ترتكب الشركة أحيانًا بعض الأخطاء، مثل أخطاء تسويقية أو فشل منتج ما وسحبه من السوق. يُحدث الاعتذار الجيد في هذه الحالات فرقًا كبيرًا في مشاعر العملاء تجاههم.

يمكن للأمور أن تسوء لأسباب عدة، وعندها لن تكفي معالجة التداعيات الفورية المترتبة على حدوث خطأ ما، وسيتعين على الشركة أن تكون مستعدةً لشرح ما حدث، وفي كثير من الحالات يتوجب عليها الاعتذار.

يمكن للاعتذار توضيح حسن النية، ويُقدم بشكل كفيل بأن يعيد بناء الثقة، في حين قد يزيد الاعتذار السيء تفاقم الأمور في كثير من الأحوال.

بالحديث عن أنواع الاعتذارات المختلفة التي عادةً ما تقدمها الشركات، وعن العوامل الرئيسية التي تجعل من الاعتذار مقبولًا، يساعد فهم هذه الفروق الدقيقة الشركات في التعامل مع الأزمات بشكل أفضل، ما يمكنها من الحفاظ على علاقات إيجابية مع عملائها. كما تساعد العملاء على تكوين انطباعاتهم الخاصة حول صدق هذه الاعتذارات.

من ناحية أخرى، نلاحظ أن الاعتذارات جميعها لا تحمل نفس القصد والتأثير. وعلى مدار تاريخ الاعتذارات التي قدمتها الشركات، ظهر لدينا أربعة أنواع رئيسية للاعتذار:

أولًا:

الاعتذار غير المكتمل: وهو الاعتذار الذي لا يحمل الشركة مسئولية خطئها بشكل كامل، أو يغفل عن التفاصيل المهمة مثل كيفية حل المشكلة.

أطلقت شركة دوف حملة إعلانية عام 2017، لاقت فيها انتقادات واسعة ووُصفت بالعنصرية. وبعد ردود أفعال عنيفة أصدرت الشركة اعتذارًا، تتأسف فيه بشدة عن الإساءة التي تسببت بها. لكن شركة دوف طالتها انتقادات أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي كونها فشلت في الاعتراف الكامل بخطئها، أو لم تشرح الآلية التي ستمنع بها حدوث هذه الأخطاء في المستقبل.

الاعتذارات غير المكتملة تترك العملاء مع شعور بعدم الرضا وانعدام الثقة.

ثانيًا:

الاعتذار مزدوج اللغة: يُستخدم الاعتذار مزدوج اللغة والأعذار المربكة لتجنب الاعتراف بالخطأ بشكل صريح.

مثلًا، في عام 2018، طُلب من المسافرين الصينيين دفع مبلغ أكبر من المسافرين من الدول الأخرى على أنه ترويج للحصول على خصم من شركة World Duty Free في مطار هيثرو.

بعد فترة وجيزة، أصدرت الشركة اعتذارًا باللغتين الإنجليزية والمندرينية، تقول فيه أنها اتخذت خطوات سريعة وأعادت النظر بشكل كامل على الموظفين لضمان ترقية واضحة.

مع أن اعتذار الشركة باللغة الصينية كان موجهًا إلى الجمهور الصيني بشكل صريح، لكن النسخة الإنجليزية لم تكن كذلك، ما أثار استياء العديد من وسائل الإعلام في الصين.

صرحت تشاينا ديلي بتغريدة قائلة: «لا صدق في هذا البيان لأنه لم يفسر سبب إنفاق العملاء الصينيين المزيد من المال، بل ولم يقدم حتى حلًا لمنع حدوثه ثانية».

تخلق الاعتذارات المزدوجة تصورًا عن الشركة بأنها تحاول التهرب من المسؤولية، بالتالي يعدها العملاء اعتذارات غير صادقة.

ثالثًا:

الاعتذار الكامل: وهو الاعتذار المتضمن لكل الأجزاء الضرورية التالية:

  •  الاعتراف بالخطأ.
  •  قبول المسئولية.
  •  التعبير عن الندم والالتزام بمعالجة المشكلة على الفور.
  •  الالتزام بإعادة بناء الثقة.

واجهت شركة جونسون آند جونسون عام 1982 أزمة بعد اكتشاف أن بعض كبسولات تايلينول تحتوي على سموم، ما أدى إلى عدد من الوفيات.

اعترفت الشركة سريعًا بوجود مشكلة وتولت مسؤولية إصلاحها، مستخدمةً التحذيرات الجماعية وعمليات سحب المنتجات، وانتهت الأزمة بتطوير عبوات أدوية مقاومة للتلاعب.

تساعد الاستجابة الشاملة العلامة التجارية مع مرور الوقت على استعادة سمعتها.

رابعًا:

الاعتذار المطول: يأخذ الاعتذار المطول منحنى مختلف، ويتضمن التزامات طويلة الأمد بالتغيير وإجراءات تصحيحية مثل التعويض، وهو الأسلوب المرغوب أكثر من غيره، لأنه يُظهِر جدية الشركة في إصلاح الأمور.

أغلقت شركة ستاربكس العديد من متاجرها عام 2018 لتدريب موظفيها للتعامل مع التحيز العنصري بعد وقوع أي حادثة تمييز، وسجل كيفين جونسون، الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس في ذلك الوقت رسالة اعتذار بشكل شخصي.

يظهر الاعتذار المطول التزام الشركة بالتغيير على نطاق أوسع ويساعد على إعادة بناء ثقة العملاء.

كيف يصبح الاعتذار جيدًا؟

يشعر العملاء بالتجاهل عندما لا تعترف الشركة كليًا بالضرر الذي سببه حدوث خطأ ما، فضلًا عن أن الوعود الغامضة بإصلاح المشكلات التي تفتقر إلى التفاصيل، أمور قد تزعزع الثقة أيضًا.

بالانتقال إلى الحديث عن العوامل التي من شأنها نجاح اعتذار الشركة أو فشله، نخص بالذكر ثلاثة عناصر أساسية:

أولًا: المتحدث الرسمي

للشخص الذي يقدم الاعتذار أهمية كبيرة، فنفوذ المسئول الأعلى مثل الرئيس التنفيذي، تجعل الاعتذار ذو مصداقية أعلى. في عام 2018، فُضح أمر استخدام فيسبوك بيانات المستخدمين، وعندها خرج مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي بنفسه ليقدم اعتذاره، مُركزًا على جدية الشركة في حل تلك المشكلة.

على النقيض من ذلك، فإن اختيار متحدث ينقصه النفوذ أو المصداقية يمكن أن يضعف الاعتذار.

ثانيًا: التوصيل

كيفية تقديم الاعتذار مهمة أيضًا، أي يجب توصيل الاعتذار على نطاق واسع باستخدام قنوات إعلامية غنية يمكنها الوصول بشكل خاص إلى الجمهور المتضرر، مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو التلفزيون أو موقع الشركة على الويب.

في حديثنا عن اعتذار فيسبوك عام 2018، لم تقدمه على موقعها وحسب بل أيضًا أمام لجان الكونجرس المقابلات التلفزيونية وإعلانات الصحف.

ثالثًا: التوقيت

توقيت الاعتذار أمر لا يقل أهمية عن غيره، فالاعتذار السريع يُظهِر جدية الشركة في حل المشكلة، أما الاعتذارات المتأخرة، فهي تُحبط العملاء وتشير إلى أن المشكلة ليست من الأولويات.

ختامًا، ينبغي أن يكون اعتذار الشركة أكبر من قول نحن آسفون فقط، فهو نهج مدروس يأخذ في عين الاعتبار ما قيل ومتى قيل ومن قاله وكيف تم تقديمه، ما يحتم على الشركات أن تكون صادقة وواضحة وسريعة. هكذا يتجلى جوهر إعادة بناء ثقة العملاء بالاعتراف بالعملاء وإظهار الاهتمام الصادق بهم.

اقرأ أيضًا:

ما هو الولاء للعلامة التجارية؟

الوعي بالعلامة التجارية

ماذا يقصد بالنزعة الاستهلاكية؟

ترجمة: ريتا عمر

تدقيق: جنى الغضبان

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر