أعلنت ناسا في آخر أخبارها إلغاءها مهمةً بقيمة 450 مليون دولار، وهذا ما فاجأ الباحثين لأن هذه المهمة كانت تخطط للتنقيب عن الجليد على القمر والعربة الجوالة (الروفر) كانت جاهزة بالفعل.

كان لمهمة VIPER (عربة استكشاف القطب بالتحقق من المواد المتطايرة) هدفًا طموحًا يتمثل برسم خريطة جليدية للقطب الجنوبي للقمر ثم حفره، لكن ناسا قررت إلغاءها بسبب مشكلات في الميزانية وكثير من التأخيرات في بناء العربة الجوالة ومركبة الهبوط التي أدت إلى زيادة التكاليف. والآن، تبحث الوكالة عن شركاء مهتمين باستخدام العربة الجاهزة أو مكوناتها لمهمات قمرية مستقبلية.

أنفقت الوكالة بالفعل ما يقرب من 450 مليون دولار أمريكي على بناء VIPER، وتفيد التقارير بأنها ستحتاج إلى إنفاق ملايين إضافية لإكمال الاختبارات، ما قد يهدد تمويل عمليات الإطلاق الأخرى التي تخطط لها من برنامج خدمات الحمولة القمرية التجارية (CLPS) الذي تعمل فيه مع شركات الطيران والفضاء الأمريكية الخاصة لنقل الأدوات العلمية إلى سطح القمر. وقبل تأخيرات المهمة، كانت VIPER تهدف إلى أن تكون أول مهمة على الإطلاق لاستكشاف الجليد على سطح القمر عند القطب الجنوبي.

وعند إعلان الإلغاء، قالت نيكولا فوكس المديرة المساعدة لمديرية بعثة العلوم في ناسا في واشنطن العاصمة: «كان هذا قرارًا صعبًا حقًا اتخذناه في بيئة الميزانية غير المؤكدة، لكننا نعتقد أن هذه هي الطريقة لدعم CLPS بالكامل».

أعطى الكونجرس الأمريكي ناسا ميزانية أقل لعام 2024 مقارنة بعام 2023، واقترح مجلس النواب الأمريكي ميزانية لعام 2025 بزيادة بنسبة 1% فقط عن 2024 وهي أقل من معدل التضخم الحالي في الولايات المتحدة.

التأجيل ثم الإلغاء:

وافق الكونجرس الأمريكي على إنفاق 433.5 مليون دولار في سبيل بناء VIPER وهبوطها على القمر بحلول نهاية عام 2023. فكانت الفكرة هي أخذ عينات من جليد الحفر المظلمة والباردة في القطب الجنوبي للقمر، بهدف استخراج البيانات عن المواد الكيميائية فيه ومعرفة المزيد عن أصل النظام الشمسي وتكوينه.

قد يُستخدم الجليد أيضًا مكونًا لوقود الصواريخ لرواد الفضاء المستقبليين على القمر. لكن التأخيرات في بناء الروفر والمركبة التي ستنقله إلى القمر دفعت تاريخ الإطلاق إلى أواخر عام 2025، ووفقًا لجويل كيرنز نائب المدير المساعد للاستكشاف في مديرية بعثة العلوم في ناسا، بلغت الزيادة التقديرية في التكلفة 176 مليون دولار ما أدى إلى مراجعة داخلية للوكالة، وانتهت في يونيو إلى هذا القرار.

يقول مسؤولو ناسا إنهم ما يزالون واثقين من شركة الفضاء Astrobotic Technology في بيتسبرغ بنسلفانيا التي تبني مركبة الهبوط لهذه المهمة. ولكن في يناير تسرب الوقود من مركبة بيريجرين التابعة لهذه الشركة وكان من المفترض أنها أول مركبة هبوط أمريكية على القمر منذ 50 عامًا، ما أدى إلى فقدان التحكم بها وعدم وصولها إلى سطح القمر. لكن بعض العلماء يشككون في بيان الوكالة.

يقول كيفن كانون، عالم جيولوجيا القمر في شركة Ethos Space الناشئة في مجال البنية التحتية القمرية من لوس أنجلوس كاليفورنيا: «أعتقد أن هناك مخاوف كبيرة بشأن قدرة Astrobotic على إيصال [VIPER] بأمان إلى السطح. إنه لأمر مخيب للآمال».

ما تزال Astrobotic متحمسة لإطلاق مركبة الهبوط القمرية Griffin عام 2025 مع أن VIPER لن تكون على متنها. وتسعى الشركة للحصول على مقترحات لأجهزة استكشاف أخرى قادرة على نقلها إلى القمر بدلًا من ذلك. وصرّح جون ثورنتون -الرئيس التنفيذي للشركة- لمجلة Nature: «يجب اتخاذ القرارات بسرعة، لكننا نفكر في جميع الخيارات».

مستقبل غير مؤكد:

بدأت VIPER بالخضوع للاختبارات لضمان قدرتها على تحمل الاهتزازات وظروف درجات الحرارة والفراغ في الفضاء. أما الآن فتقبل ناسا مقترحات من الأطراف المهتمة لاستخدام الروفر في حالته الحالية، وإلا فستفكك العربة وتعيد استخدام مكوناتها في مهمات أخرى.

صرّح بنجامين جرينهاغين عالم الكواكب في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز في لوريل ماريلاند: «إن تفكيك روفر كامل جاهز حاليًا للاختبار. كانت مفاجأة كبيرة». ويظن أنه من الأرجح أن تضع ناسا الروفر في التخزين بدلًا من تفكيكه بالكامل.

قالت فوكس خلال الإعلان في 17 يوليو: «حتى مع ما يحدث مع VIPER نبقى ملتزمين بمواصلة دراسة القمر والبحث عن المياه والجليد في جميع مهماتنا المستقبلية».

ما يزال من المقرر أن تطير تجربة استخراج الجليد من الموارد القطبية-1 (PRIME-1) إلى القمر في وقت لاحق من 2024 على مركبة هبوط تجارية بنتها شركة Intuitive Machines للطيران والفضاء في هيوستن تكساس بوصفها جزءًا من برنامج CLPS. إذ نجحت شركة Intuitive Machines في هبوط مركبة فضائية على القطب الجنوبي للقمر في فبراير، مع إن المركبة انقلبت وجمعت بيانات محدودة. ومثل VIPER، تهدف PRIME-1 إلى البحث عن الجليد وحفر سطح القمر.

اقرأ أيضًا:

من يمتلك القمر؟ سباق الفضاء الجديد يعني أنه سيكون هدفًا لاستيلاء الدول

أين سنعيش على سطح القمر؟ الكهوف القمرية الحارة قد تكون الحل

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر