمان في دولتين مختلفتين، إليك ما وجده العلماء من الناحية العقلية
هل تشاركت رحم والدتك مع توأم متلاشي؟ تكمن الإجابة في حمضك النووي
ترجمة: رحاب القاضي
تدقيق: أسعد الأسعد
مراجعة: لبنى حمزة
